ما أسباب الوقوع في الزنا

كتابة:
ما أسباب الوقوع في الزنا


أسباب الوقوع في الزنا 

إنَّ للوقوع في الزنا عدَّة أسبابٍ، وإنَّ أوَّلها وسببها الرَّئيسي هو البعد عن الدِّين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ؛ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ)،[١] وأبرز أسباب الوقوع الزنا هي:


الامتناع عن الزواج

يعدُّ الزَّواج من أهمِّ سُبُل الوقاية من الوقوع في الزنا؛ لأنَّه يُحصِّن المسلم ويعمل على إعفاف النَّفس وصونها عن الحرام، ويكون حكم الزَّواج فرضاً في حال تيقَّن الشَّخص وقوعه في الزنا إذا لم يتزوَّج، وكان قادراً على نفقات الزَّواج والإنفاق على زوجته، ولا يخاف أن يظلم زوجته أو أن يقصِّر في حقِّها.[٢]


الاختلاط المحرم 

يعدُّ الاختلاط بالنِّساء من غير ضوابط شرعيَّة أحد أسباب الوقوع بالزنا؛ فالاختلاط يعني: اجتماع الرِّجال بالنِّساء غير المحارم في مكانٍ واحدٍ، يستطيعون فيه الاتصال فيما بينهم بالنَّظر أو الإشارة أو الكلام أو البدن من غير حائلٍ أو مانعٍ يدفع الرِّيبة والفساد.[٣]

وقد تكون الفتيات متبرِّجاتٍ ومتجمِّلاتٍ، فيكون الاختلاط هنا ذريعةً للزنا،[٣] وإذا حرَّم الله شيئاً حرَّم الأبواب الموصلة إليه،[٤] قال -تعالى-: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا).[٥]


الخلوة بالأجنبية

من أحد أسباب الوقوع بالزنا هو الخلوة مع امرأةٍ أجنبيَّةٍ، والخلوة هي أن ينفرد الرَّجل بامرأةٍ أجنبيَّةٍ عنه في غيبةٍ عن أعين النَّاس، فالخلوة تعدُّ من كبائر الذُّنوب، والمرأة الأجنبيَّة لا تعدُّ مَحرمَاً، والمَحرم هي المرأة التي لا يستطيع الرجل الزواج منها على التأبيد، وتحريمها يكون إمَّا بنسبٍ أو مصاهرةٍ أو رضاعٍ.[٦]

والنِّساء المحرَّمات بالنَّسب هنَّ: "الأمَّهات، البنات، الأخوات، العمَّات والخالات، بنات الأخ وبنات الأخت"، ويحرم بالرِّضاعة أيضاً كلُّ ما يحرم من النَّسب، أمَّا النساء المحرَّمات بالمصاهرة فهنَّ: "زوجة الأب، وزوجة الابن، وأمُّ الزَّوجة، وبنت الزَّوجة".[٦]


والدَّليل على تحريم الخلوة قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ امْرَأَتي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وإنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قالَ: انْطَلِقْ فَحُجَّ مع امْرَأَتِكَ)،[٧] وقال أيضاً: (لا يخلوَنَّ رَجلٌ بامرأةٍ إلَّا كان ثالثَهُما الشَّيطانُ).[٨]


ترك الحجاب الشرعي

فرض الله -تعالى- الحجاب على المرأة؛ لتخفي زينتها، فالحجاب يطهِّر القلوب ويقيها من الفتنة، وانتشار التبرُّج وإظهار المحاسن والمفاتن سببٌ من أسباب الوقوع في المحظور مثل الزنا وغيره.


لهذا السبب شرع الله الحجاب؛ لكي يطهِّر القلوب بقطع أسباب هذه الخواطر والهواجس والأفكار ويقيها شرَّ الفتنة،[٩] قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا).[١٠]

إطلاق البصر

أمرنا الله -عز وجل- بغضِّ البصر حفاظاً على النَّفس من الوقوع في ما هو محظورٌ، فهو من أهمِّ سُبل الوقاية من الوقوع في الزِّنا، قال -تعالى-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)،[١١] وقد أمرنا النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بغضِّ البصر عن كلِّ ما يغضب الله -تعالى-، بالإضافة إلى اجتناب كلِّ الطرق المؤدية إلى الفتنة.[١٢]


وكذلك النَّظر إلى الأفلام والصّور المُحرّمة التي تفسد القلب وتثير الشَّهوة، والابتعاد عن الأماكن التي فيها شبهةٌ،[١٢] فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للصَّحابة -رضوان الله عليهم-: (إيَّاكُمْ والجُلُوسَ بالطُّرُقاتِ فقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما لنا مِن مَجالِسِنا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فيها، فقالَ: إذْ أبَيْتُمْ إلَّا المَجْلِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قالوا: وما حَقُّ الطَّرِيقِ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، ورَدُّ السَّلامِ، والأمْرُ بالمَعروفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ).[١٣]


طرق الوقاية من الزنا

يوجد العديد من الطُّرق والوسال التي وضعها الإسلام للوقاية من الوقوع في الزِّنا، ومن أهمِّ هذه الطُّرق والوسائل ما يأتي:[١٤]


  • منع أسباب الزنا
حرَّم الإسلام النَّظر غير المباح على الرِّجال والنِّساء على حدٍّ سواء، وأمر المرأة باللّباس السَّاتر والعفَّة، وحرَّم التبرُّج للوقاية من الفتنة. 
  • النهي عن الزنا وبيان مخاطره

نهى الإسلام عن الزنا؛ حفظاً للأنساب من الاختلاط، وحماية لحقِّ الأبناء في ثبوث نسبهم وعدم اختلاطه، ومنعاً للأمراض الخطيرة التي تنتقل بالعلاقات غير الشَّرعيَّة مثل: الزهري وفقدان المناعة وغيره.

  • فرض عقوبةٍ للزنا
شرع الإسلام عقوبة للزاني والزانية؛ حتى تردعهم من الوقوع فيه، وتختلف العقوبة إذا كان الشَّخص محصناً أم غير محصنٍ، فعقوبة الزَّاني المحصن هي الرَّجم حتى الموت، وعقوبة غير المحصن هي مئة جلدةٍ. 
  • الترغيب في الزَّواج وتيسيره

صعوبة الزَّواج وعدم قدرة الشَّباب على تكاليفه الباهظة من أسباب وقوعهم في الزِّنا، فيجب تيسيره عليهم، وترغيبهم فيه يفتح باب خيرٍ عظيمٍ، ويقيهم شرَّ الوقوع في المحظور.


وختاماً يوجد للوقوع في الزنا عدَّة أسبابٍ ذكرنا أهمّها، فالحجاب الشَّرعيُّ يساعد على غضِّ البصر ويقي القلب من الوقوع بالمحظور، فإنّ إطلاق البصر أوَّل طريقٍ يؤدِّي إلى الزِّنا وفعل غيرها من المحرمات، ويوجد طرق كثيرة للوقاية من الوقوع في الزِّنا ذكرناها سابقاً.

والله -سبحانه وتعالى- حرّم الزنا وجعله من الكبائر، ونهى عن جميع الطرق المؤدية إليه، وشرع عقوبة لمرتكبي الزنا لزجر النفس البشرية عن الوقوع بمثلِ هذه المحرمات؛ لما لها من أضرار دنيوية وآخروية.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2657، صحيح.
  2. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 6515. بتصرّف.
  3. ^ أ ب شحاتة صقر، كتاب الاختلاط بين الرجال والنساء، صفحة 64. بتصرّف.
  4. كمال ابن السيد سالم، كتاب صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 28. بتصرّف.
  5. سورة النساء، آية:27-28
  6. ^ أ ب شحاتة صقر، كتاب الاختلاط بين الرجال والنساء، صفحة 62. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1341، صحيح.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:2546، صحيح.
  9. سعيد بن وهف القحطاني، كتاب إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب، صفحة 211. بتصرّف.
  10. سورة الأحزاب، آية:59
  11. سورة النور، آية:30-31
  12. ^ أ ب أسامة سليمان، تفسير القرآن الكريم أسامة سليمان، صفحة 3. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:6229، صحيح.
  14. محمد طاهر الجوابي، كتاب المجتمع والأسرة في الإسلام، صفحة 80. بتصرّف.
4336 مشاهدة
للأعلى للسفل
×