كيف يسامحني ربي

كتابة:
كيف يسامحني ربي

التوبة

إنّ لمسامحة الله -تعالى- لعباده وغفرانه لذنوبهم، طُرقٌ كثيرةٌ، فالعبد لا يزال بخيرٍ ما دام حريصاً على الرجوع إلى الله والتوبة عن ذنبه، وطلب المسامحة والغفران من ربّه، فالتوبة هي الخطوة الأولى التي يفعلها العبد حتّى يُسامحه الله -تعالى- على ما بدر منه من خطايا، وذنوبٍ، ومعاصٍ، والتوبة النصوح هي التوبة المنشودة في هذا الباب، وقد عرّفها العلماء بتعريفاتٍ عِدّة، منها ما قاله الكلبي: "الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع عن الذنب، والاطمئنان على أنّه لا يعود".[١]

ومنها ما قاله القرظِّي: "التوبة المتضمّنة للاستغفار باللسان، وترك فعل المعصية بالأبدان، والعزم على عدم الرجوع إليها بالجنان، وهجر السيئ من الخلّان"، ومن شروط التوبة النصوح ما يأتي:[١]

  • الخوف من الله ألّا يقبل التوبة.
  • الرجاء بالله أن يقبل التوبة.
  • التزام فعل الطاعات، ودوامها.
  • ردِّ المظالم لأهلها.

ومن علاماتها: قلّة الكلام، وقِلّة الأكل؛ بالصيام، وقلة النوم؛ بكثرة القيام، ومَحبَّة الله، وكثرة ذكره.[١]

الاستغفار

إنّ الاستغفار هو طلب المغفرة والعفو من الله -تعالى- باللسان، ويكون بصيغة الدعاء كأن يقول العبد: "اللهم اغفر لي"، "أستغفر الله وأتوب إليه"، وما شابه ذلك، والاستغفار هو وسيلةٌ من وسائل طلب السماح من الله -تعالى-.[٢]

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لهمْ)،[٣][٤] كما أنّ العلماء قد ذكروا فروقاً بين التوبة والاستغفار، فالاستغفار يكون باللسان، والتوبة تكون بالقول والفعل، وإذا أُطلقا يدخل كلٌّ منهما في مفهوم الآخر.[٥]

كما أن الاستغفار يكون بصيغة الطلب كسائر الأدعية التي يُريدها العبد لنفسه، أمّا التوبة فتتضمّن العزم على الإقلاع عن الذنب وردّ الحقوق إلى أهلها؛ إن كان الذنب مقترناً بسلب حقٍّ، وذكروا أيضاً فروقاً أخرى.[٥]

عدم الإصرار على المعصية وإن كانت صغيرة

إنّ الإصرار على الذنوب صغيرةً كانت أم كبيرةً من المخاطر التي لا يجدر بالمسلم أن يُعرّض نفسه لها، فالإقلاع عن الصغائر والكبائر هو إحدى الخطوات الصحيحة في طلب المسامحة والغفران من الله -تعالى-، وقد قيل إنّ الإصرار على الصغيرة قد يجعلها كبيرة.[٦]

ولا يحسن بالمسلم أن يستصغر ذنبه، فيجب أن ينظر العبد إلى جلال من يعصي لا إلى حجم الذنب وأثره، وقد امتدح الله عباده المتّقين بقوله: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).[٧][٦]

المحافظة على الطاعات المفروضة

إنّ العبد كلّما كان محافظاً على فرائضه، وواجباته، ومؤدياً لها بإتقانٍ وخشوعٍ، كان أقرب للمسامحة والمغفرة، وأبعد عن المعاصي والآثام، كما أنّ الحِفاظ على الفرائض هو سببٌ من أسباب دفع البلاء وجلب السعادة والهناء، وهو من أسباب حفظ الله -تعالى- للعبد ورعايته له.[٨]

الإكثار من النوافل

إنّ الإكثار من النوافل هو وسيلة من وسائل التقرّب من الله -تعالى- والفوز بحبّه ورضاه، وهو وسيلة أيضاً في تدارك النقص، والتقصير، ونيل المغفرة والمسامحة، والعفو من الله -تعالى-،[٩] كما أن في ذلك لذّة في العبادة لا يدركها إلّا من أكثر من الطاعات والقربات، رغبةً في الترقّي والارتفاع في درجات الجنة في الآخرة.[١٠]

وفي الحديث القدسي: (وما يزال عبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ..).[١١][٩]

المراجع

  1. ^ أ ب ت القرطبي، شمس الدين، تفسير القرطبي، صفحة 198. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 34-35. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2749، حديث صحيح.
  4. التبريزي، أبو عبد الله، كتاب مشكاة المصابيح، صفحة 721. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد بن إبراهيم الحمد، كتاب مصطلحات في كتب العقائد، صفحة 187. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 292. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية:135
  8. مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 186. بتصرّف.
  9. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 435. بتصرّف.
  10. عبد المحسن القاسم، كتاب خطوات إلى السعادة، صفحة 76. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6502، حديث صحيح.
4712 مشاهدة
للأعلى للسفل
×