محتويات
حكم إتيان المرأة من الدبر
لا شك أن إتيان المرأة من الدبر أمر محرم في الشريعة الإسلامية بإجماع الأئمة الأربعة، وقد جعله الله كبيرة من الكبائر، فالأحاديث النبوية الشريفة في هذا الأمر تقوي بعضها بعضاً في حكم التحريم، وتخصيص عموم قوله -تعالى-: (نساؤكم حَرْثٌ لَكُم فأتُوا حَرثَكُم أَنَّى شِئتُم)،[١] ومن هذه الأحاديث لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعل هذا فقال: (ملعونٌ من أتى امرأة في دُبُرِها).[٢][٣]
كفارة إتيان المرأة من الدبر
لا يوجد كفارة معتمدة تجب على من قام بإتيان زوجته من دبرها، ولا تحرم عليه زوجته، بل هي باقية على عصمته ويجب عليها عدم إطاعته في هذا المنكر العظيم إذا حدث مرة أخرى أو لم يحدث؛ فيجب عليها رفض ذلك.[٤]
وطاعة الزوج في هذا الأمر لا يعتبر من واجباته الزوجية؛ لأنه أمر محرم شرعاً ولا يحاسبها الله على ذلك؛ لأنها ترفض عمل منكر عظيم قد نهى الله عنه، وهي بذلك تمنعه من القيام بأمر محرم، ولكن إذا أعاد طلب تكرار ذلك الأمر، أو فعلها مرةً أخرى هنا يستباح لها طلب فسخ عقد الزواج؛ لأنه يطلب منها فعل كبيرة من الكبائر التي نهانا الله عنها.[٥]
وقال البهوتي -رحمه الله-: "فإن فعل (أي وطئها في الدبر)؛ عُزِّرَ (أي عاقبه الحاكم العقوبة التي تردعه وأمثاله)، لارتكابه معصية لا حد فيها ولا كفارة"،[٦] فصرح بأنها معصية ولا كفارة فيها، أي إنه يًعاقب عليها بعقوبة تقديرية يقدرها الحاكم أو القاضي، وهو أيضاً قول الحنفية والمالكية والحنابلة، بينما قال الشافعية أن التعزير يكون بتكرار الفعل أما إذا ما تكرر فلا عقوبة لذلك.
الكفارة التي أجمع عليها الفقهاء الأربعة
أجمع الفقهاء على أنه لا يوجد عقاب على من فعل هذا الأمر، وكفارته الوحيدة هي التوبة الصادقة إلى الله -عز وجل-، والندم والعزوف عن هذا الأمر بكل نية صادقة وإخلاص، والإكثار من العمل الصالح، كما قال الله -تعالى-: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم).[٧][٨]
ولا يعني عدم وجود كفارة الاستهانة بهذا الأمر، والنظر إليه كأنه أمر صغير أوهين، ومع عدم وجود كفارة إلا أن هذا الأمر يكون تعدياً على حدود الله وفعل كبيرة من الكبائر؛ التي سيعاقب ويحاسب عليها يوم القيامة، إذا لم يتب فاعلها إلى الله -تعالى- توبة صادقة، وقال المارودي: "اعلم أن مذهب الشَّافِعِيُّ وَمَا عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّ وَطْءَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ حَرَامٌ".[٨]
وقال-تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)،[٩] يوضح قوله -تعالى- على أن إتيان المرأة من المكان الذي حلله الله في حالة الحيض لا يجوز لأنه أذى للمرأة.[١٠]
ومن باب أولى أن الإتيان من الدبر محرم شرعاً لأنه يعتبر أذى للمرأة بكل أحواله، وما أحسن ما نقله القُرطبي -رحمه الله- في تفسيره عن بعض العلماء قال: "حرَّم الله -تعالى- الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة، فأولى أن يُحرِّم الدبر لأجل النجاسة اللازمة".[١٠]
المراجع
- ↑ سورة البقرة ، آية:223
- ↑ رواه الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:10206، إسناده صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 9040. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8990. بتصرّف.
- ↑ صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 875. بتصرّف.
- ↑ منصور بن يونس البهوتي، كشاف القناع عن متن الاقناع، صفحة 190.
- ↑ سورة المائدة، آية:39
- ^ أ ب المارودي، الحاوي الكبير، صفحة 317.
- ↑ سورة البقرة، آية:222
- ^ أ ب ابو عبدالله القرطبي، الجامع لاحكام القران، صفحة 35.