كيف تساعد طفلك على تكوين صداقات

كتابة:
كيف تساعد طفلك على تكوين صداقات

تكوين الصداقات لدى الأطفال

يعد تكوين الصداقات من أهم المهام في مرحلة الطفولة المتوسطة، وهي مهارة اجتماعية ستستمر طوال حياتهم، ومع ذلك يعاني بعض الأطفال اجتماعيًا ويجدون صعوبةً في تكوين صداقات والحفاظ عليها، على الرغم أنه ليس من الضروري أن يكون الطفل اجتماعيًا بصورة كبيرة وأن يكون محبوبًا من قِبَل كل طفل في المدرسة، إذ غالبًا يكون لدى الطفل الخجول أو الهادئ فقط صديق أو صديقين جيدين ويكون سعيدًا جدًا، لكن يمكن أن تكون مشكلةً إذا لم يكن لطفل أي أصدقاء أو لم تتم دعوته للعب مع أطفال آخرين، خاصةً إذا بدا قلقًا بشأن هذا الفشل في التواصل مع أقرانه.[١]


كيف تساعد طفلك على تكوين صداقات؟

إذا لم يبدأ الطفل بتكوين صداقات مثل الأطفال الآخرين في نفس عمره فقد يحتاج إلى بعض التدريب والتمرن على مهارات اجتماعية بسيطة، ويمكن اتباع النصائح الآتية للمساعدة في ذلك:[٢]

  • ملاحظة كيفية تفاعل الطفل اجتماعيًا وفهمه: من خلال حضور بعض الأنشطة المدرسية والانتباه جيدًا لكيفية تفاعل الطفل مع الآخرين، ومراقبة تصرفاته ومقارنتها بتصرفاته في المنزل، والانتباه إذا كان يواجه صعوبةً في بدء المحادثات، أو إذا كان لديه قلق من الوجود في مجموعات كبيرة، أو الخوف من التحدث أمام الجمهور، واعتمادًا على السلوك الذي يراه الوالدان يمكن تحديد المهارات التي تحتاج إلى بناء وكيفية المساهمة في بنائها.
  • الوالدان هما نموذج للسلوك الاجتماعي الإيجابي: لأن الطفل يتعلم بالقدوة يُنصح بأن يكون الوالدان على دراية بكيفية تفاعلهما مع الآخرين، وفي كل مرة يُجريان محادثات مع الأصدقاء أو الجيران، أو حتى مع محاسب محل البقالة، ستكون هذه الحوارات للطفل فرصةً للتعلم، مما يسمح له برؤية كيفية الانضمام والتفاوض وحل المشكلات.
  • التمرن في المنزل: إذا كان الطفل في سن ما قبل المراهقة أو المراهقة ويجد صعوبةً في بدء المحادثات في فترة الغداء أو أثناء الفسحة في المدرسة يمكنه التمرن في المنزل، ومناقشة المواضيع التي تهمه والتي قد يتحدث عنها مع الأطفال الآخرين، واختبار الخيارات المختلفة حتى يجد موضوعًا بصورة طبيعيّة.
  • جعل الطفل يتأقلم للحدث مسبقًا: فمثلًا إذا كان الطفل يرغب بالتسجيل لتعلّم لعب الكرة لكنّه متردد في البدء يمكن زيارة الملعب معه ورمي الكرة حوله حتى يتمكن من التأقلم مسبقًا، والذهاب مبكرًا إلى الحصة الأولى للوصول قبل أن يبدأ الآخرون بالظهور ويصبح المشهد أكثر فوضويّةً، أو إذا كان يريد أن يأخذ دروسًا في السباحة يمكن أن يأخذ درسين خاصّين قبل الانضمام إلى فصل كامل؛ حتّى يكون قد بنى بعضًا من الثقة.
  • التعزيز والثناء على الطفل: ينصح بجعل الأمر مثيرًا ومفيدًا لمحاولة تجربة أشياء جديدة حتى إذا أحرز الطفل تقدمًا بطيئًا فقط، ويجب التأكد من تعزيز جهوده، والاعتراف بكل نجاح صغير، وإخبار الوالدين له بمدى فخرهم لأنه يواصل المحاولة.
  • المساعدة في تسهيل الأمور: بالنسبة للأطفال الصغار غالبًا يكون تحديد موعد للعب مع طفل واحد آخر فكرة جيدة، وإذا كان الطفل أكبر سنًا يمكن دعوة فريقه أو أقرانه لتناول الطعام أو مشاهدة فيلم، فالهدف هو مساعدة الطفل على الشعور بالراحة في الاختلاط وجعله تجربةً إيجابيّةً.
  • الابتعاد عن تجنب المشكلة: إذا كانت المواقف الاجتماعية صعبةً على الطفل يفضّل أغلب الآباء تجنب المشكلة أو تجاهلها، لكن الطفل لن يتعلّم تحسين العلاقات من خلال الجلوس دائمًا في المنزل مع والديه، لذا يوصى بدفع الطفل الخجول تدريجيًا إلى ما وراء منطقة الراحة الخاصة به بقليل في مواقف جديدة مع التدريب والتشجيع اللطيف.
  • تجنب مقارنة الطفل بوالديه أو أشقائه: إذ يجب أن يكون الوالدان واقعيّين بشأن شخصية الطفل ومزاجه، اللذَين يحددان مقدار التفاعل الاجتماعي الذي يبحث عنه، ولا يعني وجود عشرات الأصدقاء للوالدين أنّ الطفل سيفعل ذلك أيضًا، ولا يعني أيضًا وجود مشكلة.


لماذا يواجه بعض الأطفال صعوبة في تكوين الصداقات؟

الصداقة هي جزء من الحياة، لكن هذا لا يعني أنّ تكوين الصداقات يحدث بصورة طبيعيّة للجميع، فالقدرة على تكوين صداقات والحفاظ عليها يعدّ مهارةً يجب تعلُّمها ولا علاقة لها بشخصية الطفل، ولا تعني أنّ الطفل غير محبوب أو ليس خفيف الظّل، لكن ذلك يعني فقط أنّه يحتاج إلى المساعدة لبناء المهارات الاجتماعية اللازمة، وهي أصعب مما يبدو، إذ تتضمن امتلاك بعض المهارات الاجتماعية، مثل: القدرة على بدء محادثة واستمرارها، والاستجابة للإشارات الاجتماعية، والتفاعل بطريقة إيجابية، والاستماع وفهم ما يقوله الآخرون.

وبالنسبة للعديد من الأطفال فإن تكوين الصداقات يكون بسهولة؛ لأنّ لديهم هذه المهارات الاجتماعية، أو يبنونها بسرعة مع تقدمهم بالسن، لكن بعض الأطفال يستغرقون وقتًا أطول، وهذا ينطبق أكثر على الأطفال الذين يتعلمون ويفكّرون بطريقة مختلفة عن أقرانهم؛ فعلى سبيل المثال يشعر بعض الأطفال بالتوتر الشديد أو القلق من التحدث إلى أطفال آخرين، بالتالي إذا لم تبدأ محادثة أبدًا فمن الصعب الحصول على صداقة، أو قد ينضمّون إلى محادثة لكن يواجهون صعوبةً في الخروج بأشياء للحديث عنها، أو قد يبدؤون بالحديث عن شيء لا يهتم به الأطفال الآخرون ولا يلاحظون أنّ الآخرين ينسحبون.

ويعد من الصعب أيضًا الترابط إذا لم يفهم الطفل القواعد الاجتماعية، فمثلًا توجد فترات توقّف طبيعية في المحادثات تساعد على تبادل الحديث، لكن بعض الأطفال يتدفقون خلالها أو يقاطعونها، ويجب أيضًا المشاركة في المحادثة بطريقة إيجابية، فإذا كان الأطفال صريحين للغاية سيبدو أسلوبهم سلبيًّا أو ضاغطًا، وعليهم اتباع ما يقوله الآخرون والرد ليس فقط على الكلمات المنطوقة، لكن أيضًا على كيفية قول الأشياء، وهذا يعني ملاحظة لغة الجسد ونبرة الصوت.

ومن الجدير بالذّكرأنه حتى إذا كانت لدى الأطفال المهارات اللازمة لتكوين الصداقات فمن المحتمل أنهم لم يلتقوا بالأشخاص المناسبين حتى الآن؛ إذ غالبًا ما تُبنى الصداقة على المصالح المشتركة، فإذا كان الطفل مختلفًا بطريقة ما أو تم تمييزه قد يجعل ذلك الأطفال الآخرين يخجلون من مصادقته.[٣]


هل تشير صعوبة الطفل في تكوين الصداقات إلى وجود حالة طبية؟

أحيانًا تعد عدم القدرة على تكوين صداقات والاحتفاظ بها مفتاحًا مهمًا يشير إلى حاجة الطفل إلى المساعدة من اختصاصي طبي، لذا قد تكون للأطفال الذين ما يزالون يعانون من مشكلات في تكوين صداقات بعد محاولة مساعدتهم حالة طبية تؤثر في علاقاتهم الاجتماعية، وقد تتضمن هذه الحالات الطبية اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، والتوحد، والقلق، والتشدد الانتقائي (selective mutism) فلا يتحدث الأطفال مع أشخاص خارج علاقتهم المباشرة الأسرية، ويمكن أن يكون وجود مشكلة مع الصداقات أثرًا جانبيًا أو علامةً على الاكتئاب، أو إعاقات التعلم، أو التوتر، أو التعرض للتنمر.[١]


ما هي آثار الشعور بالوحدة على الطفل؟

غالبًا ما يعاني الأطفال الذين يشعرون بالوحدة من ضعف العلاقات مع أقرانهم، بالتالي يعبرون عن الوحدة أكثر من أقرانهم الذين يملكون الأصدقاء، وفي أغلب الأوقات يشعرون بالاستبعاد، وهو شعور يضرّ بتقديرهم لذاتهم، بالإضافة إلى ذلك قد يواجهون مشاعر الحزن والضيق والملل والاغتراب. ويمكن لتجارب الوحدة في الطفولة المبكرة أن تساهم في الشعور بالوحدة أثناء مرحلة البلوغ، بالتالي قد يفوت الأطفال الوحيدون العديد من الفرص للتفاعل مع أقرانهم وتعلم مهارات مهمة مدى الحياة، ونظرًا للأهمية الممنوحة لفوائد تفاعلات الأقران والصداقات في نمو الأطفال فإن هذا النقص المحتمل في التفاعل يثير الكثير من المخاوف للمعلمين الذين يعملون مع الأطفال الصغار.[٤]

وتُعرف الوحدة الآن كمشكلة صحية عامة رئيسة، إذ إنها تضعف الاستجابة المناعية، وتجعل الأشخاص أكثر عرضةً للإصابة بمشكلات طبية خطيرة، مثل: أمراض القلب، والسكتة الدماغية، ووفقًا لأحد التحليلات يزيد الشعور بالوحدة من خطر الوفاة المبكرة كالتدخين وزيادة الوزن، ويكون الخطر أعلى عند الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عامًا.[٥]


المراجع

  1. ^ أ ب Vincent Iannelli, MD, " How Kids Make and Keep Friends "، verywellfamily, Retrieved 6-5-2020. Edited.
  2. "8 Ways to Help Your Child Make Friends in School", health.clevelandclinic, Retrieved 6-5-2020. Edited.
  3. The Understood Team , " Why Some Kids Have Trouble Making Friends "، understood, Retrieved 6-5-2020. Edited.
  4. "Loneliness in Young Children", mentalhelp, Retrieved 6-5-2020. Edited.
  5. "Why addressing loneliness in children can prevent a lifetime of loneliness in adults", pbs, Retrieved 6-5-2020. Edited.
6223 مشاهدة
للأعلى للسفل
×