كلمة عن حسن الخلق
إن حُسن الخُلق من أعظم مكارم الأخلاق المشهورة عند العرب، والتي وصى بها الإسلام حين مجيئه، وإذا حلّلنا هذا المصطلح من جهة اللغة العربية سنجد أنّه يتألف من كلمتين، فالحسن هو الشيء الذي يسُر ويُبهج، وهو ما تتطلع إليه النفس، والخُلُق هو ما يصدر عن النفس من الأخلاق والسجايا، فيكون المصطلح بصياغة أخرى للعبارة هو أعظم ما تتمنى النفس الحصول عليه من الأخلاق وأكرمها.
لكن لو تساءلنا: كيف يكون المرء حسن الخلق؟ بعبارة أخرى: كيف نحكم على إنسانٍ ما أنّه حسن الخلق؟ الإجابة هي أنّ حسن الخلق يكون في المرء إن كانت فيه عدة خصال، ومنها أن يكون صادقًا، فالصدق يهدي إلى الصلاح، والصلاح يهدي إلى حسن الخلق والخير، فالكذاب لا يمكن له أن يكون حسن الخلق لأنّ كذبه يسول له ما لا يُستساغ، وكذلك الصادق يكون قليل الكلام لكيلا يقع في زلات اللسان غير المحمودة التي يمكن لها أن تؤذي الآخرين، ولكن الكذاب لا يمسك لسانه ومن أجل ذلك فإنّه يقع في الكثير من الأخطاء التي تؤذي الآخرين، وحسن الخلق يتعارض مع إيذاء الآخرين.
كذلك من علامات حسن الخلق في الإنسان أن يكون سمحًا هينًا لينًا لا يكثر الجدال ولا النقاش في غير مكانه، فكثيرًا من النقاشات الطويلة تتحول إلى جدال والجدال يتحول إلى مشاحنة والمشاحنة مصيرها معروف وهو الخصام، فهل حسن الخلق يعني مخاصمة الناس والإساءة إليهم؟ بالطبع لا، ولكنّه الإحسان إليهم ومعاملتهم على الوجه الذي ينبغي والذي قد وصّى به الأنبياء والصالحون وجاءت به الشرائع السماوية كافّة.
حسن الخلق مداره على معاملة الإنسان للآخرين، فإذا صدق فهو يصدق معهم أولًا وإن كان الصدق ينفعه، ولكن لا يمكن للإنسان أن ينفع نفسه وهو يؤذي الآخرين، فإذًا هي معادلة حسابية فيها 1+1=2، فكما أنّه لا يمكن لذلك الناتج عن هذه المعادلة أن يكون أقل أو أكثر من 2 فكذلك لا يمكن لحسن الخلق أن ينفصل عن الإنسان نفسه وعن المجتمع المحيط به.
من حسن الخلق كذلك أن يبتعد الإنسان عن كلّ ما ليس له شأن به، فلا يتدخل في أمور الآخرين لما في ذلك من حرج يسببه الإنسان للآخرين ولنفسه، وفي الحديث الشريف الذي يحفظه جميع المسلمين يقول رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- معلمًا المسلمين والبشرية بأسرها: "من حُسْنِ إسلامِ المرء تركهُ ما لا يعنيهِ"[١]، فإذًا قد وضع النبي -عليه الصلاة والسلام- النقاط على الحروف، وأعلن للناس جميعًا أنّ الذي يتدخل في شؤون الآخرين هو رجل لم يكتمل إسلامه، وبذلك لا يمكنه مزاحمة الصالحين الذين قد اتبعوا تلك الوصية وابتعدوا عن إيذاء الناس ولو من دون أن يعلموا.
إنّ حسن الخلق هو مفهوم عام يندرج تحته كل ما من شأنه أن يجعل الإنسان يحيا حياة هانئة لا يؤذي فيها الآخرين، بل ويعاملهم كأحسن ما يعامل الإنسان به إنسانًا آخر.
لقراءة المزيد، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: موضوع تعبير عن القيم والأخلاق.
المراجع
- ↑ رواه ابن عبد البر، في التمهيد، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:195، حديث مرسل يصح من طرق.