قانون الإثبات
إنَّ الإثبات بشكلٍ عام يعني إقامة الحجة والدّليل، أما عن الإثبات في القانون فإنّه يُعرف على أنه: "إقامة الحجة والدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها لإثبات حق أو واقعة تترتب عليها آثار قانونية"، ومن المعلوم أنَّ قواعد الإثبات تحتل أهمية كبيرة في حل الخصومات بين النّاس، فهي من الوسائل التي ترد الحقوق إلى أصحابها، وإقامة العدل والعدالة بين الناس، وخلق الثقة لدى الأشخاص بالمرفق القضائي، والقاعدة العامة في الإثبات أنَّ المدعي هو من يقع عليه الإثبات، استنادًا إلى مقولة: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"، ونظرًا لأن لكل قاعدة استثناء قد خُصص هذا المقال لتوضيح كيفية إثبات عقد العمل، وبيان الطبيعية القانونية لعقد العمل.[١]
كيفية إثبات عقد العمل
إنَّ كيفية إثبات عقد العمل يعتمد على أن يكون العقد مكتوب، خاصّة أنَّ الكتابة هي شرط للإثبات وليس ركنًا من أركان عقد العمل، فهذا الأخير يُعد من العقود الرضائية والتي لا يُشترط لانعقادها شكل خاص، ومن المُفترض أن يُحرر عقد العمل في حال كتابته إلى ثلاث نسخ، لكل من طرفي العقد نسخة، أمّا النسخة الثالثة فتكون لمكتب التأمينات الاجتماعية المُختص؛ وذلك من أجد التّأكد من أنَّ صاحب العمل قام بالتأمين على العمال، ويجب أن يشمل عقد العمل على البيانات الآتية: اسم صاحب العمل وعنوان ومحل العمل، اسم العامل ومهنته ومحل إقامته وما يلزم لإثبات شخصيته، بالإضافة إلى بيان العمل المُتفق عليه والأجر المتفق عليه، وبالتالي فإنَّ توفير العقد على النحو السابق من مسؤوليات صاحب العمل، وفي حال عدم كتابة العقد على النحو السابق لا يترتب على ذلك بطلان العقد.[٢]
ولكن لا يجوز لصاحب العمل إثبات العقد أو أي من المسائل السابقة بغير الكتابة؛ بمعنى أنه لا يجوز لصاحب العمل إثبات أي حقوق أو التزامات تقع على عاتق العامل إلا من خلال الكتابة أو ما يقوم مقامها من إقرار أو يمين، فلا يجوز أن يلجأ إلى قواعد الإثبات الأخرى عن طريق البينة أو القرائن، أمّا بالنسبة للعامل في حال عدم وجود عقد عمل له أن يثبت العقد بجميع قواعد الإثبات المنصوص عليها في القانون باعتباره الطرف الضعيف في عقد العمل، ويجوز للمحكمة المُختصة أن تنتدب خبير ليتحقق من صحة ما يدعيه العامل، ولكن في حال إن كان العقد مكتوبًا لا يجوز للعامل أن يثبت ما يخالفه إلا بالكتابة، باستثناء إن كان العقد تجاريًّا بالنسبة لصاحب العمل، فيجوز للعامل الإثبات بما يُخالف الكتابة؛ أي بكافة طرق الإثبات الأخرى.[٢]
الطبيعة القانونية لعقد العمل
بعد بيان كيفية إثبات عقد العمل يجب معرفة ما هي الطبيعة القانونية لعقد العمل، فعقد العمل ذو طبيعة خاصة يدخل في تكوينه العديد من الأنظمة القانونية المُختلفة، كما أنه يتسم بمجموعة من الخصائص والسّمات التي تُميزه عن غيره من العقود الأخرى، فهُناك من يُعرف عقد العمل على أنه: "عقد ثنائي مأجور ينفذ بالتتابع ويبرم باعتبار شخصية المتعاقد ويصدر في الوقت نفسه عن القانون العام والقانون الخاص والقانون الجماعي"، كما وأن عقد العمل مُستقل في طبيعته وخصائصه الأمر الذي يجعله ينفرد عن العقود الأخرى الواردة على العمل، مما لا يجعل منه محل إثارة لأي شكوك في إشكالية تكييفه القانوني، أمّا عن الصبغة التي يتميز بها عقد العمل فهو ذو صبغة اجتماعية بحتة، فالمشرع أخذ بعاتقه حين تنظيم قانون العمل حماية الطرف الضغيف في العقد ألا وهو العامل، وحماية جميع الحقوق الثابتة له والامتيازات الممنوحة له.[٣]
المراجع
- ↑ "قانون الإثبات"، www.marefa.org، 29-4-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد حسين منصور (1995)، قانون العمل في مصر ولبنان، بيروت: دار النهضة العربية، صفحة 296-297 .
- ↑ بشير هدفي (2003)، الوجيز في شرح قانون العمل (الطبعة 2)، الجزائر: جسور للنشر والتوزيع، صفحة 61-62. بتصرّف.