كيفية التخلص من الوساوس الشيطانية

كتابة:
كيفية التخلص من الوساوس الشيطانية

وسوسة الشيطان

يعود معنى الشيطان إلى الشيء القبيح، وهو مأخوذ من الفعل شَطَنَ، ومعناه: إبليس وهو الرّوح التي تغوي النّاس لفعل الفساد، ويُقال أنّ معناه: الحيّة الخبيثة، وتجتمع معاني الشّيطان نحو السّوء والشّرّ، فهو كلّ متمرّد همّه الوسوسة لإلقاء الإزعاج والأذى الطّفيف، ممّا ينتج عن ذلك تفشّي الأذى من شخص لآخر والحضّ على الكراهية؛ لأنّ الشيطان لا يأتي بالخير، فوظيفته الرّئيسة هي الوسوسة لفعل المنكر، لذلك سبب تسمية الشّيطان بهذا الاسم يعود إلى إخراج إبليس من الجنّة وإنزاله إلى الأرض بسبب مخالفة أوامر الله تعالى، كما أنّه أوّل من وسوس لآدم -عليه السّلام- وزوجته فجعلهما يعصيا أمر الله باقترابهما من الشّجرة، وأكلهما منها بعد أن كانا في الجنّة ونعيمها، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ وسوسة الشيطان تؤثّر في النّفس البشريّة، وعلى الرّغم من تأثيرها إلاّ أنّ الإنسان يستطيع التّخلّص منها، ولذلك سيتمّ التّعرّف في هذا المقال على كيفية التخلص من الوساوس الشيطانية، بالإضافة إلى أصل الوساوس وأسبابها وأنواعها.[١]

كيفية التخلص من الوساوس الشيطانية

إنّ كيفية التخلص من الوساوس الشيطانية ليست بالأمر الصّعب، حيث يستطيع الإنسان أن يتّبع طرق لها فعاليّة كبيرة في إبعاد إغواء الشيطان عنه، وكيفية التخلص من الوساوس الشيطانية وردت في قول الرّسول عليه السّلام: "يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: مَن خلق كذا؟ مَن خلق كذا؟ حتى يقول: مَن خلق ربُّك؟ فإذا بلغه، فقولوا: اللهُ أَحَدٌ، اللهُ الصَّمَدُ، لمَْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوٌا أَحَدٌ، ثم لْيتفُلْ عن يسارِه ثلاثًا، ويستعذْ بالله من الشَّيطانِ"،[٢]، وفيما يأتي بيان كيفية التخلص من الوساوس الشيطانية:[٣]

  • أن يمتنع الإنسان عن الاسترسال مع الوساوس الشيطانيّة؛ لأنّها تؤدّي إلى المباشرة بالفعل، فالشيطان هدفه الرّئيس هو أن يجعل الإنسان يصبو إلى وساوسه وتداولها في مخيّلته إلى أن ينتهي بفعل هذه الوساوس.
  • الاستعاذة باللّه من الشيطان الرّجيم، واللّجوء إليه فور إتيان الشّيطان لإغوائه، وصيغة الاستعاذة التي لا بُدّ أن تُلازم لسان الإنسان هي: أعوذ باللّه من الشيطان الرّجيم.
  • أن يشغل الإنسان نفسه عند بدء وسوسة الشيطان إليه؛ كإثبات ضدّ الشيء الذي وسوس الشيطان لفعله، ومثال ذلك: ترك الوسوسة بالاستعاذة ومن ثمّ التّفكر بنعم الله تعالى وقدرته.
  • الانشغال بالإعجاز في خلق الله تعالى للإنسان والجبال والسّماوات والأرض، والتّفكّر بالعديد من الحقائق اليقينيّة الثّابتة والدّالة على قدرة الله تعالى ووجوده الذي لا شكّ فيه.
  • أن تكون لدى الإنسان القوّة الإيمانيّة التي تُساعده على خرق إغواء الشيطان وعدم محاججته، فالإنسان الذي يتمتّع بقوة الإيمان أيّده الله بقوة إثبات الحجّة ليرى إن كان سيخضع لوسوسة الشيطان أم لا.
  • منع الشّيطان فور البدء بالوسوسة بذكر الله؛ لأن وسوسة الشيطان للإنسان ومجاراته لها، ربّما تؤدّي إلى الشّرك الأكبر، أو الشّك الذي يقع في عقيدة الإنسان وتوحيده لله.
  • عدم تعظيم الشّيطان في النّفس البشريّة، ممّا يعني وجوب تقليل شأنه، فالإيمان يتقوّى بضعف كيد الشيطان وتقليل شأنه، وهذه من أهم طرق كيفية التخلص من الوساوس الشيطانية.
  • الإكثار من قراءة القرآن والأذكار في الصّباح والمساء، بالإضافة إلى تشغيل القرآن في المنزل أو العمل ونحوه، فكلام الله يطرد الشيطان.

أصل الوساوس

وبعد أن تمّ التّعرف على كيفية التخلص من الوساوس الشيطانية لا بُدّ من معرفة أصل هذه الوساوس وإبعاد إبليس عن طرق الحقّ، حيث يعود أصلها إلى ما قبل نزول آدم -عليه السّلام- إلى الأرض، فعندما خلق الله تعالى آدم كان إبليس من الطّائعين لله عزّ وجلّ، وكان من الملائكة المقربين، وعندما أمره الله تعالى والملائكة بالسّجود لآدم، فسجدت الملائكة جميعها تعظيمًا لله تعالى، وأبى إبليس استكبارًا وعنادًا وعلوًّا على خلق آدم -عليه السّلام- وكان السّبب في رفض إبليس للسّجود هو: أنّ أصل خلقه وهو النّار أفضل من أصل خلق آدم وهو التّراب، وقد ورد عناد إبليس وتكبّره في قوله تعالى في سورة الكهف: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلً}،[٤] وبعد ذلك بدأ الشّيطان في إغواء آدم وزوجته حوّاء ليبعدهما عن الجنّة ونعيمها، حتى جعلهما يعصيا أمر ربّهما فأبعدهما عن الجنّة وكذلك أبعد هو، ومن الجدير بالذّكر أنّ الله تعالى خاطب آدم وزوجته بأرقّ ما يقع على النّفس البشريّة وأحبّ ما تذهب إليه المسامع من الأهواء والشّهوات، فقال تعالى: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ* فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}.[٥][٦]

أسباب الوساوس الشيطانية

من المعلوم أنّ الشيطان لا يظهر على صورته الحقيقيّة، ممّا يعني أنّ الإنسان لا يستطيع رؤيته؛ لأنّهم من العالم الذي أخبر الله عنهم أنّهم من الغيبيات، والدّليل على ذلك قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}،[٧] ومن الجدير بالذّكر أنّ وسوسة الشيطان موجودة في كلّ إنسان، والسّبب في هذه الوسوسة هو: عدم ذكر الله والابتعاد عن طاعاته والتّجرُّؤ على ارتكاب المعاصي، لذلك يُعدّ هذا سببًا رئيسًا ليبقى الشّيطان جاثم في قلب الإنسان، فيجب أن ينصرف الإنسان في ذكر الله تعالى والتّقرّب إليه بالطّاعات ولا سيّما النّوافل، فذكر الله يمنع الشّيطان من تزيين الباطل والحث على فعله، ويؤيّد ذلك قوله تعالى في سورة النّاس: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ* مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}،[٨][٩] ومن أسباب وساوس الشيطان أيضًا: مجاراة الشيطان والتّماشي معه، ممّا يؤدّي إلى زيادة وسوسة الشّيطان للإنسان، ومن الأسباب أيضًا: الإيمان الشّديد باللّه، فالشّيطان يُثير وساوسه على الإنسان الحريص على الطّاعات، حيث يحاول أن يُدخل الشّبهات ليبتعد الإنسان عنها، وكلّما بقي الإنسان على الطّاعة بدون أن يلتفت إلى وساوس الشّيطان زادت الوسوسة التي هدفها إدخال الإنسان في دوّامة كبيرة، والدّليل على أنّ وسوسة الشّيطان من الإيمان عندما شكوا الصّحابة إلى الرّسول عن هذه الوساوس، فكان ردّ الرّسول -عليه السّلام- بأنّ هذه الوساوس من الإيمان، ومن أسباب الوساوس أيضًا: عدم استحقار الأفكار التي يأتي بها الشّيطان، لذلك يجب على الشّخص أن يستحقر هذه الوساوس وأن لا يلتفت إليها، فهذه وسيلة فعّالة لطرد الشّيطان، ويكون ذلك من خلال: البصق على جهة اليسار ثلاث مرّات.[١٠]

أنواع الوساوس الشيطانية

إنّ وسوسة الشّيطان عبارة شبهات تُلقى في قلب المُسلم ليُضل عن سبيل الله، وعلاج هذه الشّبهات يتمّ من خلال ملازمة القرآن والرّقية الشّرعيّة وأذكار الصّباح والمساء والصّلاة على وقتها والأذكار التي تتبعها وغيرها من القربات التي يحبّها الله، وهذا العلاج لجميع أنواع الوسوسة التي يأتي بها الشّيطان، فالوسوسة لها أنواع عديدة وفيما يأتي بيانها:

  • الوسوسة في العقيدة: كالتّشكيك بعدم وحدانيّة الله تعالى، ويتمّ علاج هذا النّوع من خلال التّفكُّر بقدرة الله في خلق الإنسان والحيوان والنّبات.[١١]
  • الوسوسة في العبادات: كإتمام الصّلاة والوضوء، فكثير من النّاس يتوضأون استعدادًا للصّلاة فينسيهم الشّيطان أنّهم على وضوء، أو في بعض الأحيان ينتهي الإنسان من الصّلاة فينسى إن كان قد أتمّها على أكمل وجه أم لا.[١٢]
  • الوسوسة في الطهارة: كالذي يرى مذيًّا على ثوبه بعد أن يتيقّن غسله، فيشكّ إن كان مذيًّا جديدًا أم لا، فإن وجده قبل الصّلاة فعليه غسل الثّوب ومكان الخروج ومن ثمّ الصّلاة، وأمّا إن رآه بعد الصّلاة فاختلف العلماء في حكم إعادة الصّلاة، لكن الوسوسة الكثيرة تجعل صاحبها في شكّ أنّ هذا المذيّ نزل قبل الصّلاة فيعيدها ممّا يؤدّي إلى استثقال الصّلاة مع مرور الأيام وهي في الحقيقة ليست باطلة كونه تيقّن الطّهارة قبل شروعه في الصّلاة.[١٣]
  • الوسوسة في قراءة القرآن: حيث يوسوس الشيطان للإنسان عند قراءته للقرآن سواء في الصّلاة أو غيرها، ومن الأمثلة على ذلك: أن يوسوس للشخص أن يعلّي صوته من أجل أن يسمعه فلان، ففي هذه الحالة يُحاول الشّيطان أن يُدخل الإنسان في الرّياء.[١٤]
  • الوسوسة من أجل تدمير الأسرة: الشّيطان وظيفته الرّئيسة خراب البيوت، وتشجيع الزوجين على الفرقة، ومثال ذلك: أن يُصبح الزّوج يشكّ في زوجته بأنّها تزني أو أنّها غير طاهرة ونحوه.[١٥]
  • الوسوسة في المنام: يأتي الشّيطان في المنام ليوسوس للإنسان أنّه رأى الله، فرؤية الله تعالى أمر محال، فالمؤكّد هو رؤية الرّسول -عليه السّلام- فقط.[١٦]
  • الوساوس في الشتم: في بعض الأحيان يظنّ الإنسان أنّه يسبّ الدّين دون أن يتلفّظ به، فهذا كلّه من الشّيطان ولا يُحاسب عليه الإنسان.[١٧]

المراجع

  1. "معنى شيطان"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21.
  2. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1613، حسن.
  3. "ترك الفكر فيما يتعلق بالوساوس الشيطانية"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  4. سورة الكهف، آية:50
  5. سورة الأعراف، آية:19-20
  6. "الكيفية التي وسوس بها الشيطان لآدم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  7. سورة الأعراف، آية:27
  8. سورة الناس، آية:1-6
  9. "لماذا يوسوس الشيطان في صدر الإنسان"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  10. "سيطرت على حياتي وساوس الشرك وحرمتني السعادة والاستقرار"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  11. "علاج الوسوسة في العقيدة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  12. "علاج كل أنواع الوساوس"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21.
  13. "ما يلزم من رأى في ثوبه مذيًا بعد الصلاة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  14. "يوسوس له الشيطان بأنه مراء"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  15. "الوسوسة تدمر الحياة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21.
  16. "رؤية الله في المنام"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  17. "من أسباب ذوق حلاوة الإيمان"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
4463 مشاهدة
للأعلى للسفل
×