ولادة عيسى عليه السلام
شعرت مريم -عليها السّلام- بآلام الولادة، فتمنّت أنّها قد ماتت قبل أن يصيبها ما أصابها، وذلك حتى لا يذكرها أحد من الناس بسوء، فولدت ابنها عيسى، وناداهاالملك جبريل -عليه السّلام- من تحتها يواسيها ويقول لها لا تحزني، فقد جعل الله لها ابناً سيكون سيداً في القوم، ثمّ أمرها أن تهزّ النخلة من فوقها وتأكل من ثمرها، ثمّ تصوم عن الكلام فلا تُكلّم أحداً من النّاس.[١]
قصة حمل مريم بعيسى عليه السلام
نشأت مريم عند زكريا -عليهما السّلام-، فقد كفلها وأمّن لها ما تحتاجه من الرّعاية، والطعام، والشراب، والمكان الذي تتعبّد فيه إلى ربّها، قال -تعالى-: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).[٢][٣]
وكانت مريم متفرّغة للعبادة، لا تخالط النّاس ولا تحادثهم، وكان القوم على علم بذلك، وقد قبلوا أمرها كونهم عُرفوا بالصّلاح والعبادة،[٣] وكانت مريم تحت رعاية قومها، يؤمنون لها المكان الذي تتعبد فيه، وبينما هي على هذا الحال إذ أتاها جبريل -عليه السّلام-،[٤] فاستعاذت بالله منه، فأخبرها أنّه رسول من عند الله أتاها ليهب لها غُلاماً زكيّا.[٥]
وتعجبّت كيف يكون لها ولد دون أن تتزوّج، فأخبرها أنّ ذلك أمر الله، وإنّما يريده ليكون معجزةً للنّاس، قال -تعالى-: (وَاذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا*فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا*قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا*قالَ إِنَّما أَنا رَسولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا).[٦][٥]
كلام عيسى في المهد
أنطق الله عيسى -عليه السّلام- وهو في المهد ممّا طمئن قلب أمّه مريم، وجعل إيمانها كبيراً أنّ هذا الولد سيكون خير من يدافع عنها أمام قومها، فلمّا علمت ذلك أخذته وتوجّهت به ناحية قومها راضيةً بما كتبه الله لها وقدّره من حكيم إرادته، قال -تعالى-: (فَأَتَت بِهِ قَومَها تَحمِلُهُ قالوا يا مَريَمُ لَقَد جِئتِ شَيئًا فَرِيًّا).[٧][٨]
ولمّا رآها القوم قد أقبلت وقد حملت طفلاً بين يدها، توجّهوا إليها باللّوم أنّها قد ارتكبت أمراً قبيحاً، وقاموا يذكّروها بصلاح أهلها،[٨] وما كان من مريم ردّاً على ما سمعته منهم إلّا أنّها أشارت إلى ابنها ولم تتكلّم بأيّ كلمة، فقالوا لها كيف نكلّم طفلاً ما زال في المهد.[٩]
وأظهر الله معجزته وأنطق سيّدنا عيسى-عليه السّلام- أمام القوم واصفاً نفسه فقال أنّه عبدُ لله تمام العبودية، أعطاه الله الكتاب، وجعله نبيّاً، وجعله مباركاً في كلّ مكانٍ وزمانٍ سائراً في مساعدة الناس وٍتقديم النفع لهم، وأمره بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة والدته وبرّها، وأنّه -سبحانه وتعالى- لم يجعله خارجاً عن طاعته وعبادته وتنفيذ أمره، ثمّ ختم كلامه بالسلام على نفسه من كلّ ما يضرّه.[٩]
المراجع
- ↑ أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرالة ، صفحة 468. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران ، آية:37
- ^ أ ب صلاح الخالدي (2007)، القرآن ونقض مطاعن الرهبان (الطبعة 1)، دمشق :دار القلم ، صفحة 85. بتصرّف.
- ↑ صلاح الخالدي (2007)، القرآن ونقض مطاعن الرهبان (الطبعة 1)، دمشق :دار القلم، صفحة 86. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة، صفحة 467-468. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم ، آية:16-19
- ↑ سورة مريم ، آية:27
- ^ أ ب وهبة الزحيلي (1422)، التفسير الوسيط للزحيلي (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر ، صفحة 1473-1474، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي (1422)، التفسير الوسيط للزحيلي (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر، صفحة 1474-1475، جزء 2. بتصرّف.