كبار السن أكثر حكمة.. الخبرة تُنتج الحكمة

كتابة:
كبار السن أكثر حكمة.. الخبرة تُنتج الحكمة

كبار السن أكثر حكمة ، أصبحت هذه حقيقة مثبتة، علميًا. أظهرت دراسة جديدة أنه عندما تجادلون والديكم في المرة القادمة، من المفضل أن تصغوا لنصيحتهم. يبدو أن دماغ كبار السن يستطيع التوصل إلى قرارات، أكثر فعالية ونجاعة

يزعجكم الاستماع، طوال الوقت، الى أحاديث عن أمراض القلب والكولسترول؟ لدينا بشرى سارة لكبار السن وها هو البرهان الذي انتظره الأهل في مختلف أنحاء العالم: أظهرت دراسة جديدة أن كبار السن هم أكثر حكمة - بخصوص اتخاذ القرارات الصحيحة، على الأقل. يبدو أن الذين يبلغون من العمر أكثر من 55 سنة يستعملون دماغهم بشكل أنجع، بالمقارنة مع الشباب. هذا لأنهم أقل قلقا من مغبة الوقوع في الأخطاء. حتى وإن أمضوا وقتا أطول للتوصل إلى القرار، إلا أن الطريقة الناجعة التي يتبعونها توفر عليهم الكثير من الطاقات الزائدة التي قد تُبذل هباء.

للوهلة الأولى، يبدو أن الشباب هم أكثر ذكاءً لأنهم يتوصلون إلى قراراتهم بشكل أسرع من كبار السن. لكن الباحثين يدعون بأن هذا يمكن أن يكون الدليل على عدم خبرتهم، بالذات، وليس على مدى حكمتهم. هذه النتائج تناقض النظريات السابقة - والأفكار المسبقة - التي كانت تقول بأن عمل الدماغ لدى الإنسان يصبح أبطأ وأسوأ مع التقدم في السن وبأن هذا يضر بقدرة الإنسان المتقدم في السن على اتخاذ القرارات المنطقية والصحيحة.

خلال الدراسة، التي أجريت في معهد طب الشيخوخة في جامعة مونتريال في كندا، تم فحص 24 شابا تراوحت أعمارهم بين الـ 18 والـ 35 عاما  و 10 أشخاص من كبار السن تراوحت أعمارهم بين الـ 55 والـ 75عاما. وقد طلب الباحثون من المتطوعين تنفيذ سلسلة من المهمات بمستويات صعوبة تصاعدية. خلال تنفيذ المهمات، تابع الباحثون عمل الدماغ لدى كل واحد من المتطوعين وفحصوا المناطق التي يتم تشغيلها، أو عدم تشغيلها، عند ارتكاب خطأ ما. وقد نشرت هذه الدراسة ونتائجها في المجلة الطبية Cerebral Cortex.

المهمات التي طلب من المتطوعين تنفيذها شملت، على سبيل المثال، ملاءمة أزواج من الكلمات لفئات معينة، حسب حرف أول متشابه، أو كلمات على نفس السجع. وخلال التجارب، لم يتم إخبار المتطوعين بنوع الملاءمة التي يجب عليهم إجراؤها، بل تم إخبارهم فقط ما إذا كانوا أخطأوا أو أجابوا جوابا صحيحًا.

محتارون حول موضوع معين؟ أسألوا جدكم وجدتكم

أظهرت نتيجة المسح الدماغي أن أدمغة الشباب وأدمغة كبار السن استجابت بطريقة مختلفة عندما قيل لهم أنهم أخطأوا خلال مهمة ملاءمة الكلمات. فبينما تم تشغيل العديد من المناطق في دماغ الشباب لكي يقرروا ماذا يفعلون لاحقًا، تجاهل كبار السن الخطأ وحافظوا على المناطق المعنية في الدماغ "نائمة" حتى المهمة القادمة.

عندما أخطأ المتطوعون الشباب وكان عليهم تخطيط وتنفيذ استراتيجية جديدة لكي ينفذوا المهمة بشكل صحيح، "جند" دماغهم مناطق مختلفة لهذه العملية، حتى قبل أن تبدأ المهمة القادمة. من ناحية أخرى، عندما قيل لكبار السن أنهم أخطأوا، تم تجنيد تلك المناطق في الدماغ فقط عند بدء المهمة القادمة، وليس قبل بدئها، مثلما حصل لدى الشباب.

 الكبار في السن يقررون إجراء الملاءمات المطلوبة عند الضرورة فقط، وعندما لا يملكون إمكانية أخرى. يقول الباحثون أنه بحسب هذه النتائج يبدو أن أدمغة الأشخاص كبار السن لا تتأثر من النقد بمثلما تتأثر أدمغة الشباب. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل أدمغة السن بدرجة أعلى من الثقة بالنفس بالمقارنة مع الشباب. كذلك، يبدو أن دماغ الإنسان كبير السن "يعرف" أكثر من دماغ الإنسان الشاب كيف يخصص الموارد الصحيحة لتنفيذ المهمة الملقاة على عاتقه.

وطبقا لما يقوله الباحثون، تثبت نتائج هذه التجربة أن الإنسان، بشكل عام، يصبح أكثر حكمة كلما تقدم في السن. ويقولون أيضًا أن أدمغة كبار السن توصلت، في بعض المهمات، إلى نتائج مقاربة للنتائج التي توصلت إليها أدمغة الشباب. على سبيل المثال، أمضى كبار السن وقتا أطول لإنهاء المهمات لكنهم توصلوا إلى نتائج قريبة جدًا من النتائج التي توصل إليها الشباب.

يلخص الباحثون نتائج هذه الدراسة ويقولون أنه من المعروف أن الشيخوخة لا تعني دائمُا تراجع وتدني القدرات العقلية لدى الإنسان. وتظهر أبحاث من هذا النوع أن دماغ الإنسان كبير السن لديه خبرة أكثر، وطريقة عمله في المهمات المذكورة تدل على أنه يعلم بأنه لن يستفيد شيئًا من القرارات المتسرعة، ولذا يحاول التفكير بحكمة.

ويقول الباحثون، أيضا، إن هذا مشابه للحكمة المستخلصة من أحد الأمثال التي ضربها إيزوفوس عن السلحفاة والأرنب: القدرة على الركض أسرع لا تؤدي بالضرورة إلى الفوز في المسابقة - يجب معرفة استغلال قدراتك بالشكل الأفضل.

4072 مشاهدة
للأعلى للسفل
×