كلمات عن الصلح بين الزوجين

كتابة:
كلمات عن الصلح بين الزوجين

تعريف الصلح وأهميته

الصلح لغة: قطع النزاع، وشرعاً: عقد وضع لرفع المنازعة. وبعبارة أخرى عند الحنابلة: معاقدة يتوصل بها إلى الإصلاح بين المختلفين،[١]ومن أنواع الإصلاح؛ الإصلاح بين الزوجين المختلفين؛ لأن الإصلاح بينهما تبنى عليه البيوت، وتترابط به الأسر التي هي أساس المجتمعات البشرية، وفساد ما بين الزوجين يترتب عليه فساد البيوت، وتفكك الأسر وتشتتها.[٢]

ومن هنا أولى الإسلام العلاقة الزوجية أهمية خاصة؛ فجعلها من أقدس العلاقات التي رتب عليها الحقوق والواجبات، وشرع الإصلاح بين الزوجين لما لهذه العلاقة من آثار تنعكس على الفرد والمجتمع على حد سواء؛ لقوله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا).[٣]

فضل الإصلاح بين الزوجين

إنّ وقوع المشاكل بين الزوجين هو أمر وارد وكثير الحدوث؛ للطبيعة البشرية التي تحتمل الخلافات بشكل عام، ولخصوصية العلاقة الزوجية بما فيها من تقارب شديد بين الزوجين في جميع التفاصيل وأدقها، وبسبب اختلاف طبائع كل منهما، وتباين أدوارهما بالحياة؛ فقد تنشأ بعض الخلافات التي قد تعكر صفو المعيشة واستقرارها، والتي إن استحكمت أدت إلى صعوبة بل واستحالة الحياة الزوجية.

لذلك فقد جعل الله -عز وجل- لمن سعى في الإصلاح بين الناس بشكل عام أجراً كبيراً؛ لما فيه من رأب للصدع وقوة للمجتمع المسلم، لقوله -عز وجل-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكُم).[٤]

وإن كان هذا الفضل في الإصلاح عموماً، فإن لمن تدخل في الإصلاح بين الزوجين أجراً أعظم عند الله؛ لأن ما يسعى إليه الشيطان هو التفرقة بين الزوجين والإفساد بينهما بأية طريقة ممكنة؛ حيث جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أصبَح إبليسُ بثَّ جنودَه فيقولُ: مَن أضَلَّ اليومَ مُسلِمًا ألبَسْتُه التَّاجَ، قال: فيخرُجُ هذا فيقولُ: لم أزَلْ به حتَّى طلَّق امرأتَه).[٥]

طرق الإصلاح بين الزوجين

وضع الله -عز وجل- طرقاً وتسلسلاً لحل الخلافات بين الزوجين؛ بحيث جعلها خطوات متتالية متتابعة لا تسبق إحداها الأخرى، وجعلها متفاوتة في درجاتها حتى تتناسب مع حال المشكلة وشدتها؛ فقسم الحل كما يأتي:

الحل الخاص بين الزوجين

في أي خصومة بين الزوجين ينبغي أن لا تخرج المرأة من بيت زوجها؛ لئلا يدخل شياطين الإنس والجن، ويفسدون العلاقة بين الزوجين؛ بإلقاء العداوة بينهما بما يزينونه من الباطل من القول لكي يفرقوا بينهما، والإفساد بين الزوجين أو المتخاصمين هو شأن شياطين الإنس والجن في كل زمان ومكان.[٦]

وذلك بالإيحاء بزخرف القول غرورًا، ولا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزوجية، ولا أن يُخرجها زوجها عندما يطلقها الطلقة الأولى أو الثانية؛ لئلا تتسع الشُّقّة والخلاف بينهما.[٦]

ولذلك فإن الحل يبدأ من داخل البيت وبخصوصية تامة بين الزوجين، قال -تعالى-: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).[٧]

وإذا نشزت الزوجة وتمردت، وعصت دون وجه حق، فقد وجّه الله الزوج بأن يبدأ تدريجياً بحل الأمر؛ فيبدأ بوعظها بالكلمة الطيبة والنصيحة الخالصة، فإن لم تستجب فبهجرها في المضاجع، ثم جعل آخر الحلول الخاصة بينهما بضرب الزوجة الناشز، وعلى أن يكون ذلك بالضرب الرمزي غير المبرح، ولا المضر، ولا المهين.

الحل بالتدخل من أهل الزوجين

قال -تعالى-: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)،[٨]فإن اشتد الشقاق والنزاع بينهما وبدت ثمار الفرقة تتكشف، وجه الله -عز وجل- الزوجين لضرورة تدخل حكمين من أهلهما؛ بكونهما الأقرب لهما، والأعرف بحالهما، والأدعى لأن تسكن إليهما النفوس.

على أن يكون الحكمان ممن يتمتعون بالصلاح والحكمة والعقل، وأن يحملا النوايا الصادقة في الإصلاح الحقيقي بين الزوجين؛ فيسمعانهما، ويذكرانهما، ويساعدان في حل المشكلة القائمة بروية وعدل وحكمة، فإذا نفدت وسائل الإصلاح والجمع، وتحقق لدى الحكمين أن التفريق أجدى لهما، فالفرقة في هذه الحالة أفضل؛ قال -تعالى-: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ).[٩][١٠]

وينبغي على الزوجين أن يتذكرا أن قوام هذه العلاقة مبني على المودة والرحمة، لقوله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون).[١١]

وبأن يتذكر كل واحد منهما للآخر كل جميل أو كلمة طيبة أو عشرة حسنة، فإن الله -تعالى- وفي معرض الحديث عن الطلاق قال: (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)،[١٢]فإن من باب الأولى أن يعفو الزوج عن زوجته، وأن تتذكر الزوجة فضل زوجها وهو كذلك، وبأن يتقيا الله في نفسيهما وفي بعضهما.

المراجع

  1. وهبه الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 330. بتصرّف.
  2. شحاتة صقر، دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، صفحة 283. بتصرّف.
  3. سورة الفرقان، آية:54
  4. سورة الانفال، آية:1
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:6189، أخرجه في صحيحه.
  6. ^ أ ب شحاتة صقر، دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، صفحة 283.
  7. سورة النساء، آية:34
  8. سورة النساء، آية:35
  9. سورة النساء ، آية:130
  10. عبدالله البسام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، صفحة 476. بتصرّف.
  11. سورة الروم ، آية:21
  12. سورة البقرة، آية:237
5100 مشاهدة
للأعلى للسفل
×