لماذا سمي أبو حنيفة بهذا الاسم

كتابة:
لماذا سمي أبو حنيفة بهذا الاسم

سبب تسمية الإمام أبي حنيفة بهذا الاسم

لُقّب الإمام النعمان بن ثابت بأبي حنيفة؛ بسبب كثرة ملازمته للدواة أو المحبرة التي منها يُستمدّ الحبر للكتابة، والمحبرة بلغة أهل العراق قديمًا كانت تسمّى "بالحنيفة"،[١] فأبو حنيفة لقبٌ أطلق عليه؛ ليدل على غزارة علمه -رحمه الله-، وممّا قيل في سبب تلقيبه بأبي حنيفة؛ أنّ "حنيفة" مؤنث "حنيف"، وهو الناسك أو المائل إلى دين الإسلام، وقيل إنّ له بنتًا اسمها حنيفة، وهذا القول الثالث أضعفها؛ لأنّه لا يُعرف له من الأبناء إلا حمّاد.[٢]


التعريف بالإمام أبي حنيفة

هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي التَّيْمي، ذو أصولٍ فارسيَّةٍ، وُلد في الكوفة سنة 80 هجرية على أصح الأقوال في خلافة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان،[٣] وهو صاحب أوّل المذاهب الفقهيّة المعتبرة عند أهل السنّة والجماعة، ويعتبر أبو حنيفة من التابعين، حيث لقي عددًا من الصحابة؛ كأنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبي الطفيل عامر بن وائلة -رضي الله عنهم- وقد روى عنهم.[٤]

وقد كان الإمام أبو حنيفة في أول شبابه مشتغلاً بالتجارة، وخصوصاً تجارة الحرير، حتى لُقِّب "بالخزاز"، وكان أغلب وقته منصرفاً إلى السوق للتجارة، ومع ذلك كان يتردّد قليلاً إلى بعض حلقات العلم، وقد أكسبته خلطته بالتجار والزبائن معرفةً عميقةً بأحوال الناس وحاجاتهم، وكيفيّة الجدل معهم، وطرق إقناعهم.[٥]

وبقي هذا حاله حتّى لقي الإمام "الشعبي" في أحد الأيام، وقد لاحظ الشعبي ذكاءه، وعرف منه أنّ أغلب وقته يقضيه بالتجارة، فأوصاه الشعبي أن يزيد اهتمامه بالعلم، ويجعل له الحظّ الأوفر من وقته، فامتثل الإمام لنصحيته،[٥] فأقبل على حلقات العلم حتى نبغ وفاق أقرانه، وقد قال الإمام الشافعي عنه: "من أراد أن يتبحّر في الفقه فهو عيالٌ على أبي حنيفة"،[٦]وقد تعرّض -رحمه الله- لفتنةٍ في آخر أيّامه مع الخليفة العباسي المنصور، حيث أمره المنصور بتولّي القضاء، فرفض الإمام ذلك، فمُنع من الفتوى، وأمر الخليفة المنصور بحبسه وتعذيبه، حتّى مات -رحمه الله- في السجن أو فور خروجه.[٧]


مشايخه وتلاميذه

تفقّه أبو حنيفة على أستاذه الأول حماد بن أبي سليمان، وكان لا يفارقه، ولشدّة تعظيمه لشيخه واحترامه له؛ سمّى ابنه "حمّاد" على اسم شيخه، وقد لازم الإمام أبو حنيفة شيخه حمّاد حتى تُوفي -رحمه الله- في عام مئةٍ وعشرين، أي بقي معه ثماني عشرة سنة، وقد كان عمر الإمام حينها أربعين سنةً.[٨]

أمّا طلابه فكثُرٌ، ومن أشهرهم القاضي أبو يوسف، الذي وَليَ القضاء لثلاثةٍ من الخلفاء العبّاسيين، وهم المهدي والهادي والرشيد،[٩] ومنهم الإمام محمد بن الحسن الشيباني، والإمام زفر بن الهذيل، وغيرهم من العلماء الأجلّاء الذين لازموا شيخهم حتّى تفقهوا على يده، ونشروا علمه إلى مختلف أصقاع الأرض، فانتشر مذهبه في مصر، وبلاد الشام، والعراق، وبلاد الروم، وما وراء النهر، والهند والصين.[٨]


المراجع

  1. أحمد فريد، من أعلام السلف، صفحة 222. بتصرّف.
  2. ابن حجر الهيثمي، الخيرات الحسان، صفحة 23. بتصرّف.
  3. محمد أبو زهرة، أبو حنيفة، حياتهوعصره وآراؤه، صفحة 14. بتصرّف.
  4. يحيى بن إبراهيم السلماسي، منازل الأئمة الأربعة، صفحة 167. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد أبو زهرة، أبو حنيفة، حياته وعصره وآراؤه الفقهية، صفحة 22. بتصرّف.
  6. يحيى بن إبراهيم السلماسي، منازل الأئمة الأربعة، صفحة 173.
  7. محمد أبو زهرة، أبو حنيفة، حياته وعصره وآراؤه الفقهية، صفحة 58. بتصرّف.
  8. ^ أ ب محمود أبو زهرة، أبو حنيفة، صفحة 29. بتصرّف.
  9. يحيى بن إبراهيم السلماسي، منازل الأئمة الأربعة، صفحة 177. بتصرّف.
4593 مشاهدة
للأعلى للسفل
×