محتويات
كيفية لبس الإزار
إنّ الإزار مختصٌّ بالذكور دون الإناث بالإجماع،[١] ويقف من أراد الائتزار فيضع الإزار بمحاذاة خصره، ثم يجعل أحد أطراف الإزار حول جسده، ويُطبق عليها في الجهة الأخرى جيداً حتى يصل إلى نهاية الإزار، ثم يُمسك بالإزار من الأعلى ويَلفّه حتى يرتفع عن الأرض ليصل إلى نصف الساق، فقد قال عكرمة -رضي الله عنه- وهو يصف ابن عباس -رضي الله عنه- كيف يأتزر: "رأيت ابن عباس -رضي الله عنهما- يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدميه، ويرفع من مؤخره، فسأله عن سبب ائتزاره بهذه الطريقة؟ فقال له: إنّه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتزرها".[٢][٣]
ويجوز لمن لبس الإزار أن يلف عليه خيطاً حتى يُحكمه ويُثبّته فلا يقع وتنكشف عورته، ولا بأس بأن يجعل فيه حُجرة ليضع فيها النقود مثلاً أو أهم الحاجات، كما لا بأس لمرتديه بأن يضع طرف ردائه داخل الإزار،[٤][٥] وقد أجاز العلماء عقد الإزار بِعقدةٍ إذا خشي المحرم انكشاف عورته، أو لم يستمسك معه الإزار إلا بهذه الطريقة، وممّن أجاز ذلك الشافعية والحنابلة، واختاره ابن حزم وابن تيمية -رحمهما الله-،[٦] وقد أجاز العلماء وضع التكّة للإزار -وهي كل ما يربط أو يشدّ به الإزار-، فلم يرد في الشريعة ما يمنع ذلك، وخالفهم في ذلك فقهاء المالكية فلم يجيزوا وضعها.[٧]
ولا يجوز للمُحرم أن يلبس المخيط، فقد قال سُئل رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (يَا رَسولَ اللَّهِ، ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا البَرَانِسَ، ولَا الخِفَافَ إلَّا أحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، ولَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أوْ ورْسٌ)،[٨][٧]
ما هو الإزار والفرق بينه وبين الرداء
الإزار: هو الثوب الذي يُغطَّى به النصف الأسفل من البدن، والرداء: هو ما يُغطّى به الجزء العلوي من الجسد،[٩][١٠] والإزار: هو الملحفة، ومن أسمائه الإزْر والمِئْزر والمِئْزرة، وقيل: إنّ الإزار يأتي بمعنى كل ما يستر العورة، وقد جاء عن أعرابي أنّه رأى رجلاً يمشي في بيته عرياناً، فتعجّب وسأله لماذا يفعل ذلك، فأجابه الرجل قائلا: إنّ داره هي إزاره.[١١]
والإزار والرداء متشابهان، فكلاهما غير مخيط، أي إنّهما يتكوّنان من قطعة من القماش، تأتي بأطوالٍ مختلفة حسب رغبة الشخص، وغالباً ما يرتدي الشخص الرداء مع الإزار، وقد يرتديه مع ألبسة أخرى،[١٢][١٣] ومن أسماء الرداء: الوشاح؛ وذلك لأنّه يُلَف على الكتف الأيسر ليغطّي الظهر والصدر كذلك، ثم يجتمع ويُعقد عند اليد اليمنى.[١٤]
الحكمة من لباس الإزار والرداء في الحج
- إنّ ارتداء الإزار والرداء في الحج أمرٌ يبعث في نفس المسلم التواضع والخضوع والخشوع لله -سبحانه وتعالى-، فلا يشغله لباسه عن استشعار روح العبادة والتوحيد لله -تعالى-.[١٥]
- إنّ ارتداء الإزار والرداء في الحج من شأنه أن يُذكّر الإنسان بيوم القيامة، حيث يأتي الناس حفاة عراة مقبلين على ربهم، فيهاب الإنسان هول الموقف فيلجأ للتوبة وطلب الغفران من الله -تعالى- للنجاة من أهوال يوم القيامة.[١٥]
- إنّ ارتداء الإزار والرداء في الحج يرمز إلى اتحاد المسلمين فيما بينهم، فالّلباس موحد، ولا فرق بين غنيٍّ ولا فقير، فتتحقّق المساواة التي من شأنها أن تؤلّف بين قلوب المسلمين وتوحّد صفوفهم.[١٥]
- إنّ ارتداء الإزار والرداء في الحج يذكّر الإنسان طوال الوقت أنّه في حالة إحرام، فيحذر من ارتكاب أي ذنب كان، ويكثر من العبادات المختلفة والدعاء.[١٥]
أحكام تتعلق بالإزار
حكم إسبال الإزار
يُكره للرجال في الإسلام إسبال اللباس عامة والإزار خاصة، ومعنى الإسبال: أن يصل لباس الرجل إلى الأرض، أو أن يجرّ رداءه خلفه، فقد قال رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (مَن جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَومَ القِيَامَةِ)،[١٦] وقد قال بعض العلماء في إسبال الإزار أو الثوب بما يتجاوز الكعبين أنّه مكروهٌ كراهة تحريميّة، وعلى من يفعل ذلك التوبة من هذا الذنب ويتوضّأ عند الحنفية، وذلك لأنّ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كان قد أمر الرجل الذي فعل ذلك بأن يتوضأ، كما وقال بعض العلماء إنّ على من أدّى الصلاة وثوبه مسدولٌ عن الكعبين إعادة الصلاة.[١٧][١٨]
ولا يعني هذا أن يُقصّرَ الثوب إلى نصف الساق حتى إذا سجد المصلي كُشفت عورته، بل الواجب ستر العورة، ولا بأس بأن يصل اللّباس إلى الكعبين شريطة ألّا يصل إلى الأرض، ودليل ذلك تكملة الحديث السابق: (قالَ أَبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي، إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذلكَ منه؟ فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ).[١٩][٢٠]
حكم الصلاة في الإزار
عورة الرجل هي ما بين السّرة والركبة، ومنها يُستنتج جواز الصلاة بالإزار شريطة إحكام تغطية العورة، وقد أضاف العلماء أنّه لا يجوز للمصلّي الاكتفاء بالإزار إذا كان يملك رداءً يُغطّي به منكبيه، وإذا كان الإزار واسعاً يتسع للإزار ولستر المنكبين وجب عليه، فإن لم يكن كذلك ولم يجد جازت صلاته وإلّا فلا،[٢١] ويرى المالكية أنّ إضافة الرداء للإزار في الصلاة مندوب ولو كانت نافلة، ويرى الجمهور ومنهم الشافعية أنّ الأفضلية هي عدم الصلاة بالإزار وحده.[٢٢]
وتجوز الصلاة في الثوب الضيق الذي قد تنكشف منه العورة في حال لم يتوفّر عند المسلم غيره، أمّا إذا توفّر غيره فالستر واجبٌ ولا بدّ من الحرص عليه، فقد صحّ عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَاقِدِي أُزْرِهِمْ علَى أعْنَاقِهِمْ، كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ، ويُقَالُ لِلنِّسَاءِ: لا تَرْفَعْنَ رُؤُوسَكُنَّ حتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا)،[٢٣][٢٤] ومعنى الحديث هو أنّ بعض الصحابة من شدّة فقرهم كانوا يعقدون أُزرهم برقابهم حتى تستر معظم أجسادهم، ولكن قُصْر أُزرهم قد يتسبّب في كشف عوراتِهم في حال السّجود،[٢٥] وكانت النساء يصلّين خلف الرجال مباشرة، فأُمروا ألّا يُسرعن في النهوض حتى لا تنكشف عليهم عورات بعض الرجال بالخطأ.[٢٥]
حكم استبدال الإزار بالسراويل
يجوز استبدال الإزار بالسراويل في الحج والعمرة في حال لم يجد المسلم ما يأتزر به مطلقاً، ولا يلزمه أن يشقّ السروال حتى يظهر بهيئة الإزار، بل يلبسه كما هو ولا فدية عليه، فقد قال رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (مَن لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، ومَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ)،[٢٦] وهذا هو رأي الجمهور، وخالفهم بذلك الأحناف.[٢٧]
المراجع
- ↑ "صفة لباس الإحرام، وحكم عقد الإزار عليه"، إسلام ويب، 16-3-2002، اطّلع عليه بتاريخ 16-06-2021. بتصرّف.
- ↑ شرف الحق العظيم أبادي، عون المعبود وحاشية ابن القيم، صفحة 104. بتصرّف.
- ↑ عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 23. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم الرافعي، فتح العزيز بشرح الوجيز الشرح الكبير للرافعي، صفحة 443. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 149. بتصرّف.
- ^ أ ب الشيخ خالد المصلح (2010-11-16)، "حكم خياطة الإزار"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 16-06-2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1543.
- ↑ محمد آدم الإتيوبي، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، صفحة 520. بتصرّف.
- ↑ عبد الله البسام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، صفحة 464. بتصرّف.
- ↑ رجب عبد الجواد إبراهيم، المعجم العربي لأسماء الملابس، صفحة 31. بتصرّف.
- ↑ جواد علي، كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، صفحة 54. بتصرّف.
- ↑ مظهر الدين الزَّيْداني، المفاتيح في شرح المصابيح، صفحة 110. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موجز دائرة المعارف الإسلامية، صفحة 457. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث عبد الله البسام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، صفحة 72. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:5784، صحيح.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 988. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوَّى، الأساس في السنة وفقهها العبادات في الإسلام، صفحة 879. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1731، صحيح.
- ↑ ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 18. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين، اللقاء الشهري، صفحة 34. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 170. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:362، صحيح.
- ↑ ضياء الدين المقدسي، السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، صفحة 379. بتصرّف.
- ^ أ ب "شرح حديث"، الدرر السنية. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1843، صحيح.
- ↑ كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 200. بتصرّف.