محتويات
طرق الجمْع بين المغرب والعشاء وكيفية أدائها
هناك العديد من الحالات التي قد يضطر فيها المسلم للجمع بين صلاتين، إذ يجوز الجمع بين كل من المغرب والعشاء أو الظهر والعصر، ومن الجدير ذكره أنه يوجد طريقتين للجمع بين صلاتي المغرب والعشاء، وفيما يأتي ذكرهما وكيفية أداء كلّ منهما:
طريقة أداء جمع التّقديم
اتّفق فقهاء الشافعيّة والحنابلة في جمع الصلاة على أنّ الأَوْلى تقديم الصّلاة الثّانية إلى وقت الصّلاة الأُولى في حال نزل المسافر في وجهة سفره في وقت الصلاة الأولى، فإذا كان سائراً أو نازلاً في وقتهما؛ فالأفضل تأخير الأولى للثانية، وكيفيّة جمع التّقديم بين صلاتي المغرب والعشاء تفصيلاً فيما يأتي:
- البدء بالصّلاة الأُولى التي دخل وقتها، كصلاة الظّهرعند الجمع بين الظُّهر والعصر، وصلاة المغرب عند الجمع بين المغرب والعشاء؛ وذلك لأنّ الوقت لها، والصّلاة التي تليها تابعةٌ لها، فلا يجوز أن تتقدّم عنها في الأداء، وفي حال قدّمها المُصلّي فعليه الإعادة بترتيبها الصّحيح.[١]
- استحضار نيّة الجمع، وأفضل وقتها في بداية الصّلاة الأولى، وتجوز خلالها.[١]
- الموالاة بين الصّلاتين؛ وتكون بعدم إطالة الوقت الفاصل بينهما، وميزان الطولِ والقُصر هو العُرفُ، وقدّرها بعض الحنابلة والشافعية بمقدار وقت الإقامة، وزاد الحنابلة وقت الوضوء.[١]
- وجود الشروط الآتية لجواز الجمع بين الصلاتين:[٢]
- استمرارُ السفر من بداية الصلاة الأُولى والفراغ منها إلى حين الافتتاح بالصّلاة الثّانية، فإن وصل المسافر بلده أثناء الأُولى أو بين الصّلاتين فإن الجمع لا يصحُّ، وعليه تأخير الصّلاة الثّانية لوقتها، لأن السّفر هو سبب الجمع، فإن زال يبطُل الجمع.
- التأكد من استمرار وقت الصّلاة الأُولى يقيناً إلى حين البدء بالصّلاة الثّانية.[٣]
- غلبة الظنّ بصحّة الصّلاة الأولى، فلو شكَّ المأموم مثلاً أنه سبق الإمام في الرّكوع أو أيّ فعلٍ قد يُبطل صلاة الظّهر، فإنه لا يصحّ جمع العصر معها جمع تقديم.[٣]
طريقة أداء جمع التأخير
جمع التّأخير مشابهٌ لجمع التّقديم في الكيفيّة، وبيان ذلك فيما يأتي:
- البدء بالصلاة الأولى (المغرب) قبل الثانية (العشاء)، كما في جمع التّقديم.[٤]
- المُوالاة، كما سبق ذكره في جمع التقّديم أيضاً.[٤]
- استحضار نيّة جمع التأخير قبل انتهاء وقت الصلاة الأولى ولو بوقتٍ يكفي لأداء ركعةٍ واحدةٍ، فتأخير الصلاة بغير نيّة الجمع مذمومٌ، ويلزم قضاؤها، فالنيّة هنا تحدّد لو كان التأخير جائزاً -بالجمع بين الصلاتين-، أو محرّماً.[٣]
- استمراريّة السفر إلى دخول وقت الصلاة الثانية (العشاء)، وفي حال زال السفر قبل دخول وقتها؛ فيجب حينها أداء الصلاة الأُولى(المغرب) في وقتها، والثّانية في وقتها.[٣]
حالات الجمع بين المغرب والعشاء
يجدر بالذكر أن الحنفيّة لا يجيزون الجمع بين الصلوات لا بسبب السفر ولا غيره، خلافاً للجمهور،[٥] وهناك العديد من الحالات التي يُشرع فيها الجمع بين المغرب والعشاء، وفيما يأتي بيانها:[٦]
الجمع في حالة السّفر
قد تعدّدت آراء الفقهاء في هذه الحالة إلى رأيين هما:[٦]
- جواز الجمع بين المغرب والعشاء تقديماً أو تأخيراً في السفر الذي يجوز فيه قصر الصلاة، واستدلّوا بما رواه أنس-رضي الله عنه-، حيث قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أخَّرَ الظُّهْرَ إلى وقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمع بيْنَهُمَا، فإنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ)،[٧] وهذا رأي الحنابلة والشافعيّة.
- عدم الجواز، وهو رأي الحنفيّة، حيث فسّر الجمع في حديث أنس على أنّه جمعٌ صوَريُّ، وهو تأخير الصّلاة الأولى إلى آخر وقتها، وأداء الصلاة الثانية أوّل وقتها، واستدلّوا على ذلك بما رواه أبو قتادة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: (ليسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى).[٨]
الجمع في حالة المرض
قد تعدّدت آراء الفقهاء في حكم جمع المريض للصلاة كما يأتي:[٦]
- جواز جمع المريض بين المغرب والعشاء، واستدلّوا على ذلك بما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (جمَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بينَ الظهرِ والعصرِ وبينَ المغربِ والعشاءِ بالمدينةِ مِنْ غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ)،[٩] وهو رأي المالكيّة والحنابلة، وأجاز المالكيّة في ذلك جمع التقديم فقط لمن خاف الإغماء والحمّى وغيرها، وعليه إعادة العشاء في وقتها إن أمِنَ من هذه الأسقام، وقد خيَّر الحنابلة المريضَ بين التّقديم والتّأخير بما هو أرفق وأيسر له.
- عدم الجواز؛ لعدم ثبوت ذلك عن النّبي عند مرضه، وهو رأي الشّافعية.
الجمع في حالة المطر المُبلّل للثّياب والثلج والبَرَد
اتّفق جمهور الفقهاء على جواز الجمع في هذه الحالة، واستدلّوا على ذلك بما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، في غيرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ).[١٠] واشترط المالكية والحنابلة جواز ذلك في جمع صلاتي الظهر والعصر فقط، أما الشافعية فيرون جواز الجمع بينهما.[٦]
الجمع في حالة الرّيح الشديد
الجمع في حالة الريح الشديد والظُّلمة والبرودة التي تُجهد الناس، وهو رأي الحنابلة.[٦]
الجمع في حالة الخوف
استدلّ الحنابلة على ذلك بما رواه ابن عباس في الحديث السابق بأن النبي جمع بين الصلاتين من غير خوف؛ فهو أثناء الخوف أولى، وخالف الشافعية ذلك لثبوت أحاديث المواقيت.[٥]
الجمع في مزدلفة وعرفة
الجمع في مزدلفة وعرفة، وهو سُنّة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[١١]
أمّا أداء السنّة الراتبة فيكون بعد الانتهاء من الجمع بين الصلاتين بالترتيب؛ أي بعد العشاء، فيُصلّي المسلم سنّة المغرب ثمّ سنّة العشاء.[١٢]
كيفية صلاة الوتر في جمع التقديم
إنّ للفقهاء في أداء صلاة الوتر عند جمع التّقديم وجهان، هما:[١٣]
- أن يُوتر المُصلّي بعد دخول وقت العشاء، فلا تصحُّ صلاة الوتر بعد الجمع في وقت المغرب، وهو رأي الحنابلة.
- أن يُوتر المُصلّي بعد أداء صلاة العشاء في وقت الجمع.
ملخص المقال: إنّ الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جائز في حالات متعددة؛ مثل الجمع في السفر، وفي المرض، وعند الخوف.
المراجع
- ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1409 هـ - 1989 م)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: ذات السلاسل، صفحة 278-277، جزء 15. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار (1433 هـ - 2012 م)، الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 418-416، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي (2011 م)، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 1379، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الله الطيار (1432ه / 2011م)، الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 417، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404 - 1427 هـ)، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 292، جزء 15. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج عبد الله الطيار (1433 هـ - 2012 م)، الفقه الميسر (الطبعة الثالثة)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 414-420، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1112، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 681، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 705، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 705، صحيح.
- ↑ الزحيلي (2011)، الفقه الإسلامي وأدلّته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 374، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ حسام الدين عفانة (1427 - 1430 ه)، فتاوى يسألونك (الطبعة الأولى)، القدس: دار الطيب للطباعة والنشر، صفحة 44، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ محمد المختار الشنقيطي، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 21. بتصرّف.