كيفية توزيع الأضحية

كتابة:
كيفية توزيع الأضحية

الطريقة الصحيحة لتوزيع لحم الأضحية

شرع الله -عزَّ وجلَّ- للمسلمينَ ذبحَ الأضاحي في العيد، وجعل ذلك من شعائر الإسلامِ الظاهرةِ، ثمَّ أمر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالتصدِّق بلحمها، ومن هذا المنطلق اجتهد الفقهاء في بيان سنن توزيع الأضحية، على النحو الآتي:

توزيع الأضحية عند الحنفية والحنابلة

يُستحبُّ عند الحنفية تقسيم الأضحية إلى أثلاث؛ ثلثٌ يأكله صاحب الأضحية وأهل بيته، وثلثٌ يهديه، وثلثٌ يتصدَّق به،[١] وهذا أيضًا ما ذهب إليه الحنابلة في مذهبهم الجديد، أمَّا قديم مذهب الحنابلة فكان يرى تقسَّيم الأضحية إلى نصفين: نصفٌ للمضحي، ونصفٌ يتصدَّق به على الفقراء.[٢]

توزيع الأضحية عند المالكية

ذهب المالكية إلى أنَّ توزيع الأضحية لا حدَّ فيه؛ فله أن يأكل ما شاء ويوزِّع ما شاء، فلا نسبة ثابتة في توزيع الأضحية،[٣] ودليلهم في ذلك ما ثبت عن ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (ذَبَحَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ).[٤][٥]

توزيع الأضحية عند الشافعية

ذهب الشافعية في المذهب الجديد إلى تقسيم الأضحية أثلاثًا؛ ثلثًا لصاحب الأضحية وأهل بيته، وثلثًا يهديه لمن شاء من أقاربه وأصحابه، وثُلثًا يتصدَّق به على الفقراء والمساكين.[٦]

أمَّا مذهبهم في القديم فقد نص على أنَّ المضحي يأكل النصف ويتصدَّق بالنصف،[٦] مستدلين بقول الله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)،[٧] وقيل بجواز التصدُّق ببعضها وهو الأصحُّ عندهم.[٨]


ذهب فقهاء الحنفية، والشافعية، والحنابلة، إلى أنَّ الأضحيةَ تقسَّم أثلاثًا؛ ثلثٌ لصاحبها، وثلثٌ لأقاربه، وثلثٌ للفقراء، بينما ذهب المالكية إلى أنَّه لا حدَّ في توزيع الأضحيةِ؛ وصاحب الأضحيةُ مخيَّر في القدر الذي يأكله، وفي القدر الذي يوزّعه.


أفضل وقت لتوزيع الأضحية

معلومٌ أنَّ أفضل وقت لذبح الأضحية يكون بعد فراغ المسلمون من صلاة العيدِ في اليومِ الأولِ من أيامِ النحر،[٩] ويمكن القول بأنَّ أفضل وقتٍ لتوزيع الأضحية يكون فور انتهاء المسلم من ذبح أضحيته في اليوم الأول من أيام النحر.[١٠]

لما في ذلك من تطبيقٍ للأمرِ الإلهي في المسارعة، والمبادرة، والتعجيل في فعل الخيرات،[١١] حيث قال الله -تعالى-: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)،[١٢] مع ضرورة التنبيه إلى أنَّ توزيع الأضحية بعد العيد يعدُّ جائزًا كذلك عند جمهور الفقهاء.[١٠]


إنَّ أفضل وقتٍ لتوزيعِ الأضحيةِ يكون فور انتهاء المسلم من الذبح.


توزيع الأضحية على الأقارب

ليس هناك أي دليل شرعي يمنع توزيع لحم الأضحية على الأقارب، وبناءً على ذلك فيجوز للمسلم إعطاء أخواته، وإخوانه، وأقاربه من الأضحية.[١٣]


يُمكن إعطاء الأقارب من الأضحية.


توزيع لحم الأضحية مطبوخاً

من الأفضل أن يوزَّع المقدار الواجب من الأضحية نيئًا، وهذا هو القول المعتمد في دائرة الإفتاء الأردنية،[١٤] وفيما يأتي تفصيل أقوال الفقهاء في هذه المسألة:

  • الحنفية والمالكية

لا فرق عند الإمام مالك بين توزيع لحم الأضحية مطبوخًا أو نيئًا، وعلى ذلك فيجوز عنده توزيع اللحم مطبوخاً.[١٥]

  • الشافعية

ذهب الإمام الشافعي إلى أنَّ لحم الأضحية لا بدَّ من توزيعه نيئًا.[١٦]

  • الحنابلة

وافق الحنابلة الشافعية في وجوب توزيع المقدار الواجب من لحم الأضحية نيئًا.[١٧]


تعدّدت آراء أهل العلم في حكم توزيع اللحم مطبوخًا، إلَّا أنَّ أكثر الآراء اتفقت على توزيعه نيئًا.


إعطاء الجزّار من الأضحية

إذا أعطى صاحب الأضحية للجزَّار مقدارًا من الأضحية من باب الهدية، أو الصدقة جاز له ذلك، أمَّا أن يكون هذا المقدار جزء من أجرة الجزَّار فلا يجوز،[١٨] وهذا باتفاق أئمة المذاهب الأربعة من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.[١٩]

ودليل ذلك ما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّه قال: (أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أَنْ أَقُومَ علَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لا أُعْطِيَ الجَزَّارَ منها، قالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِن عِندِنَا).[٢٠][٢١]


يجوز إعطاء الجزار من الأضحية إذا كان ذلك من باب الهدية، أمَّا من باب الأجر فلا يجوز.


إعطاء الجار غير المسلم من الأضحية

رخّص بعض أهل العلم في إعطاء غير المسلمين من لحم الأضحية مستدلِّين بقول الله -تعالى-: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).[٢٢][٢٣]

وذهب المالكية إلى كراهة إطعام غير المسلم من لحم الأضحية، أمَّا الشافعية فقد ذهب إلى حُرمة إعطائهم من الأضحية الواجبة، وكراهة إعطائهم من الأضحية المندوبة.[٢٣]


تعدّدت آراء أهل العلمِ في حكم إعطاء غير المسلم من الأضحية؛ فذهب الشافعية إلى حرمة ذلك، وذهب المالكية إلى الكراهة، وذهب بعض أهل العلم إلى الجواز.


أكل الأضحية كاملة

إن الأفضل أن يقوم صاحب الأضحية بالتصدُّق من لحم الأضحية، ويلزم من أكل الأضحية كاملة وعدم التصدَّق منها بشيء؛ أن يُخرج صدقةً بمقدار أقل الواجب؛ والذي قدَّره العلماء بنصف رطل، وهذا هو القول المعتمد في دائرة الإفتاء الأردنية.[٢٤] وذكر أقوال العلماء في هذه المسألة كما يأتي ذلك:[٢٥]

  • القول الأول: وهو وجوب الصدقة من لحم الأضحية

بما يُطلق عليه اسم الصدقة، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، ودليلهم في ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا)،[٢٦] ومن أكل الأضحية كاملةً يلزمه الضمان.

  • القول الثاني: يجوز أكل الأضحية كاملة

وفائدة الأضحية في هذه الحالة تكمن في أجر ثواب إراقة الدم، وهذا قول ابن القاص، وابن الوكيل والاصطرخي من فقهاء الشافعية.


تعدّدت آراء أهل العلمِ في حكمِ عدم التصدق بشيءٍ من الأضحيةِ؛ فذهب البعض إلى جواز ذلك، وقيل بوجوب التصدقِّ بأقلِ الواجب.


بيع جزء من الأضحية

لا يجوز للمضحِّي أن يقوم ببيع أيِّ جزءٍ من أضحيته، سواء أكان هذا الجزءُ لحمًا، أو جلدًا، أو شحمًا، أو قرنًا، أو صوفًا، وسواء أكانت هذه الأضحية تطوعًا أو نذرًا، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من باع جلدَ أُضحيتِه فلا أُضحيةَ له).[٢٧][٢٨]

أمَّا من قام ببيع جزءً من أضحيته لزمه أن يتصدَّق بثمنه، وهذا هو المعتمد في دائرة الإفتاء الأردنية،[٢٨] وتفصيل أقوال الأئمة الأربعة في هذه المسألة فيما يأتي:

  • الحنفية

يُكره عند الحنفية بيع جزءٍ من الأضحية كاللحم، والجلد، والصوف، والشعر، والوبر، كراهةً تحريمية؛ إن كان البيع بالدراهم، أو المأكولات، أو بما يُمكن الانتفاع به باستهلاك عينه، ويَحلُّ عندهم بيع جزءٍ منها بما يُمكن الانتفاع به مع بقاء عينه.[٢٩]

  • المالكية والشافعية والحنابلة

اتَّفق الجمهور على حُرمة بيع لحوم الأضاحي، أو جلدها أو أي جزءٍ منها، ودليلهم في ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ولا تَبيعوا لُحومَ الهَديِ، والأضاحيِّ، فكُلوا، وتصَدَّقوا، واستَمتِعوا بِجُلودِها، ولا تَبيعوها، وإنْ أُطعِمتُم مِن لَحمِها؛ فكُلوا، إنْ شِئتُم).[٣٠][٣١]


يحرم على المسلمِ بيع جزءٍ من أضحيته.


عمل الأضحية وليمة للفقراء

إنَّ الوليمة عبارة عن إباحة الطعام للغير وليس تمليكًا لهم، وهذا يُخالف شرطًا من شروط الأضحية؛ ألا وهو شرط تمليك أقل مقدار الواجب من الأضحية للفقير، وعلى ذلك فلا يجوز للمضحي عمل جميع لحم الأضحية وليمة؛ بل عليه أن يتصدَّق بقيمة الواجب وتمليكه للفقير.[٣٢]


لا يكفي عمل الأضحية وليمةً للفقراء، بل لا بدَّ من توزيعِ أقلِّ الواجب عليهم.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 378. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 377. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 378. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله، الصفحة أو الرقم:1975، حديث صحيح.
  5. حسام الدين عفانة، فتاوى يسألونك، صفحة 346. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 377. بتصرّف.
  7. سورة الحج، آية:28
  8. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 4497. بتصرّف.
  9. حسام الدين عفانة، المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 133. بتصرّف.
  10. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، الكويت:وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، صفحة 350، جزء 2. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 20547، جزء 11. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية:148
  13. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 20425، جزء 11. بتصرّف.
  14. "من أحكام الأضحية"، الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  15. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 4497. بتصرّف.
  16. مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 59. بتصرّف.
  17. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 20476. بتصرّف.
  18. "من أحكام الأضحية"، الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  19. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 360. بتصرّف.
  20. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1317، حديث صحيح.
  21. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 361. بتصرّف.
  22. سورة الممتحنة، آية:8
  23. ^ أ ب "حكم إعطاء غير المسلم من الأضحية"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 15/6/2022. بتصرّف.
  24. "من أحكام الأضحية"، الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  25. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 20476. بتصرّف.
  26. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن واقد، الصفحة أو الرقم:1971، صحيح.
  27. رواه الحاكم، في المستدرك، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3514 ، صحيح.
  28. ^ أ ب "حكم بيع جزء من الأضحية كالجلد وغيره"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  29. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 104. بتصرّف.
  30. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن قتادة بن النعمان، الصفحة أو الرقم:29، حديث مرسل صحيح الإسناد.
  31. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 257. بتصرّف.
  32. "من أحكام الأضحية"، الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
8275 مشاهدة
للأعلى للسفل
×