كيف حارب الإسلام التمييز العنصري؟
العنصرية هي التمييز بين الناس، على أساس عنصرهم أو أصلهم أو لونهم أو شكلهم ومعاملتهم على ذلك الأساس، والعنصري هو الذي يُفضل عنصره على غيره من عناصر البشر ويتفاخر به ويتعصب له،[١] والإسلام قد حارب العنصرية والتمييز العنصري في عدة مجالات، ولعلَ من أبرزها ما يأتي:[٢]
- محاربته في نظام الأسرة
فلم يجعل الإسلام اللون أو الوضع الاجتماعي حائلاً دون تكوين الأسرة، فكل ما يشترطه الإسلام هو التراضي، والقدرة على تكوين البيت، والقيام بأعبائه على أساس مستقر، وجعل الكفاءة المتمثلة بالدين والخلق هو أساس الزواج.
- محاربته في القضاء
يتساوى الناس جميعاً في الإسلام أمام القضاء، والقاضي نفسه لا يشترط به أي شرط عنصري أو لوني، فمعيار توليه القضاء هو العلم والكفاءة والأخلاق، وبين يدي القاضي يتقاضى الجميع دون أي تمييز، وقد طبقت العدالة في القضاء في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، عندما أقام الحد على امرأة سرقت من بني مخزوم، دون تفريق منه بين سرقة الشريف وسرقة الضعيف.
فالإسلام لم يفرق في القصاص بين الرجل والمرأة، وبين الغني أو الفقير، وبين المسلم والذمي، وبين الأبيض والأسود، ولم يفرق بين أن يكون القاتل واحداً أو جماعة، فقد قتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جماعة بواحد، وقال في ذلك قوله المشهور: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً.
- محاربته في فرص العمل
أعطى الإسلام لكل فرد الحق في ممارسة العمل المشروع الذي يروق له، على أساس الكفاءة، فحق العمل مكفول لكل إنسان دون أيّ عائق عنصري أو ديني أو طبقي، والدولة في الإسلام مسؤولة عن توفير الرعاية والمعاملة الطيبة التي تكفل انطلاق كل الطاقات في المجتمع.
محاربة القرآن الكريم للتميز العنصري
القرآن الكريم هو الذي قضى على العنصرية ودعاوى الجاهلية، كما وقضى على جميع أشكال التفرقة العنصرية والنسبية واللونية، ووضع أساس المساواة بين الناس كافة، فالناس جميعاً ربهم واحد، وكلهم لآدم، ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، وإنما معيار التفاضل هو التقوى، والتقوى اسم جامع لكل أنواع الخير والهدى، وهنالك العديد من الآيات التي تشير إلى محاربة التمييز العنصري، ومنها ما يأتي:[٣]
- قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).[٤]
- قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً).[٥]
نماذج من محاربة الإسلام للتمييز العنصري
هنالك العديد من النماذج في محاربة التمييز العنصري في صدر الإسلام وعند مؤرخي وجغرافي الإسلام، ولعلَ أبرزها ما يأتي:[٢]
- بلال بن رباح الحبشي
مؤذن رسول الله، في مسجد المدينة، فكان الرسول يؤم المسلمين، وكان بلال يؤذن لهم.
- المقداد بن الأسود صاحب رسول الله
كان من أصحاب البشرة السوداء، ولم يميز النبي بينه وبين الآخرين، فكان من أجلاء الصحابة، وشهد مع الرسول غزوة بدر الكبرى، ثم شهد المشاهد كلها.
- لم يتخذ علماء المسلمين في التاريخ والجغرافيا والعمران موقفاً عدائياً من أي جنس
على أساس اللون، فالمسعودي عندما تحدث عن الأجناس ووصل لسودان وسكان إفريقيا تحدث عن بلادهم في موضوعية كاملة، وهو نفس منهج ابن خلدون، فلم يغالي في تأثير البيئة الطبيعية على صفات الإنسان، بل وجه كل عنايته في البحث عن العوامل الاجتماعية.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 166. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد العزيز كامل، الإسلام والتفرقة العنصرية، صفحة 45-57. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو شبهة، كتاب المدخل لدراسة القرآن الكريم، صفحة 13-14. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجرات، آية:13
- ↑ سورة النساء ، آية:1