محتويات
كيف نزل سيدنا آدم إلى الأرض
أسكن الله -سبحانه وتعالى- آدم وزوجته الجنّة، وأجاز لهما التمتّع بما فيها من النّعيم، والأكل من ثمراتها وأصناف الطعام فيه حيثما يريدان، إلّا شجرةً واحداً منعهما من الاقتراب والأكل منها، فإن فعلا ذلك كانا من الظالمين العاصين لله -تعالى-.[١]
وهنا ابتدأ غيظ إبليس الذي بدأ يوسوس لهما ويُزيّن لهما معصية الله من خلال الأكل منها، فاستجابا لوساوس الشيطان وأكلا من الشجرة التي منعهما الله منها، فكان الجزاء أن أنزلهما الله من الجنة إلى الأض عقاباً لهما على مخالفتهما لأمر الله، فيعيشان وذريتهما في الأرض وتكون لهم مستقراً إلى حين.[١]
المقصود بنزول سيدنا آدم من الجنة
أنزل الله آدم وزوجته من الجنّة إلى الأرض، فقال -تعالى-: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)،[٢] فالأمر بالنزول من الجنّة جاء بلفظ اهبطوا، الذي يشمل الهبوط الحقيقي وهو الحسّي والهبوط المعنوي.[٣]
وإنّ آدم وزوجته كانا في مكانٍ عالٍ وهو الجنّة ثمّ نزلا إلى الأرض التي هي المكان الأدنى، وهو الهبوط الحسّي، أمّا الهبوط المعنوي؛ فقد كانا في المكان الممتلئ بأصناف النعيم التي حدّ لها ولا حصر، بالقرب من الملائكة المطهّرين، يتنعّمون بما فيها من الراحة والاطمئنان بعيداً عن معترك الحياة وجهدها وشقّتها، لا يسمعون فيها ما لا فائدة فيه من الكلام واللّغو، فأنزلهم الله إلى الأرض حيث كبَد العيش ومشقته، بخلاف ما كانوا فيه.[٣]
بدء التكليف على الأرض
حين كان آدم وزوجته في الجنّة لم يكونا مأموران إلّا بالابتعاد عن الشجرة والامتناع عن الأكل منها، ثمّ لمّا نزلا إلى الأرض ابتدأ التكليف والاختبار، وأخبر الله -تعالى- أنّ هذا الاختبار له جزاء، إن كان خيراً فالجزاء خير، وإن كان شراً فالجزاء شرّ، والنفس فيها بذرةٌ للخير وأخرى للشر، وصاحبها الذي يسيّرها وفق اختياره، قال -تعالى-: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا).[٤][٥]
ويشمل التكليف جميع العباد، دون اقتصاره على آدم وزوجته،[٣] ولم تكن المعصية من قبل آدم وزوجته سبيلاً لوقوع اللّعنة عليهم، وإنّما تهيئةً من الله له ليجعله خليفةً له في الأرض، وقد أعلم الله الملائكة بذلك قبل أن يخلق آدم -عليه السلام- فقال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).[٦][٧]
وحمل آدم -عليه السّلام- تكليف الله له، هذا التكليف الذي عجزت السماوات والأرض والجبال عن تأديته والقيام به وفق حقّه، فكان هذا الهبوط من الجنة في حقيقته علوّ وتشريف وتكليف، قال -تعالى-: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)،[٨] والمكان والمستقر للقيام بهذه الأمانة هي الأرض.[٧]
المراجع
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1995)، المنتخب في تفسير القرآن الكريم (الطبعة 18)، مصر :المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية:38
- ^ أ ب ت محمد أبو زهرة ، زهرة التفاسير، القاهرة :دار الفكر العربي، صفحة 202، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الشمس ، آية:7-8
- ↑ محمد أبو زهرة ، زهرة التفاسير، القاهرة :دار الفكر العربي، صفحة 202، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية:30
- ^ أ ب عبد الكريم الخطيب ، التفسير القرآني للقرآن، القاهرة :دار الفكر العربي، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب ، آية:72