كيف يجاب على الحديث الوارد في رضاع الكبير؟

كتابة:
كيف يجاب على الحديث الوارد في رضاع الكبير؟


كيف يجاب على الحديث الوارد في رضاع الكبير؟

أولًا: نصّ حديث رضاع الكبير وصحته

صَحَّحَ البخاريُ ومسلم حديث رضاع الكبير، وقد أخرج مسلم في صحيحه عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: "سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَقُولُ لِعَائِشَةَ: وَاللَّهِ ما تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ يَرَانِي الغُلَامُ قَدِ اسْتَغْنَى عَنِ الرَّضَاعَةِ، فَقالَتْ: لِمَ؟ قدْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بنْتُ سُهَيْلٍ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، وَاللَّهِ إنِّي لأَرَى في وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِن دُخُولِ سَالِمٍ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَرْضِعِيهِ، فَقالَتْ: إنَّه ذُو لِحْيَةٍ، فَقالَ: أَرْضِعِيهِ يَذْهَبْ ما في وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ. فَقالَتْ: وَاللَّهِ ما عَرَفْتُهُ في وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ".[١]


ثانيًا: قول أهل العلم في حديث رضاع الكبير

  • ذهب جمهور أهل العلم إلى القول بأنّ رضاع الكبير الوارد في الحديث فيه خصوصية ورخصة أعطاها النّبي -عليه الصلاة والسلام- لسالم مولى أبي حذيفة وسهيلة بنت سهيل، ذلك أنّ سالم تربّى في بيت أبي حذيفة فلمّا أبطل الإسلام التبنّي وشقّ عليهم فراقه جعل له النّبي -عليه الصلاة والسلام- تلك الخصوصية، بدليل إقرار بعض زوجات النّبي -عليه الصلاة والسلام- والصّحابة -رضوان الله عليهم-.[٢][٣]
  • وتجدر الإشارة إلى أنّ أهل العلم قالوا بأنّ رضاع سالم لم يكن كما هو معروف في الرّضاعة؛ ذلك أنّه بعدما أبطل الإسلام التبنّي أصبح سالم أجنبيًا عنها، وإنّما يُحتمل أن يكون رضاعه بأن جعلت سهيلة من حليبها في إناء قدر خمس رضعات ثم شربه سالم.[٤]
  • وقال أهل العلم بأنّ الرضاع المُحرّم ما كان دون العامين لقول الله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[٥] فإنّ الرّضاع ما أنبت اللحم وبنى العظم وهذا يتحقق في الصغير لا في الكبير.[٢]
  • فيما ذهبت عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- وهو قول ابن تيمية -رحمه الله- بأنّ الحُكم في هذا الحديث عام في رضاع الكبير وأنّه متى وُجدت العلة وُجد الحكم ولا خصوصية لسالم فيه، فمن كانت حاجته كحاجة سالم جاز له الرّضاع وتثبت به الحرمة.[٤]


حكم رضاع الكبير في المذاهب الأربعة

نصّ فقهاء المذاهب الأربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ حكم رضاع الكبير هو أنه لا يُحرّم ولا تثبت الحرمة به مطلقًا، واستدلوا بأدلة عدّة، منها ما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دَخَلَ عَلَيَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعِندِي رَجُلٌ، قالَ: يا عَائِشَةُ، مَن هذا؟ قُلتُ: أخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، قالَ: يا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ مَن إخْوَانُكُنَّ؛ فإنَّما الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ"،[٦] وما ورد عن نافع مولى ابن عمر -رضي الله عنه- قال: "عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّه كان يقولُ: لا رَضاعةَ إلَّا لمَن أرضَعَ في الصغَرِ، ولا رَضاعةَ لكَبيرٍ".[٧][٨]




المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1453، حديث صحيح.
  2. ^ أ ب "الخلاف في رضاع الكبير هل يحرِّم أو لا؟"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2022. بتصرّف.
  3. "مسألة في حكم إرضاع الكبير "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2022. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "ما صحة حديث رضاع الكبير؟ "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2022. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:233
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2647، حديث صحيح.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج زاد المعاد، عن نافع مولى ابن عمر، الصفحة أو الرقم:525، الحديث اسناده صحيح.
  8. "المَطلَبُ الثَّاني: من الرَّضاع المُحَرِّمِ: رَضاعُ الكَبيرِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2022. بتصرّف.
5351 مشاهدة
للأعلى للسفل
×