كتابة نص وصفي عن المنزل

كتابة:
كتابة نص وصفي عن المنزل

وصف شكل المنزل من الخارج والداخل

سعيد طفل في العاشرة من عمره يعيش في بيته الكائن في زقاق النحّاتين، وذلك المنزل هو إرث العائلة؛ فقد ورثه والد سعيد عن أبيه عن جدّه، ويملك ذلك المنزل مسحة قديمة في معالمه، وقد كان يعيش في ذلك المنزل سعيد مع والده ووالدته وجدّته، ودائمًا ما تسعى الأسرة إلى صبغ ذلك المنزل بصبغة المرح والأمان في آنٍ معًا.


ذات ليلةٍ شتويةٍ كان يجلس سعيد إلى جانب جدّته التي ناهزت السّبعين من عمرها، وهي تُصارع الحياة منذ سبعة عقود خلتْ، وكانت تجلس الجدة على كرسيٍّ يُقال له كرسي المجمرة، وكان ذلك الكرسي مصنوعًا من الحديد مُفرغًا من المنتصف، يجلس الشخص عليه ويضع الجمر في أسفل الكرسي فيتدفأ جسمه مع قدميه في آنٍ معًا.


جلس سعيد كعادته في هذاالوقت ليستمع إلى حديث جدّته الشائق الذي ينفتح له نفسه مع كل غياب للشمس وظهورٍ للقمر، وكان هناك سؤال يشغل بال سعيد منذ فترة طويلة ولم يجد فرصة سانحة أكثر من هذه ليسأل ذلك السؤال الذي شغل عقله وتفكيره، فقال لجدته: يا جدّتي هل لكِ أن تُحدّثيني عن هذا المنزل فيبدو أنَّه أكبر من عمري ولا أستطيع أن أعرف سبب كثرة الغرف واختلافها، ضحكت الجدة من سؤال حفيدها وقالت له: سأحدّثك يا بني عن شيء مضت عليه السنون الطويلة.


هذا البيت يا بُنيّ ورثناه عن جدّ جدّك، ويحكي لي جدّك في ذلك الوقت أنَّ والده قد أشرف على بنائه وكان يبلغ من العمر قرابة الثّلاثين عامًا، وكان يُريد أن يبني منزلًا جميلًا لزوجته التي أحبّ، فكان يهتمّ فيه بأصغر التفاصيل التي قد يعدّها بعض النَّاس ثانوية فيغفلون عنها، ويقسم هذا المنزل إلى طابقين اثنين في كلّ طابق أربع غرف مُختلفة التوزيع، وهذا المطبخ الذي تراه الآن بحلّته الجديدة لم يكن كذلك وسأحدّثك كيف كان فيما بعد يا صغيري.


كان يوجد إلى جانب المطبخ غرفة، وكانت هذه الغرفة تخصّ عاملة المنزل التي كانت تأتي لتُساعد جدّتك في أعمال المنزل، فالمنزل كبير جدًا كما ترى وكانت لا تستطيع أن تُنهي تنظيفه وحدها بل تحتاج إلى مساعدة إحدى العاملات بين الحين والآخر.


عندما تدخل من باب المنزل يا سعيد كنت تسير في الممرّ لبضع دقائق ثم تصِل إلى الغرفة التي كانت غرفة للضيوف، وقد أشرفت أنا وجدّك على اختيار المكملات لأساس الغرفة حتى نضفي لمسة عصرية على الغرفة، ولكنّنا مع ذلك حافظنا على تراث جدّتنا ولم نُغيّر شيئًا من الآرائك المُرصّعة بالصدف، كان مَن يمرّ بجانب بيتنا يا سعيد يحسب أنَّه بيت أحد كبار الدولة أو كبار تجار المنطقة وذلك لشدة الاعتناء ببنائه، وقد طلاه جدّنا الذي بناه باللون الأبيض ومن ثم قام جدك أي زوجي بتجديد ذلك الطلاء والمحافظة على نفس درجة اللون.


كم كنّا ننعم بشرب القهوة صباحًا في حديقة المنزل الخلفيّة التي ترقص العصافير طربًا بين أغصانها، واعتنينا بكلّ شيء فيها ولم نُهمل أيّ تفصيل حتى يُحافظ ذلك البيت على جماله وأناقته.


كيف تبدو حديقة المنزل؟

قال سعيد لجدّته: يا جدّتي وهل كانت حديقة المنزل على تلك الهيئة أو أنّها تغيرت على مر السنين؟، قالت الجدة: كلّ مَن سكن هذا المنزل كان يضع بصمته الخاصة على حديقة المنزل، على أنَّ الأصل لا يختلف يا بني، أذكر حتى الآن ذلك اليوم الذي بدأت وجدّك في زراعة الياسمينة البيضاء التي تراها الآن تملأ الحائط بتلك الزهرة التي تنتعش بها القلوب النفوس، وكنّا نشرب القهوة أنا وجدّك على رائحتها، ودائمًا ما كان يأتي أبوك ويقطف بعضًا من تلك الورود ويهدينا إياها كل صباح.


أما باقي الأشجار فقد زرعها كل واحد من أولادي، فزرع والدك شجرة التوت، وعمك أحمد شجرة البرتقال، وعمتك سهى شجرة الليمون، لقد كان والدك يعتني بشجرة التوت وكأنها أخته أو إحدى قريباته، وكم مرة في ليالي الشتاء وجدت والدك وقد خرج ببطانيَّته إلى الخارج يريد أن يغطي الشجرة من مياهالأمطار التي تهطل ظنًّا منه أنها سوف تبتل ومن ثم تعاني البرد، لقد كان وقتها يا ولدي في مثل سنك الآن.


لقد كنا نتفيّأ في ظل الأشجار صيفًا شتاءً، وكم كانت الفرحة تغمرنا عندما تنبت إحدى الورود وتتفتح وكأن الحياة تتفتح بها في كل عبق، وكان والدك كثيرًا ما يحمل لوحته وألوانه الزيتية التي اشتراها خصيصًا لهذا الغرض، ويرسم كل ما تشاهده عينه في حديقة المنزل من الأغصان التي تتراقص عليها العصافير ذات الألوان المتناغمة والصوت الشجي الجميل، لقد كانت وما زالت حديقة المنزل يا ولدي بمثابة الجنة التي تخرج إليها حتى ننفض عنا غبار الحياة وتعبها والإرهاق الذي نشعر به جراء النشاطات اليومية المترتبة علينا.


كانت تكتمل اللوحة الجميلة يا ولدي في كلّ يوم مساء عندما كنا نأتي بالبطيخ الأحمر ونضعه في البحرة التي تراها وتلعب الآن أنت وإخوتك حولها كل يوم، ومن ثَمّ يأتي جدك من عمله متعبًا فأضع له الطعام خارجًا فيأكل على ضوء القمر، وكم كانت تحلو الحياة في تلك الأوقات، ومن ثم نأتي بالبطيخ الأحمر ونقطعه، وتكون النجوم في هذا الوقت تداعب وجناتنا بضوئها الخافت الجميل، أما رائحة الهواء يا ولدي فلم يكن أي شيء منعش مثلها، فيدخل الهواء في رئتينا لنتنفّسه بروحنا ويعلق حتى هذه اللحظات في الذاكرة.


أنا الآن أعيش على هذه الذكريات يا بني وقد أعدتني إلى الوراء قرابة خمسة عقود، ولكن الآن أشعر في لذة أخرى معك يا صغيري أنت وإخوتك؛ فأنتم الحياة الآن بالنسبة لي.


المنزل الذي أحلم أن أسكن به

انتهت جلسة الحكاية التي جلسها الطفل مع جدته وذهب إلى النوم وخلد إلى فراشه، ولكنَّ النوم لم يأت لزيارته في هذه الليلة كما العادة في هذا التوقيت، وهو يحاول أن يفكّر في كل كلمة قالتها جدته له، وبدأ يفكر عندما يصبح في عمر الثلاثين هل سيفعل كما فعله جده ويعزم على بناء بيت جديد خاصٍّ فيه، أو أنّه سيبقى في هذا المنزل يتوارثه ولد عن ولد، ولكنَّ سعيدًا مال إلى الفكرة الأولى والتي تتلخّص في بناء بيت خاص فيه، وأن يُضفي عليه لمساته الخاصة، وبدأ بالتفكير في شكل ذلك المنزل الذي من الممكن أن يبنيه في المستقبل.


بدأ يتخيل أنَّ البيت الذي سبينيه لا بدَّ أن يواكب العصر الحالي والمستقبل، وسيعمد إلى بنائه من طابقين سيكون الطابق العلوي للأطفال وسيجعل كل غرفة لطفل؛ فلا يكون ولدان في غرفة واحدة، وسيكون الطابق السفلي للضيوف والزائرين، ولا بدَّ أن يجعل من أرضية المنزل مختلفة عن جميع الأرضيات التي رآها من قبل، فهو يحلم أن تكون الأرضية من المياه وأن تكون في الأرضية العديد من الأسماك الملونة وفوقها زجاج شفاف غير قابل للكسر، وسيكون سقف ذلك المنزل مختلفًا عن غيره من الأسقف فهو لا يحب الأشياء الرتيبة على الإطلاق.


قال سعيد في نفسه: لا بدّ أن أجعل مكانًا كبيرًا خلف منزلي حتى أضع فيه الخيول العربية الأصيلة، فأنا أحب أن أمتلك مثل تلك الخيول ثم أخوض السباقات العظيمة فيها، وقد يخطر على بالي أن أركب إحدى تلك الخيول ومن ثم أتجول فيها حول الإسطبل وأنعم بلك الراحة النفسية التي سأحصل عليها منذ الصباح الباكر، وسأفرش منزلي من السجاد ذي اللون الأبيض المعشّق بالخيوط الذهبية التي تتناسبب مع طراز المنزل الرفيع الذي سأختاره، وكذلك فإني سأختار اللون السماوي والزهري لأجعله للستائر والأرائك.


أما حديقة المنزل الخاصة بي ستكون غنيّة بالورود والياسمين؛ لأنَّ تلك الشجرة تعني لجدتي الكثير من الأشياء، ولا بدَّ من أن أفرد جناحًا خاصًا لوالدي في هذا المنزل العجيب والجميل، وسأحاول أن أبني ذلك المنزل على ضفاف بحيرة كبيرة، ولكن لو لم يتسنَّ لي أن أبنيها على ضفاف بحيرة طبيعية فسأصنع بحيرة بطريقة ما، وسأدَعُ كل واحد من أقاربي يبني شجرته الخاصة به، ويعتني بها كيفما أراد، وسأجعل ذلك المنزل هو منزل الأحلام.


لا بدَّ من أن أربّي في ذلك المنزل الرائع الكثير من العصافير التي تضفي على البيت موسيقى يصعب أن يلحنها أي ملحنٍ مهما علا شأنه، الحياة في ذلك المنزل ستكون كما أحب وأريد وسأحقق فيه جميع أحلامي، ثُم غطّ سعيد في نومه العميق وهو يكمل أحلامه عن ذلك المنزل الذي اشتاقت إليه نفسه من الوصف فقط.

7015 مشاهدة
للأعلى للسفل
×