كتاب قصص الأنبياء لابن كثير

كتابة:
كتاب قصص الأنبياء لابن كثير

التعريف بكتاب قصص الأنبياء لابن كثير

صدرت الطبعة الأولى من كتاب قصص الأنبياء للإمام أبي الفداء إسماعيل ابن كثير عام 1968م، وقد كانت فكرة وتحقيق الدكتور مصطفى عبد الواحد؛ إذ رأى أن يتم فصل قسم قصص الأنبياء المذكورة في "البداية والنهاية" لابن كثير في كتاب منفصل خاص به، لكن في الطبعة الأولى والثانية كانت هناك بعض الأخطاء.[١]

يعني ذلك أنّ قصص الأنبياء ما هو إلّا جزء من كتاب البداية والنهاية،[٢] حيث قام الدكتور عبد الواحد بنشر طبعة ثالثة بعد عشرين عامًا من نشر الطبعة الثانية، إذ بذل فيها جهدًا كبيرًا في التحقيق العلمي والتخريج الصحيح للأحاديث لا مجرد النقل فقط، ويتكون الكتاب من 748 صفحة، مقسمة موضوعاته حسب ترتيب الحروف الأبجدية.[١]

موضوعات كتاب قصص الأنبياء لابن كثير

تناول كتاب قصص الأنبياء لابن كثير سردًا دقيقًا لقصص الأنبياء عليهم السلام، وأبرز ما جاء في الكتاب ما يأتي:[١]

  • باب ما ورد في آدم عليه السلام

يذكر ابن كثير قصة آدم من القرآن والأحاديث الشريفة من بداية خلقه، فخروجه من الجنة ونزوله الأرض، ثم التطرق لقصة احتجاج آدم وموسى -عليهما السلام-، وحكاية ابني آدم "قابيل وهابيل"، إلى وفاته ووصيته التي وصى بها ولده شيث -عليه السلام-.

  • إبراهيم الخليل

يذكر ابن كثير حياة إبراهيم عليه السلام وهجرته للشام ومولد إسماعيل، وهجرتهم بعدها إلى جبال فاران، ثم مولد إسحاق -عليه السلام-، وبناية البيت العتيق، والتطرق لصفات إبراهيم -عليه السلام- ووفاته.

  • يونس عليه السلام

التطرق إلى حكاية يونس -عليه السلام- وذكر فضله.

  • قصة موسى الكليم

عرض فيها ابن كثير تفاصيل قصة موسى -عليه السلام- بدايةً من علاقته بفرعون، وسبب خروجه من مصر وتوجهه إلى مدين، وعلاقته بالشيخ الذي زوّجه ابنته، ثم خروجه بأهله وسماعه النداء بالوادي المقدس وإرساله إلى فرعون، وما حدث بعد ذلك من معجزات جعلت السحرة يُؤمنون، وأخيرًا هلاك فرعون، ووفاة موسى عليه السلام.

  • قصة داود عليه السلام

يشرح فيها حياته وما هو صوم داود، ثم يتناول قصة وفاته.

  • قصة سليمان بن داود

يشرح فيها حكايته مع الهدهد وملكة سبأ "بلقيس"، ويتناول فيها الحديث عن عدة أمور منها: ملك سليمان، فتنة سليمان، بساط سليمان، وأخيرًا يذكر كيفية وفاته والمدة التي استمر فيها ملكه -عليه السلام-.

  • قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

يحكي فيها عن حياتهما، ويتطرق إلى بيان سبب قتل يحيى عليه السلام.

  • قصة عيسى بن مريم

يبدأ فيها بالحديث عن السيدة مريم -عليها السلام- وقصة حملها في عيسى -عليه السلام-، وحقيقة عيسى ومعجزاته وحياته، والتطرق لفترة نبوته وحكمه ثم رفعه إلى السماء.

  • الأحاديث

ذكر كل الأحاديث ذات الصلة بقصص الأنبياء والرسل مرتبةً ترتيبًا أبجديًا.

منهج الكتابة في كتاب قصص الأنبياء لابن كثير

عندما ننظر إلى منهج ابن كثير في كتاب قصص الأنبياء سنجد أنّه لم يقع فيما وقع فيه من سبقه من المؤرخين، فقد احتفظ بالصورة الإسلامية ولم يُسرف في الحديث عن الإسرائيليات، وبالتالي جعل قارئ الكتاب يطمئن للمصادر التي اعتمد عليها.[٣]

كان القرآن الكريم فيها هو مصدره الأول ثم السنة النبوية وما جاء في الأحاديث الشريفة، ثم النظر إلى روايات المؤرخين وعُلماء السير بما لا يُخالف ما ذُكر في القرآن والسنة من حقائق،[٣] إذ تتلخص خصائص منهج كتاب قصص الأنبياء فيما يأتي:[٣]

  • القدرة على الاستقصاء الدقيق في الروايات

ما جعل الكتاب أفضل مرجع لقصص الأنبياء.

  • ذكر الأدلة على كل قول

إذ لم يتطرق ابن كثير لقول إلا وأفرد دليله العلمي، ولا يذكر روايةً إلا ويُخبرنا أصلها وحالتها من الصحة أو الضَعف.

  • تسليط الضوء على العظة والعبرة

وذلك بشرح قصد القرآن الكريم في ذكر قصص الأنبياء والمرسلين، إذ جعلها وسيلةً لتقرير الكثير من الأحكام والآداب والأخلاق.

  • دفع الآراء غير الصحيحة عن الأنبياء

من خلال تفسيره المنطقي الذي استطاع به إظهار الحق، لا سيما في تفسير الآيات التي كثر الخلاف حولها، مثل قوله تعالى على لسان لوط: "هؤلاء بناتي هُنّ أطهر لكم"[٤]، وقوله عن يوسف: "ولقد همت به وهم بها"[٥]، وغيرهم.

إنّ المنهج الذي اتخذه ابن كثير في كتابه قصص الأنبياء هو منهج جديد تمامًا لم يسبقه إليه أحد؛ لأنّه لم يذكر أحداثًا تاريخيةً فقط، وإنّما تطرق فيه إلى جوانب أخرى كتفسير الحديث، العظة والإرشاد، اللغة والأدب، وقد مزج بينهما في صورة بديعة، أعطى بها نظرةً إسلاميةً للموضوع بعيدًا عن الحشو الذي لا داع له أو التكلف والخرافات.[٣]

أهمية كتاب قصص الأنبياء لابن كثير

اعتمد ابن كثير على ذكر كل ما يتعلق بالنبي صاحب القصة، وبالتالي لن تكون هناك أيّة معلومات ناقصة أو مبهمة، كما أنّ الكتاب ليس مرجعًا مهمًا لقصص الأنبياء فقط، بل هو مرجع موثوق بذلَ فيه ابن كثير جهدًا كبيرًا في تقصي الحقائق، وسرد الأخبار الموثوق من صحتها.

لا يقتصر الأمر في هذا الكتاب على معرفة قصة كل نبي من الأنبياء، بل يشمل الكتاب تفسيرًا وتحليلًا لآيات القرآن الكريم، والبحث في معانيها ومقاصدها، وشرح ما يُورد من نصوص ومفردات ومعانٍ يصعب فهمها على الشخص العادي، ومن جانب آخر ستكون محصلة قراءة الكتاب ربط قصص الأنبياء بالواقع واستخراج العظة.

يختلف الوقت الذي يُمكن أن تستغرقه قراءة الكتاب من شخص لآخر، حسب عدد الصفحات التي تُقرأ يوميًا، فالكتاب حوالي 748 صفحة، إذا كان لديك بعض الوقت وقرأت 30 صفحةً كل يوم فستحتاج إلى حوالي 25 يومًا للانتهاء من الكتاب، وإذا لم يكن لديك الكثير من الوقت واكتفيت بقراءة 10 صفحات فقط يوميًا، فستحتاج إلى حوالي 3 أشهر.

آراء نقدية حول كتاب قصص الأنبياء لابن كثير

حظي كتاب قصص الأنبياء لابن كثير باهتمام وتقييم واسع من شريحة كبيرة من الأشخاص؛ نظرًا إلى عدد من العوامل التي تفرد بها ابن كثير في الشرح كما ذكرنا سلفًا، ومن أهم هذه الآراء ما يأتي:[٦]

  • اتخذ ابن كثير منهجًا علميًّا بديعًا في عرض قصص الأنبياء، وما يُميّز ما قام به استخدامه طريقة مختلفة عمن سبقوه، ابتعد فيها عن خرافات ما جاء في الإسرائيليات وأكاذيب المؤرخين.
  • سعى ابن كثير في هذا الكتاب إلى تفسير الآيات القرآنية وتوضيح الأحاديث الشريفة، وذلك من خلال الاستعانة بعلماء حديث موثوقين، مثل: النووي، الألباني، الحافظ الهيثمي، ابن حجر العسقلاني، الأرناؤوط وغيرهم.
  • سعى ابن كثير إلى تبسيط الصعاب من خلال توضيح معاني الألفاظ الصعبة والعبارات التي قد تبدو غامضةً للقارئ العادي؛ حيث إنّ الكتاب على عكس ما قد يظن البعض أنّه يحتوي على ألفاظ صعبة وغير واضحة.
  • قيل عن الكتاب أيضًا: "كتاب يتجدّد أثره ويتعاظم كُلّما ازداد به الناس معرفةً، ويمتدّ في الآفاق صيته كلّما غاص الباحثون في أعماقه وجلّوا أسراره وثوّروا كامن كنوزه".[٧]
  • لم يذكر ابن كثير في الكتاب شيئًا غير متأكد من صحته؛ حيث كان يتحرى أصل الموضوع، وكان كثرة التحري من طباعه، وقد قال عنه ابن حجي -وهو واحد من تلامذته-: "أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث ورجالها، وأعرفهم بجرحها وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وما أعرف أنّي اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلّا واستفدت منه".
  • على الرغم من أنّ طبعة كتاب "البداية والنهاية" المأخوذ منه جزء قصص الأنبياء لابن كثير غير موثقة ولا مُصححة، لكنه مرجع دقيق لا زال يُعتمد عليه، حيث قال عنه ابن تغري بردي:"وهو في غاية الجودة".

مقتطفات من كتاب قصص الأنبياء لابن كثير

هناك الكثير من المقتطفات التي تميز بها كتاب قصص الأنبياء لابن كثير، ومن أهم هذه المقتطفات ما يأتي:[٨]

  • "أفرس الناس ثلاثة: صاحب يوسف حيث قال لامرأته: "أكرمي مثواه"، وصاحبة موسى حين قالت: "يا أبت استأجره، إنّ خير من استأجرت القوي الأمين"، وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب".
  • "لمّا أراد موسى أن يُفارق الخضر، قال له موسى أوصني، قال: كُن نافعًا ولا تكن ضرارًا، كن بشاشًا ولا تكن غضبان، ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك إلّا من عجب".
  • "قال الخضر: يا موسى إنّ الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها".

إنّ قصص الأنبياء ما هي إلا جزء من كتاب البداية والنهاية لابن كثير، أراد الدكتور مصطفى عبد الواحد -نظرًا إلى أهميتها وفائدتها الكبيرة- أن يجعلها في كتاب منفصل أطلق عليه قصص الأنبياء لابن كثير، وقد بذل جهدًا كبيرًا في التحقيق والتدقيق ليُخرج لنا طبعةً ثالثةً تكون مرجعًا مهمًا وشاملًا لقصص الأنبياء.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 333 - 735. بتصرّف.
  2. "قصص الأنبياء"، جود ريدس، اطّلع عليه بتاريخ 1/12/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 13 - 16. بتصرّف.
  4. سورة هود، آية:78
  5. سورة يوسف، آية:24
  6. "كتاب قصص الأنبياء"، فلة بوك، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2021. بتصرّف.
  7. "نظرة في كتاب البداية والنهاية / الصفحات: ١ - ٢٠"، مركز الأبحاث العقائدية، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2021.
  8. ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 360 - 524.
5353 مشاهدة
للأعلى للسفل
×