كيف عالج الرسول الاكتئاب

كتابة:
كيف عالج الرسول الاكتئاب

الاكتئاب

الاكتئاب من الأمراض المعاصرة التي يُعاني منها الكثير من الناس، حيث سجّلته الدراسات الحديثة كأخطر مرضٍ في هذا الوَقت من عُمر الأرض، ويُصاب في هذا المرض عالمياً شخصٌ من كلّ خمسة أشخاصٍ، ويشيع هذا المرض بين فئة النساء بشكلٍ خاصٍ، ويؤدي الاكتئاب إلى عدّة أمورٍ؛ منها: إهمال النفس، أو إيذاءها، فقد يصل الإيذاء في أشَد حالاته إلى الانتحار، ويتصل الاكتئاب بالماضي، أو بأسبابٍ غير ظاهرةٍ؛ كارتباط الإنسان بِموقفٍ أو شخصٍ ما من الماضي مع عدم التمكّن من النسيان، وعدم القدرة على مباشرة الحياة من جديدٍ، وينحصرالمُصاب بالاكتئاب في الهموم والتفكير السلبي، ويصبح المريض غير قادرٍ على النظر إلى الحياة بأملٍ وتفاؤلٍ، فقد يصل به الحال إلى أن يرى نفسه أكبر أعدائه، وكثيراً ما يشعر الإنسان بالخمول والكسل، وعدم المُبادرة إلى مُساعدة الآخرين، كما أنّ للاكتئاب عدّة أسبابٍ، من أبرزها: فَقْد شخصٍ عزيزٍ، والإصابة بصدمةٍ بعد ذلك، أو شُعور الشخص بالنقص والاختلاف عن أقرانه، أو شُعوره بالخذلان، وعدم قبول واقعه نتيجة مُقارنة نفسه بالآخرين، وفي هذه الحالات لا بدّ للمريض من إعانة نفسه على الشفاء، حيث لا يكون لغيره دورٌ إلّا في الدعم والتحفيز فقط.[١]


علاج الرسول للاكتئاب

خلق الله -عزّ وجلّ- الإنسان، وجعل سُنتهُ في الأرض التغيير، فلا يدوم الحُزن ولا الفرح، فالإنسان دائم التقلّب بين هذه الأحوال، فلا يسلم الإنسان من المرض، والحُزن، والأكدار، ولذلك فقد أرشد النبي -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- إلى العديد من الأساليب العملية لمواجهة الاكتئاب، وفيما يأتي بيان بعضها:[٢]

  • الدعاء، حيث يعتبر من أقوى الأساليب التي تُساعد الإنسان على تجاوز الصعوبات، فالله -عزّ وجلّ- يُحبّ العبد الذي يُقبل عليه بالدعاء والسؤال، وهو سبحانه أكرم من أعطى، وأجّلُ من سُئل، حيث يُقسم الدعاء إلى قسمين، وقائيٌ، وعلاجيٌ، أما الوقائي فهو كدعاء النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- عندما دخل المسجد، ووجد أبا أُمامة في المسجد في غير وقت الصلاة، فسألهُ عن السبب، فأجابه قائلاً: إنّها الهُموم والديون، فعلّمه أن يدعو الله بقول: (قُلْ إذا أصبحتَ وإذا أمسيْتَ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ وأعوذُ بك من العجزِ والكسلِ وأعوذُ بك من البخلِ والجبنِ وأعوذُ بك من غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرِّجالِ)،[٣] والدعاء العلاجي؛ كالدعاء بسيد الاستغفار، بقول: (اللهم أنت رَبي لا إله إلا أنت خَلَقتني وأنا عَبدُك وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استطعت، أعوذُ بكَ مِن شَر ما صَنعت أبوء لَكَ بِنِعمتكَ عليّ، وأبوءُ بذنبي فاغفر لي فإنهُ لا يَغفِرُ الذُنوب إلّا أنت).
  • استشعار نِعْم الله عزّ وجلّ، حيث قال تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)،[٤] فلو تأمّل الإنسان بعظيم نِعم الله عليه، من هواءٍ، وماءٍ، وصحةٍ، وغذاءٍ؛ لتناثرت هُمومه، وانفرطت كما تنفرط حبات العِقد.
  • استغلال الوقت الحاضر؛ فمن أكثر ما يُكدّر على الإنسان التفكير بالماضي الذي انقضى، أو خوفه من المستقبل الذي لم يأتِ، وغفلته عن يومه الذي يعيشه، فيجب على العبد أن يستغلّ يومه بالعمل والاجتهاد؛ كي ينعم بالراحة والسكون النفسي.
  • الإخلاص؛ فإخلاص العمل لله -عزّ وجلّ- يعدّ من أكثر ما يُعين على السعادة، فلا يطلب من غيره الثناء والشُكر.
  • الصبر؛ فمن سنن الله -عزّ وجلّ- على عباده البلاء في الحياة الدنيا، حيث قال الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)،[٥] فالحكيم مَن يُحسن عند البلاء ويَصمد ويصبر، ولا يَستسلم للأوهام والوساوس؛ حتى يكون من الصابرين الذين بشّرهم الله -عزّ وجلّ- بالجنة في أكثر من موضعٍ من القرآن الكريم، فمن أجمل العطايا هي التي تأتي مع الصبر.
  • الإكثار من الأعمال الصالحة، فهس من أكثر العوامل التي تساعد على إزالة الهم والحزن، ومن الأعمال الصالحة: قراءة القرآن، والإكثار من الاستغفار، والصدقة التي تُدخل السرور على نفس المحتاج، وتُشعر المتصدّق بجمال العطاء.
  • المسارعة إلى التوبة، وعدم اليأس عند تكرّر الوقوع في الخطأ؛ لأنّ ارتكاب الذنوب طبيعةٌ بشريةٌ، والعبرة بما بعد الذنب من التوبة والاستغفار، فالله -عزّ وجلّ- يقبل التائبين، ويشرح صدورهم.
  • استشعار العبد المؤمن أن ما يُصيبه من الهم، والحزن، والمصائب، تُعد كفّارةٌ لذنوبه، ومنها ما يرفع مرتبة العبد عند ربه، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن مصيبةٍ تصيبُ المسلِمَ إلَّا كفَّرَ اللَّهُ بِها عنهُ، حتَّى الشَّوكةِ يُشاكُها).[٦]


علاج الاكتئاب في الإسلام

كتب الله -عزّ وجلّ- الدواء لكّل داءٍ، وجعل دواء الاكتئاب بالتعلّق به، والتوكّل عليه، وبالتذلّل له، وبذلك ينال العبد كلّ أمرٍ يرجوه، فالله -تَعالى- لا يردّ من أتاه متجرّداً إليه، يدعوهُ دعاء المُضطر، كما أنّ الصلاة تمنح العبد قوة الروح، والإرادة، وتُعلي من طاقته الروحية، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم - إذا اشتدّ عليه أمرٌ ما فزع إلى الصلاة، وممّا يُساعد على الخروج من الاكتئاب إعانة الفقراء والمحتاجين؛ فبذلك يتقرّب العبد من الله -عزّ وجلّ- بدعائهم له، كما يشعر العبد بوجوده وقدرته على التأثير والإنجاز، وهناك العديد من الأدعية التي تُردّد في حالة الهم والحزن، ومنها ما كان النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يقوله عند الكرب: (لا إلهَ إلّا اللهُ العليمُ الحليمُ، لا إلهَ إلّا اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلّا اللهُ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرضِ ربُّ العرشِ الكريمِ).[٧][٨]


المراجع

  1. د. خالد الشهري (22-2-2018)، "الاكتئاب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2018. بتصرّف.
  2. د. قذلة القحطاني، "علاج الهم والحزن في ضوء الكتاب والسنة"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2018. بتصرّف.
  3. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3/55، حسن.
  4. سورة لقمان، آية: 20.
  5. سورة البقرة، آية: 155.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 5640، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 7426، صحيح.
  8. نعيمة ناصف (17-1-2007)، "علاج الاكتئاب في الصيدلية الإسلامية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2018. بتصرّف.
5601 مشاهدة
للأعلى للسفل
×