كيفية الاغتسال من الدورة الشهرية

كيفية الاغتسال من الدورة الشهرية

ما هي الكيفية المشروعة الواردة عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- للاغتسال من الحدث الأكبر؟

الغسل هو إفاضة الماء على أعضاء البدن كافة دون تدليك تلك الأعضاء، وقد ورد ذلك في قوله في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا}،^[١] وأمَّا صفة الغُسل وكيفيَّته وأنواعه فقد بيَّنتها الأحاديث الشريفة،^[٢] وبذلك انقسم الغسل إلى قسمين، غسلٌ مجزئ وغسلٌ كامل:

الغسل المجزئ

ما هو الغسل المجزئ؟ وما هي خطواته؟

هو أدنى الغُسل الذي لا يحوي على أيّ زيادات مسنونة مثل غسل القدمين أو المضمضة أو الاستنشاق وغيرها، ويحصل به الطهور وتجاز به الصلاة وغيرها من العبادات التي تتطلب طهورًا، وخطواته هي أن:^[٣]

• ينوي المغتسل أن يرفع الحدث الأكبر عن بدنه.
• يفيض الماء على رأسه عامَّةً مرة واحدة.
• يفيض الماء على جسده مرة واحدة، وبذلك يحصل الطهور.

الغسل الكامل

ما هو الغسل الكامل؟ وما هي هيئته؟

وهو الغسل الوارد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجميع سننه، والمندوب للمسلم أن يتَّبعه، وقد ورد في حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- فيما يخص هيئة غسل النبي عليه الصلاة والسلام: "أنَّ رسولَ اللهِ كانَ إذا اغتسلَ منَ الجنابةِ وضعَ لَه الإناءُ فيصبُّ علَى يدَيهِ قبلَ أن يُدخلَهما الإناءَ حتَّى إذا غسلَ يدَيهِ أدخلَ يدَه اليُمنَى في الإناءِ ثمَّ صبَّ باليُمنَى وغسلَ فرجَه باليُسرَى حتَّى إذا فرغَ صبَّ باليُمنَى علَى اليُسرَى فغسلَهما ثمَّ تمضمضَ واستَنشقَ ثلاثًا ثمَّ يصبُّ علَى رأسِه ملءَ كفَّيهِ ثلاثَ مرَّاتٍ ثمَّ يفيضُ علَى جسدِه"،^[٤] وأمَّا شرح الخطوات فهو كالآتي:^[٥]

• ينوي المغتسل أن يرفع الحدث الأكبر عن بدنه.
• يسمي بالله تعالى فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم.
• يغسل كلتا يديه ثلاث مرات.
• يغسل فرجه بالماء باليد اليسرى.
• يتمضمض ثلاث مرَّاتٍ.
• يستنشق ثلاث مرَّات.
• يغسل وجهه ثلاث مرَّاتٍ بالماء، وإن كان رجُلًا فعليه أن يخلل لحيته بالماء.
• يغسل يديه إلى مرفقيه ثلاث مرات.
• يبلل شعره بالماء حتى يبلغ الماءُ أصول منبت شعره.
• يفيض الماء على رأسه ثلاث مرَّات.
• يصب الماء على كامل جسده مرةً واحدة.
• يغسل قدميه في نهاية الغسل.

علامات الطهارة للمرأة

متى أغتسل من الدورة الشهرية؟

لا يصح للمرأة أن تقيم العبادات التي تحتاج إلى طهارةٍ مثل الصلاة والصيام وغيرها حتى ترى علامات الطهارة من الحيض، وقد يلتبس على المرأة طهرها وتكون جاهلةً بعلامات الطهر؛ بسبب تقدم دورتها في بعض الأيَّام وتأخرها في أيَّام أخرى، وما قد يحصل لها من العوارض الأخرى،^[٦] وأمَّا علامتا الطهر فهما:

• القصة البيضاء: أي نزول القصّة البيضاء من فرج المرأة، وقد عرَّف العلماء القصة البيضاء بأنّها علامة الطّهر التي تُميّزها المرأة عندما تنتهي من الدّورة الشّهريّة، وهي عبارة عن ماء أبيض أشبه بالمني يخرجه الرَّحم عند انقطاع دم الحيض، أو هي الشيء الذي يخرج من قُبُلِ النّساء في آخر أيام حيضهنّ ليكون دلالة على طُهرهنّ، وإشارةً للبدء في أداء العبادات من جديد؛ كالصّلاة والصّوم وغيرها، وقد يختلف لون القصة من امرأةٍ إلى أخرى، ولكن يكون اختلافًا خفيفًا والله أعلم.^[٧]

• انقطاع الدم: أمّا العلامة الثّانية للطّهر؛ فهي انقطاع دم الحيض، ويكون ذلك عن طريق احتشاء المرأة قطنة أو نحوها موضع خروج الدّم، فإن خرجت بيضاء لا أثر عليها من آثار الدّورة الشّهرية؛ كدم، أو صُفرة أو كُدرة، يجب عليها المُبادرة بالغسل، وفي ذلك قال النّوويّ رحمه الله: "علامة انقطاع الحيض ووجود الطهر: أن ينقطع خروج الدم، وخروج الصفرة والكدرة، فإذا انقطع طَهُرت سواء خرجت بعده رطوبة بيضاء أم لا".^[٨]

أما لو رأت كدرة أو صفرة بعد طهرها فلا يعد حيضًا أبدًا بل شأنها شأن البول -أي تفسد الوضوء- وعلى المرأة الاستنجاء منها ومن ثم تتوضأ وتقيم العبادات كما شرع الله، وقد صحَّ عن أم عطية رضي الله عنها أنَّها قالت: "كُنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرَةَ والصُّفْرَةَ شيئًا"،^[٩] والله هو أعلى وأعلم.^[٨]

هل هناك دعاء للطهارة من الحيض

ما هو الدعاء المشروع عند طهارة المرأة من حيضتها؟

إنَّ الدعاء هو شرعة الله لعباده في كل حين، وقد يرد سؤالٌ ما هو دعاء الطهارة من الحيض، أو ماذا نقول عند الاغتسال من الدورة الشهرية، وقد وقف أئمة أهل العلم عند ذلك وقالوا بأنَّه لا دعاء خاصّ بالطهارة من الحيض أي لا يوجد دعاء مخصوصٌ تقوله المرأة عند اغتسالها من الحيض، بل لها أن تقول من الأذكار الواردة في الكتاب والسنة ما شاءت.^[١٠]

وللمرأة أن تدعو بما شاءت حتى ولو كانت غير طاهرة، فالدعاء لا تلزمه الطهارة، لقول الله تعالى في سورة آل عمران: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}،^[١١] والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.^[١٢]

هل يجوز الاستحمام أثناء الدورة الشهرية؟

والدورة الشهرية أو الحيض هي الفترة التي تتوقف فيها المرأة عن العبادات التي تحتاج إلى طهارةٍ في البدن مثل الصلاة، ويمتنع زوجها عن وطئها حتى تنتهي من حيضها ويثبت طهرها، وقد تتساءل بعض النساء عن غسل الشعر في فترة الحيض، ومنهنَّ من قد تميل إلى الاستحمام في أول أيام الدورة، وأمَّا حكم ذلك الفعل من النَّاحية الشَّرعية فهو مباحٌ ولا شيء على المرأة، ويصح لها أن تستحمَّ ما شاءت ومتى شاءت.^[١٣]

فقد يحصل مع المرأة عارضٌ مثل الجنابة، فيجوز لها أن تغتسل منها كأن يباشر الرجل زوجته من غير أن يطأها وتحتلم وينزل منها الماء، وأمَّا من يقول بأنَّه ليس على المرأة أن تغتسل في حيضها، ولا أن تقص شعرها أو أظافرها فإنَّه قولٌ باطلٌ لا صحَّة له حسب أهل الفقه والعلم، والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.^[١٣]

حكم تأخير الغسل من الدورة الشهرية

ما الحكم الشرعي لتأخير المرأة غسلها من دورتها الشهرية؟

قد تمّ الحديث -سابقًا- أنّ علامة الطّهارة تكون، إمّا بالجفاف أو بنزول القصّة البيضاء، وإذا رأت المرأة إحدى هاتيْن العلامتيْن عليها بالغسل اتّفاقًا مع اختلافهم في وقت الغسل، فمنهم من يرى أنّه من الواجب عليها أن تُبادر بالغسل، ومنهم من يرى أن تنتظر قليلًا إذا رأت الطّهر بالجفاف؛ لأنّ عادة الحيض أن يجري وينقطع، أمّا من شكّت بالطّهر فالأصل بقاء ما كان على ما كان، أيْ بقاء الحيض لحين التأكّد من انقطاع جريانه، ثم بعدها تغتسل والله هو أعلى وأعلم.^[١٤]

وأمَّا من يؤخّر الغسل بسبب الخوف من زيادة مرضٍ ألمَّ به، أو تأخرٌ لشفاءٍ يرجوه -ولو كان ذلك ظنًّا غلب عليه- فله أن يتيمم، لقول الله تعالى في سورة النساء: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}،^[١٥] ومتى ذهب العذر وبرئ من المرض يجب عليه أن يغتسل، ولو استطاع أن يغسل من بدنه شيئًا دون إحداث ضررٍ فعليه ذلك، ويتيمم لباقي الأعضاء، والله أعلم.^[١٦]

حكم إزالة الشعر قبل الغسل من الدورة الشهرية

هل يصح إزالة الشعر بالنسبة للمرأة أثناء الحيض؟

قد تلجأ بعض النساء إلى إزالة الشعر في أثناء الحيض أو النَّفاس أي قبل الغسل، ولا ضير في ذلك ولا حرج عليها، وأمَّا من قال بأنَّه لا تصح صلاة من لم يزل شعر العانة والإبط أكثر من أربعين يومًا فإنَّه قولٌ باطلٌ لا دليل عليه، والأصل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرشد إلى عدم ترك الشعر أكثر من أربعين يومًا؛ لما قد يلحق ذلك من الأذى على الفرد وما قد يتسبب له من الإحراج في انبعاث الروائح الكريهة وغير المحببة.^[١٧]

وقد يقول بعضهم بأنَّ الغسل باطلٌ في حال لم يحلق شعر العانة أو ينتف شعر الإبط، والقول في ذلك أنَّ الأصل من الغسل هو وصول الماء إلى البشرة، فمجرد صب الماء على المنطقة لا يكفي ولا يجزئ، فلو كان الشعر كثيفًا يمنع من وصول الماء إلى البشرة فعليه أن يدلّكه ويخلّله كي يصل الشعر إلى البشرة،^[١٨] وترك الشعر لمدةٍ تزيد عن الأربعين يومًا يعدُّ مكروهًا في الشريعة الإسلاميَّة، والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.^[١٩]

المراجع

1. ↑ سورة النساء، آية:43
2. ↑ محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 248. بتصرّف.
3. ↑ محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 252. بتصرّف.
4. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:243، حديث صحيح.
5. ↑ محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 53. بتصرّف.
6. ↑ محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 307. بتصرّف.
7. ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3851. بتصرّف.
8. ^ ^{أ ب} محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 380. بتصرّف.
9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم:326، حديث صحيح.
10. ↑ محمد صالح المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 354. بتصرّف.
11. ↑ سورة آل عمران، آية:191
12. ↑ محمد صالح المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 192. بتصرّف.
13. ^ ^{أ ب} محمد صالح المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 492. بتصرّف.
14. ↑ "أحكام تخص المرأة المسلمة"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-03. بتصرّف.
15. ↑ سورة النساء، آية:43
16. ↑ سعيد بن وهف القحطاني، صلاة المريض، صفحة 16. بتصرّف.
17. ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 727. بتصرّف.
18. ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1675. بتصرّف.
19. ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 708. بتصرّف.