لماذا يحدث تكهف النخاع؟

كتابة:
لماذا يحدث تكهف النخاع؟

ما المقصود بتكهف النخاع؟

يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي سائل مائي يُعرف باسم السائل الدماغي الشوكي (cerebrospinal fluid)، ويملأ هذا السائل تجاويف مُتصلةً معًا موجودةً في منتصف الدماغ معروفة باسم حجرات الدماغ أو بطينات الدماغ، هذه التجاويف تتابع امتدادها على طول الحبل الشوكي على شكل قناة صغيرة.

في بعض الأحيان تحدث مشكلة تسبب إعاقة تدفق السائل الدماغي حول الحبل الشوكي والجذع السفلي للدماغ، ويبدأ هذا السائل بالاحتقان والتراكم داخل انسجة الحبل الشوكي، مما يسبب توسُّع هذه القناة الصغيرة وتشكُّل ما يُعرف بالمصفار، وهو كيس مملوء بالسائل، ومع الوقت يبدأ هذا المصفار بالتوسع والتمدد مسببًا تلفًا في الحبل الشوكي وضغطًا على الألياف العصبيّة الموجودة فيه التي تنقل المعلومات إلى الدماغ ومنه إلى بقيّة أجزاء الجسم، وتُعرف هذه الحالة الطبيّة باسم تكهّف النخاع الشوكي (Syringomyelia)، وقد يتشكّل المصفار في جذع الدماغ، وفي هذه الحالة يُعرف هذه النوع من التكهّف باسم تكهّف البصلة أو تكهف جذع الدماغ (syringobulbia). [١].


لماذا يحدث تكهف النخاع؟

تحدث الإصابة بتكهف النخاع لعدةّ أسباب، وقد يكون السبب مجهولًا أحيانًا،[١] وعمومًا تتضمّن هذه الأسباب ما يأتي:

  • التشوّه الخياري (Chiari malformation)، الذي يحدث عندما تكون الجمجمة أو جزء منها إمّا مشوهًا أو صغيرًا جدًا، فيضغط على المخ ويجبر الأنسجة الدماغية على التدلّي من الجمجمة باتجاه الحبل الشوكي، الأمر الذي يعيق تدفق السائل النخاعي، وتقسَم هذه الحالة إلى ثلاثة أنواع،[٢] ويعد التشوه الخياري من النوع الأول من أكثر الأسباب شيوعًا للإصابة بالتكهّف النخاعي،[٣] ويحدث هذا أثناء نمو الجمجمة والدماغ، فتظهر أعراضه في عمر متأخّر، على عكس النوعين الثاني والثالث اللذَين يظهران منذ الولادة.[٢]
  • إصابات العمود الفقري، على الرغم من أنّ الإصابة بالتكهف في هذه الحالة قد تحتاج إلى عدّة أشهر أو سنوات للظهور.[٣]
  • أورام النخاع الشوكي.[١]
  • الضرر الناتج عن التهاب النخاع الشوكي أو المنطقة المحيطة به، كالتهاب السحايا.[١][٣]
  • النزيف.[٣]
  • التهاب العنكبوتية (Arachnoiditis)، وهو اضطراب التهابي يصيب الغشاء المحيط بالدماغ والنخاع الشوكي.
  • الكيسة العنكبوتية الأولية (primary arachnoid cyst)، التي توجد منذ الولادة، إلا أنَّ الأعراض تظهر بعد عدة سنوات.


ما هي أعراض تكهف النخاع؟

تحدث أعراض تكهّف النخاع بسبب الضغط الذي يفرضه المصفار على الحبل الشوكي وما ينتج عن هذا الضغط من مشكلات، وتجدر الإشارة إلى أهمية مراجعة الطبيب في حال ظهور أيٍ من الأعراض الآتية:[٣]

  • اضطرابات وظائف الأمعاء والمثانة.
  • صعوبة المشي.
  • عدم القدرة على الإحساس بالحرارة أو البرودة.
  • فقدان الإحساس بالألم.
  • انحناء العمود الفقري أو ما يُعرَف بالجنف.
  • الإحساس بالألم والتنميل في منطقة الوجه.
  • ألم وضعف تدريجي في كلٍ من الظهر، والكتفين، والذراعين، والساقين.


كيف يتم تشخيص تكهف النخاع؟

في بداية التشخيص يوجّه الطبيب بعض الأسئلة للمُصاب عن تاريخه المرضي، ويُجري له فحصًا بدنيًا شاملًا، وقد تُكتشف الإصابة بتكهّف النخاع عَرَضيًا عند إجراء صور الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعيّة لأسباب طبيّة أخرى، وفي حال اشتباه الطبيب بإصابة الشخص بتكهف النخاع يُجري له الفحوصات الآتية:[٤].

  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) : هو الفحص الأكثر موثوقيّةً للكشف عن الإصابة بتكهف النخاع، إذ يستخدم هذا النوع من الفحوصات موجات الراديو والمجال المغنطيسي لإنتاج صورة مفصلّة للعمود الفقري والحبل الشوكي، لذا عند الإصابة بالتكهف من السهل على الطبيب اكتشافها من خلال النظر إلى الصورة.
  • التصوير المقطعي: الذي يستخدم سلسةً من الأشعّة السينية لإنشاء صورة تفصيليّة للعمود الفقري والحبل الشوكي، وهذا الفحص له القدرة على الكشف عن وجود الأورام في هذه المناطق أو أي حالات طبيّة أخرى من الاحتمال وجودها.


كيف يمكن علاج تكهف النخاع؟

يعتمد علاج التكهّف على شدّة الأعراض ومدى تطور المرض لدى المُصاب به، ويشمل العلاج العديد من الخيارات، وهي على النحو الآتي:[٤]

  • المتابعة والمراقبة: إذا لم يتسبب التكّهف بظهور العلامات والأعراض فقد يحتاج المُصاب إلى المتابعة والرقابة الطبيّة، كإجراء صور الرنين المغناطيسي كل مدة، وإجرء بعض الفحوصات العصبيّة فقط.
  • العلاج الطبيعي:: إذا تسبّبت الإصابة بتكهف النخاع بحدوث بعض المشكلات العصبيّة فإن حركة المُصاب ونشاطه سيتأثران سلبًا، إضافةً إلى شعور المُصاب بضعف العضلات وتصلبّها والألم، لذا فإن المُعالج الفيزيائي في هذه الحالة قد يتمكن من عمل برنامج تمارين من شأنه التخفيف من حدّة هذه الأعراض.
  • الجراحة: إن كانت الإصابة بتكهف النخاع تتسبب بظهور أعراض تؤثر في حياة المُصاب اليومية أو في حال تفاقمت الأعراض بسرعة فقد يوصي الطبيب بإجراء الجراحة التي يكون الهدف منها إزالة الضغط الذي يفرضه المصفار على الحبل الشوكي واستعادة التدفق الطبيعي للسائل النخاعي الدماغي، الأمر الذي من شأنه المُساعدة على تخفيف الأعراض وتحسين وظيفة الجهاز العصبي. وتجدر الإشارة إلى أن نوع الجراحة يعتمد على نوع التكهف لدى المُصاب، ولتقليل الضغط على الدماغ يوجد العديد من الخيارات الجراحيّة المُتاحة، منها ما يأتي:
    • إزالة العائق، إذا كان يوجد ما يعيق تدفق السائل النخاعي الدماغي داخل النخاع الشوكي كالورم أو نمو عظمي فإن إزالة هذا العائق جراحيًا من شأنها إعادة التدفق الطبيعي للسائل وتصريف المصفار.
    • تصريف المصفار، إذ يضع الجرّاح نظام تصريف للمصفار يُعرف باسم التحويلة، يتكون من أنبوب مرن يوضع أحد أطرافه داخل المصفار والطرف الآخر في المكان المُراد تصريف سوائل المصفار فيه، كالبطن.
    • تصحيح الخلل، فقد يتسبب وجود خلل في العمود الفقري بإعاقة التدفق الطبيعي للسائل الدماغي الشوكي وتكوّن المصفار، عندها يُجري الطبيب جراحةً لتصحيح هذا الخلل، مثل فك النخاع الشوكي المربوط.
    • علاج التشوه الخياري، إذا كانت الإصابة بالتكهف نتيجة الإصابة بالتشوه الخياري فقد تتضمن الجراحة إزالة جزءٍ صغيرٍ من العظم الموجود في الجزء الخلفي من الجمجمة، فبإمكان هذه الجراحة التقليل من الضغط المفروض على الدماغ والنخاع الشوكي واستعادة التدفّق الطبيعي للسائل النخاعي، وقد تساعد أيضًا على تخفيف حالة التكّهف أو علاجها.

تجب الإشارة إلى أهمية المتابعة والحصول على الرعاية الطبيّة بعد الجراحة؛ إذ من الممكن أن تتكرر الإصابة بالتكهف النخاعي بعد الجراحة، فقد يحتاج المصاب إلى إجراء بعض الفحوصات المنتظمة مع الطبيب، بما في ذلك التصوير المغناطيسي؛ لتقييم نتيجة الجراحة، وقد ينمو المصفار مع الوقت، مما يتطلب علاجًا إضافيًّا، وقد تبقى بعض الأعراض موجودةً؛ إذ إن تكهف النخاع من شأنه التسبب بتلف دائم في الأعصاب والحبل الشوكي.[٤]


ما هي مضاعفات تكهف النخاع؟

عند إهمال علاج تكهف نخاع العظم أو التأخر بعلاجه من المحتمل نشوء مضاعفات كثيرة ناتجة من تلف النخاع الدائم، ومن هذه المضاعفات التي قد تحدث ما يأتي:[٥]

  • ازدياد الإحساس بضعف الذراعين والساقين.
  • الإحساس بألم مزمن.
  • فقدان الإحساس في اليدين.

وتجدر الإشارة إلى إمكانية حدوث بعض المُضاعفات بعد تجفيف الجرّاح للمصفار بواسطة التحويلة، إذ من الممكن أن يتسبب الأنبوب بإصابة النخاع الشوكي، مما يؤدي إلى الإصابة بالعدوى أو حدوث النزيف.[٥]


نصائح للمصابين بتكهف النخاع

قد تساعد بعض التغييرات في نمط الحياة واتباع العلاجات المنزلية على التخفيف من حدّة آثار الإصابة بتكهف النخاع الشوكي، منها ما يأتي:[٤]

  • تجنب بعض الأنشطة، إذ توجد بعض الأنشطة والسلوكيات التي من شأنها التأثير سلبًا على المُصاب وزيادة حدّة الأعراض، مثل التعرُّض لإجهاد قوي أو رفع شيء ثقيل يؤثر سلبًا على العمود الفقري.
  • التأقلم والحصول على الدعم، فالتعايش مع هذه الإصابة من الممكن أن يكون أمرًا صعبًا، ويكون المُصاب بحاجة إلى وجود من يشاركه الحديث حول هذا الأمر، كوجود صديق أو استشاري مُختص بهذا النوع من الأمراض، أو البحث عن مجموعات داعمة للمُصابين بهذا المرض.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Syringomyelia Fact Sheet", ninds,2020-3-17، Retrieved 2020-5-5. Edited.
  2. ^ أ ب "Chiari malformation", mayoclinic, Retrieved 2020-5-5. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج Lydia Krause (2019-1-22), "Syringomyelia"، healthline, Retrieved 2020-5-5. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث "Syringomyelia", mayoclinic, Retrieved 2020-5-5. Edited.
  5. ^ أ ب Beth Sissons (2019-10-22), "Everything you need to know about syringomyelia"، medicalnewstoday, Retrieved 2020-5-5. Edited.
3683 مشاهدة
للأعلى للسفل
×