كلمة عن المدرسة
المدرسة هي البيتُ الثاني الذي يَقضي فيه الطالب أجملَ سنين العمر، وهي المكانُ الذي يتعلّم فيه الطالب أوّل العلم وأوّل الحروف والأرقام، فالمدرسة هي المكان الذي يتهجّأ فيه الطالب أول كلماتٍ يقرأها وفيها يحسب أوّل أرقامٍ في حياته، وفيه يملك كتبًا ودفاتر ترافقه طوال سنين دراسته، فالمدرسة مخزون الذكريات وصديقة أجمل أيّام العمر، والمكان الذي يلتقي فيه النّاس بأروع الأصدقاء الذين يظلّون معه ويرافقونه على مدى سنين العمر، لأنّها المكان الذي يتخلّص فيه المرء من جهله ويبدأ بالتخطيط لحياته ومستقبله لينهل من نور العلم وضيائه.
للمدرسةِ دورٌ فاعلٌ في حياة الجميع، فهي التي تُعدّ أبناء المجتمع للحياة العلمية والعملية، وهي المكان الذي تتبلور فيه الشخصية، وتتحدّد فيه معالم المستقبل، ويبدأ فيه الطالب في تحديد هدفه وطموحه، فالمدرسة هي مفتاح تحقيق الطموح والمستقبل، ولهذا ينتمي إليها الطالب بكلّ ما فيها من زملاء وأصدقاء ومعلّمين، ويعتبرهم عائلته الثانية؛ لأنه يقضي معهم وقتًا طويلًا، كما أنّ معلّم المدرسة هو المساهم الأول في تثقيف الطالب وتعليمه كلّ شيء، وإعطائه جميع المتطلبات العلمية والعملية، وهو الذي يُربي ويُعلّم، فوظيفة المدرسة لا تقتصر فقط على التعليم وإنما أيضًا على التربية والتثقيف والتوعية.
المدرسة تُعلّم الطالب على الانضباط والنظام، وتعلّمه على الاستيقاظ باكرًا والانتظام داخل الحصص والغرف الصفيّة، كما تعلمه احترامَ المعلّم والزملاء، كما أنّ المدرسة تُتيح للطالب اكتشاف مواهبه الحقيقية وتحديد ميوله، وتُعطيه دافعًا كي يُمارس شغفه في التعليم، وبها يستطيع كل طالب أن يرسم ملامح مستقبله، لأنّه يعرف فيها أيّ مادة دراسية تعجبه أكثر، فالرائع في المدرسة أنّها تُعطي الطالب أشياء كثيرة عن كل شيء، فهي تعلّمه اللغات والعلوم والدّين والرياضة والفن، ولا يقتصر العلم فيها على عنوانٍ موحد كما في الجامعة.
للمدرسةِ حقٌّ كبير يجب على الطالب أن يؤديه، فهي ليست مجرّد غرفٍ صفية ومقاعد دراسية والواح وأقلام ودفاتر، بل إنّ قيمتها المعنوية أكبر بكثير من كلّ هذا، لذا يجب الحفاظ عليها كما لو أنّها بيت العائلة، ويجب الحفاظ على موجوداتها وممتلكاتها وعدم العبث بها، وتجنب الكتابة على جدرانها، بالإضافة إلى الحفاظ على مرافقها العامّة ومرافقها الصحية، والاهتمام بنظافة ساحاتها والحفاظ على نظافتها، واحترام وقت القدوم إليها وعدم التأخر عليها أبدًا؛ لأنّ من أراد النجاح الباهر في مدرستِه، عليه أن يكونَ طالبًا نجيبًا مهتمًّا كي يكون مصدر فخرٍ لمدرسته ومعلّميه وأهله، فالمدرسةُ مكانٌ لا يُقدَّرُ بثمن، وفيها يَقضي الإنسانُ أروعَ الذكريات والأيّام.