لماذا سميت الخنساء بهذا الاسم

كتابة:
لماذا سميت الخنساء بهذا الاسم

الشاعرة الخنساء

الخنساء الملقبة بأمّ عمرو صحابيّة وشاعرة مخضرَمة من أهل نَجد، أدركت الجاهلية والإسلام وأسلمت، وتُعدّ الخنساء من أبرز شعراء الجاهلية، كما كتبت الشعر خصوصًا بعد رحيل أخَوَيْها اللذَين قُتلا في الجاهلية، واتّسم شعر الخنساء بالحزن والأسى والفخر والمدح. قال عنها الذبياني: "الخنساء أشعر الجن والإنس"، وقيل إنّ الرسول العربي محمّد -صلى الله عليه وسلم- كان يعجب بشعرها. [١]

لماذا سميت الخنساء بهذا الاسم

الخنساء هي تماضر بنت عمرو بن الحرب بن الشريد السلمية، وشهرتها الخنساء (و. 575 - ت. 664)، اشتهرت بالرثاء في العصر الجاهلي، لقّبت الشاعرة الخنساء بهذا الاسم بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها، والخنس: قصر الأَنف وتأخره مع ارتفاع قليل في أرنبته، يكون في بقر الوحش والظِّباء فيزينها، وقد غلب عليها هذا اللقب، وأُهمل اسمها فلا تُعْرف إلا به. [٢] ومما ورد عن الحصري أن الخنساء هو كناية عن الظبية، ويريدون به قصر الأنف. [٣]

قصة الخنساء

كانت الخنساء أشعر العرب في الجاهلية والإسلام، وأجودهنّ وأبينهنّ وأشهرهنّ، وأكثرهنّ بكاءً، عاشت في الجاهلية أمثل شطرَيْ حياتها وأطولهما، ثم أدركت الإِسلام فأسلمت، وحسُنَ إسلامها، ولمّا وفدت مع قومها على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، استنشدها شعرها فأعجبه، فكان يستزيدها قائلاً: هيه يا خنساء!

لم ترضَ بالزّواج من غير بني عمها فقد خطبها دريد بن الصمة، وطلبها حَلِيلةً له، فصدته لتعصبها لقبيلتها وبني عمها، فكان للخنساء  ما أرادت؛ إذ خطبها رواحة بن عبد العزّى السّلمي وتزوجها، ومن أولادها زيد ومعاوية وعمرو وعباس ويزيد وعمرة.

شهدت سوق عكاظ، الذي كان يأتيه الشعراء فيعرضون فيه أشعارهم على النابغة الذبياني، وهو في قبة حمراء كانت تضرب له، فزاحمت من حضرها من الشعراء، ودافعتهم على التقدم، وقال لها النابغة مرة: "واللهِ ما رأَيت ذات مثانة أشعر منك!" [١]

قُتل أخوها معاوية على يد هاشم ودريد ابنَيْ حرملة يوم حوزة الأول سنة 612 م، فحرضت الخنساء أخاها صخر ليأخذ بثأر أخيه، فقام صخر بقتل دريد. ولكن صخر أصيب بطعنة ثم توفي في يوم كلاب سنة 615 م. فبكت الخنساء على أخيها صخر قبل الإسلام وبعده حتى عميت، وفي الإسلام حرّضت الخنساء أبناءها الأربعة على الجهاد مع الجيش في عهد عمر بن الخطاب، وهي تقول لهم: "يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ...وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية." وتأثر أبناؤها بوعظها، وانطلقوا إلى الجهاد واستشهدوا جميعًا في موقعة القادسية. ولما وصل الخنساء خبر استشهاد أبنائها لم تجزع ولم تبك، ولكنها صبرت، وقالت مقولتها الشهيرة: "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته". [٤]

قصيدة الخنساء في رثاء صخر

الخنساء الشاعرة الرقيقة المرهفة، أشهر شواعر الجاهلية والإسلام، هي التي لم يجف لها دمع منذ أن قتل أخوها صخر، فنظمت في رثائه ورثاء أخيها معاوية من الأبيات ما تدمع له العين، ويدمى له القلب. حيث تكاد تكون قد نذرت حياتها وشعرها وعقلها وقلبها لرثاء أخيها صخر. من ذلك قصيدتها الشهيرة في رثاء صخر: [٥]

قذًى بعينكِ أمْ بالعينِ عوّارُ                                  أم ذرَّفتْ إذْ خلت منْ أهلهَا الدَّارُ

كأنّ عيني لذكراهُ إذا خطرت                                فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ

تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ                           لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ

تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا                          إذْ رابهَا الدَّهرُ أنَّ الدَّهرَ ضرَّارُ

لاَ بدَّ منْ ميتة ٍ في صرفهَا عبرٌ                              وَالدَّهرُ في صرفهِ أحوالٌ وَأطوارُ

قدْ كانَ فيكمْ أبو عمرٍو يسودكمُ                             نِعْمَ المُعَمَّمُ للدّاعينَ نَصّارُ

يا صَخْرُ وَرّادَ ماءٍ قد تَناذرَهُ                                     أهلُ الموارِدِ ما في وِرْدِهِ عارُ

مشَى السّبَنْتى إلى هيجاءَ مُعْضِلَة ٍ                       لهُ سلاحانِ: أنيابٌ وأظفارُ

يوْماً بأوْجَدَ منّي يوْمَ فارَقني                                 صخرٌ وَللدَّهرِ إحلاءٌ وَإمرارُ

وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا                                      وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ

وإنّ صَخْراً لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا                                    وإنّ صَخْراً إذا جاعوا لَعَقّارُ

وإنّ صَخراً لَتَأتَمّ الهُداة ُ بِهِ                                كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ

جلدٌ جميلُ المحيَّا كاملٌ ورعٌ                             وَللحروبِ غداة ََ الرَّوعِ مسعارُ

حَمّالُ ألوِيَة ٍ هَبّاطُ أودِيَة ٍ                                 شَهّادُ أنْدِيَة ٍ للجَيشِ جَرّارُ

نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ                                  فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ

لقدْ نعى ابنُ نهيكٍ لي أخا ثقةٍ                         كانتْ ترجَّمُ عنهُ قبلُ أخبارُ

فبتُّ ساهرة ً للنَّجمِ أرقبهُ حتى                        أتى دونَ غَورِ النّجمِ أستارُ

لم تَرَهُ جارَة ٌ يَمشي بساحَتِها                         لريبة ٍ حينَ يخلِي بيتهُ الجارُ

ولا تراهُ وما في البيتِ يأكلهُ                             لكنَّهُ بارزٌ بالصَّحنِ مهمارُ

ومُطْعِمُ القَوْمِ شَحماً عندَ مَسغبهم                   وفي الجُدوبِ كريمُ الجَدّ ميسارُ

قدْ كانَ خالصتي منْ كلِّ ذي نسبٍ                   فقدْ أصيبَ فما للعيشِ أوطارُ

جَهْمُ المُحَيّا تُضِيءُ اللّيلَ صورَتُهُ                       آباؤهُ من طِوالِ السَّمْكِ أحرارُ

طَلْقُ اليَدينِ لفِعْلِ الخَيرِ ذو فَجَرٍ                      ضَخْمُ الدّسيعَة ِ بالخَيراتِ أمّارُ

لا يَمْنَعُ القَوْمَ إنْ سالُوهُ خُلْعَتَهُ                       وَلاَ يجاوزهُ باللَّيلِ مرَّارُ

قصائد الخنساء

بالإضافة إلى القصيدة الشهيرة للخنساء في رثاء أخيها صخر فإنها نظمت أشعارًا كثيرة في رثائه، واشتهرت الخنساء ببكّاءة بني سليم، وأغلب قوافيها مملوءة بالرثاء الموجع، ولا سيما المتحدّرة منها على صخر، ومما أطال حزنها على أخويها أن عمر بن الخطاب قال لها أنهما في النار.

  • ومن أبياتها الشعرية التي جعلت ابن سلام يدخلها في طبقة أصحاب المراثي: [١]

إِنَّ الزَّمانَ، وما يَفْنَى لَهُ عَجَبٌ          أَبْقَى لَنا ذَنَبًا، واسْتُؤْصِلَ الرَّاسُ

إِنَّ الجَدِيْدَيْنِ فِي طُولِ اخْتِلافِهِما        لا يَفْسُدانِ، ولَكِنْ يَفْسُدُ النَّاسُ

  • ومما قالته أيضًا في رثاء صخر: [٣]

بَكَت عَيني وَعاوَدَها قَذاها            بِعُوّارٍ فَما تَقضي كَراها

على صَخرٍ وَأَيُّ فَتىً كَصَخرٍ           إِذا ما النابُ لَم تَرأَم طِلاها

فَتى الفِتيانِ ما بَلَغوا مَداهُ             وَلا يَكدى إِذا بَلَغَت كُداها

حَلَفتُ بِرَبِّ صُهبٍ مُعمِلاتٍ             إِلى البَيتِ المُحَرَّمِ مُنتَهاها

  • وعندما تطيرت الخنساء من البارح، وشعرت أنه نذير شؤم نظمت قصيدة تقول في مطلعها:[٦]

جَرى ليَ طيرٌ فِي حمامٍ حذرتهُ       عليكَ ابنَ عمرٍو منْ سنيحٍ وَبارحِ

فلمْ ينجِ صخرًا مَا حذرتُ وَغالهُ         مواقعُ غادٍ للمنونِ ورائحِ

رَهينة ُ رَمْسٍ قد تَجرّ ذُيولها علَيهِ       سوافي الرّامساتِ البَوارحِ

  • ومن شدّة حزنها على أخيها صخر كان لا يفارق تفكيرها لا في الليل ولا في النهار. ومما قالته في تذكرها لأخيها في ليلة عكرة: [٧]

يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ          كلؤلؤٍ جالَ في الأسْماطِ مَثقوبِ

إنّي تذكَّرتهُ وَالَّليلُ معتكرٌ                     ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ

نِعْمَ الفتى كانَ للأضْيافِ إذْ نَزَلوا           وسائِلٍ حَلّ بَعدَ النّوْمِ مَحْرُوبِ

المراجع

  1. ^ أ ب ت لخنساء, ، "www.marefa.org"، اطلع عليه بتاريخ 2-3-2019، بتصرف.
  2. لخنساء, ، "www.marefa.org"، اطلع عليه بتاريخ 1-3-2019، بتصرف.
  3. ^ أ ب الخنساء, ، "www.wikiwand.com"، اطلع عليه بتاريخ 2-3-2019، بتصرف.
  4. الخنساء, ، "al-hakawati.la.utexas.edu" اطلع عليه بتاريخ 2-3-2019. بتصرف.
  5. قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّارُ, ، "www.adab.com" اطلع عليه بتاريخ 2-3-2019. بتصرف.
  6. جرى لي طير في حمام حذرته, ، "www.aldiwan.net"، اطلع عليه بتاريخ 3-2-2019، بتصرف.
  7. يا عين جودي بدمع منك مسكوب, ، "www.adab.com" اطلع عليه بتاريخ 2-3-2019. بتصرف.
4201 مشاهدة
للأعلى للسفل
×