قيود تحريك الدعوى العمومية

كتابة:
قيود تحريك الدعوى العمومية

الدعوى العمومية

إنّ الدعوى العمومية هي دعوى جزائية ضرورية للتمكن من ملاحقة الجاني وعدم إفلاته من العقاب الوارد في القانون الجنائي، فمن غير الممكن معاقبة الجاني بالعقوبة التي يستحقها دون هذه الدعوى، وتبدأ الدعوى العمومية منذ تحريكها بواسطة النيابة العامّة إلى حين الفصل بها من قبل المحكمة المختصة، وصدور قرار قطعيّ غير قابل للطعن، ومن المعروف أن النيابة العامة صاحبة الاختصاص الأصيل في تحريك الدعوى العمومية في أي وقت من الأوقات، إلا أن هناك قيودًا ترد على تحريك الدعوى العمومية لا تتمكن النيابة العامة وقتها تحريك الدعوى العمومية من تلقاء نفسها، إلا أن ذلك يعد استثناءً على الأصل، وفيما يأتي توضيح معنى الدعوى العمومية وخصائصها، وقيود تحريك الدعوى العمومية.

معنى الدعوى العمومية

إن الدعوى العمومية هي الدعوى التي تتولّاها جهة معينة، وتسمى هذه الجهة النيابة العامة، والتي بدورها تقوم بملاحقة المجرميين والتحقيق معهم وعرضهم على المحكمة المختصة للقيام بمحاكمتهم وتنفيذ العقوبة اللازمة بحقهم، فالهدف الأساسي للدعوى العمومية معرفة المجرم الحقيقي وترتيب الجزاء المناسب له، لحماية المجتمع وردع الأشخاص التي تسول لهم أنفسهم ارتكاب الجرائم، بمجرد أن تقع الجريمة يقوم يحق المجتمع في تحريكها ومباشرتها، لأن هذه الجرائم تمس كيان المجتمع وتهدد أمنه واستقراره، فوجود الجريمة يتحتم وجوبيًا وجود عقوبة لردعها، ولكن دون تحريك الدعوى العمومية من غير الممكن إيقاع مثل هذه العقوبات، وتتكون هذه الدعوى من طرفين: النيابة العامة والجاني، حيث إنّ النيابة العامة لها الحق في تحريك الدعوى العمومية في أيّ وقت بصفتها ممثلة المجتمع، إلا أنه في بعض الأحيان قد ترد قيود لتحريك الدعوى العمومية، أما الطرف الثاني فهو الجاني الذي أقدم على ارتكاب الجريمة وكان من الواجب معاقبته على فعلته التي سببت أذى لأشخاص معينين وللمجتمع بأكمله.[١]

خصائص الدعوى العمومية

تُعرّف الدعوى بشكل عام على أنّها: "المطالبة بالحقّ عن طريق القضاء"، أما تعريف الدعوى العمومية بشكل خاص فهي: "مطالبة النيابة العامة إلى القضاء باسم المجتمع أن يوقع العقوبة على المتهم بارتكاب جريمة"، وتتميز الدعوى العمومية بعدة خصائص وهي:[٢]

  • إن الدعوى العمومية هي دعوى ذات طابع اجتماعي؛ لأنّها ملك المجتمع الذي له الحق في معاقبة المجرمين وتحقيق الصالح العام، وبالتالي فإنه من غير الممكن التنازل عن هذه الدعوى، ولا يمكن للنيابة العامة وقفها أو تعطيل سيرها إلا بالأحوال المبينة في القانون.
  • إن الدعوى العمومية هي نتيجة أكيدة لكل جريمة مرتكبة، فأينما وجدت الجريمة يجب تحريك الدعوى العمومية ، ولا يمكن وقف تحريك هذه الدعوى إلا بطرق إنهائها المنصوص عليها في القانون، وبالتالي فإن الدعوى العمومية هي الطريقة الوحيدة لإيقاع العقوبة على مرتكبي الجرائم.
  • إن الدعوى العمومية هي دعوى مستقلة عن دعوى الحق الشخصي، فلا يتوقف تحريك الدعوى العمومية على وقوع الضرر، حيث إن النيابة العامة بمجرّد وقوع الجريمة تقوم بتحريك دعوى الحقّ العامّ، ولو لم يثبت وقوع أيّ ضرر.
  • إن هدف الدعوى العمومية الوصول للحقيقة وصدور حكم بات تنتهي به الدعوى، مما يجعل الدعوى الجزائية وحدة واحدة رغم تعدد الإجراءات التي تتكون منها الدعوى.

قيود تحريك الدعوى العمومية

إن تحريك الدعوى العمومية هي أول إجراء يجعل الدعوى العمومية في أيدي السلطات المختصّة، ومن المعلوم أن صاحب الشأن في تحريك الدعوى العمومية هي النيابة العامة التي لها الحق في تحريك هذه الدعوى من تلقاء نفسها، إلا أن هناك قيودًا لتحريك الدعوى العمومية لا تستطيع النيابة العامة بوجودها تحريك الدعوى العمومية، ومن هذه القيود:[٣]

  • الشكوى: حيث إنّ المشرع قام بتحديد بعض الجرائم التي لا يمكن للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية دون شكوى من صاحب الشأن، حيث إنّ المشرع أعطى صلاحية إقامة الدعوى العمومية لأشخاص معينين كالمتضرر والمجني عليه، والسبب في ذلك أن هناك جرائم تنصب على المصلحة الخاصة للأفراد أكثر من المصلحة العامة للمجتمع، كجريمة الزنا حيث أن عواقب هذه الجريمة وآثارها السلبية تمس بالأسرة وأفرادها أكثر ما تمس المجتمع بأكمله.
  • الإذن: ويعني تصريح من قبل هيئة معينة لاتخاذ إجراءات قانونية بحقّ شخص معين ينتمي إلى هذه الهيئة، ومن الأمثلة على ذلك حصانة أعضاء البرلمان فلا يمكن للنيابة تحريك الدعوى العمومية على أحد النواب دون أخذ إذن من مجلس النواب.

المراجع

  1. جمال محمد مصطفى (2004)، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، بغداد-العراق: المكتبة الوطنية، صفحة 12-13. بتصرّف.
  2. محمد سعيد نمور (2016)، أصول الإجراءات الجزائية (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 157-159. بتصرّف.
  3. علي محمد جعفر (1994)، مبادئ المحاكمات الجزائية (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 57-67. بتصرّف.
9667 مشاهدة
للأعلى للسفل
×