محتويات
الصوائف والشواتي
الصوائف والشواتي هي عبارة عن غارات إسلامية قام بإعدادها معاوية بن أبي سفيان، وذلك عندما كان والياً على بلاد الشام لغزو الأراضي البيزنطية صيفاً وشتاءً. وترجع في تسميتها إلى الفصلين الذي كانت تُشن فيهما، كما أنها تختلف في وقتها؛ فالصوائف كانت تستغرق ستين يوماً، أما الشواتي فكانت مدتها عشرون يوماً، وقد كانت هذه الغارات الإسلامية تتوغل في أراضي البيزنطيين لمهمّةٍ معيّنة وهي استطلاع أحوال المناطق هناك وبالتالي يكون فتحها أسهل، كما كانت غايتها أن تبقي البيزنطيين في حالة من الدفاع الدائم عن ممتلكاتهم، وتشغلهم عن الهجوم، كما هدفت إلى إيجاد ميدان دائم يتدرب فيه المسلمون على فنون القتال وأساليبه، وقد تم تطوير هذا النوع من الغارات عند ما أصبح معاوية رئيساً على الدولة الإسلامية.[١]
وقد تطلّبت هذه الغارات مهارات عالية في فنون القتال، وسرعةً في البديهة ولذلك حرص معاوية على انتقاء قادتها الذين من مهامهم تولي إدارتها، وذلك لأن البيزنطيين تميزوا بالدهاء والذكاء، وبرعوا في وضع الكمائن في الممرات التي كان يعبرها المسلمون أثناء غاراتهم. وقد أُطلقت الألقاب على العديد من قادة المسلمين الذي برعوا وأبدوا الشجاعة في هذه الغارات مثل لقب ملك الصوائف الذي أطلق على مالك بن عبدالله الخثعمي. وقد استخدم المجاهدون الاستعدادات الوقائية عند قيامهم بالصوائف والشواتي وذلك عن طريق تقسيم أنفسهم أجناداً للحراسة، والدفاع، والإغارة، واهتموا بوجود وسائل اتصال بين هذه الأجناد الثلاثة، وعملوا على إعداد أماكن الخيل بحيث تكون محصّنة بدروع تحسّباً لغارات مفاجئة من المحتمل أن يقوم بها العدو.[١]
والصوائف مفردها صائفة، وكانت تتم في فصل الصيف وتحديداً في أواسط تموز/يوليو إلى أواسط أيلول/سبتمبر، وقد كانت مدتها ستون يوماً، أما الشواتي ومفردها شاتية؛ فسُميت بذلك لأن الغزوات كانت تتم في فصل الشتاء في آخر شباط/فبراير إلى أوائل آذار/مارس، وتكون مسيرة عشرين ليلةً، ويكون العدو في هذه الفترة أضعف ما يكون، وبالإضافة إلى نظام الصوائف والشواتي التي من شأنها إحياء الجهاد في نفوس المسلمين، وتحصين البلاد الإسلامية من العدو، فقد أُقيمت الثغور في الطرق التي من الممكن أن يقترب منها العدو، وحصّنت بثنيات الأنهار، ومنعطفات الجبال، والخنادق، وقد امتدت من طرسوس على مقربة من شواطئ المتوسط وحتى ملطية على ضفاف الفرات، وكانت بمثابة جدارٍ مانعٍ لمحاولات البيزنطيين من التقدم نحو بلاد الشام.[٢]
تعبئة الصوائف
يقصد بتعبئة الصوائف تجهيزها بالأموال، والجند، والأسلحة العسكرية التي تحتاجها الصائفة في العمليات العسكرية لإنجاحها، وكان لتجهيز الصوائف مكانةٌ كبيرة عند الأمراء الأمويين حيث كانوا يولونها أهمية عظيمة، وكان أهم ما يقومون به لذلك هو استخراج الجبايات ورصدها، وكان وقت التعبئة يتم في أول السنة من قِبَل الأمير، وكان العلماء والفقهاء يشاركون ويساهمون في الإعداد لمثل هذه الحملات، بالإضافة إلى المتطوعين من باب الجهاد.[٣]
قيادة الصوائف
اعتُبر أمر قيادة الصوائف مهماً بالنسبة لبني أمية، ففي دولة الأندلس مثلاً كانت أغلب هذه الحملات تخرج بقيادة أبناء الأمراء في قرطبة وولاة العهد، ومن أبرزهم عبيد الله بن عبدالله البلنسي، وقد عُرف بصاحب الصوائف، وذلك لكثرة خروجه فيها وذلك في عهد الأمير الحكم، كما أنه كان يطيل في مدة خروجه في الصائفة كما حدث في الصائفة التي خرج فيها سنة 212هـ أي ما يوافق 827م والتي استمرت ستين يوماً. وقد عُرف أيضاً الأمير الحكم بخروجه في الصوائف وقيادتها وذلك في عهد أخيه عبد الرحمن الأوسط، ومن أشهرها صائفة سنة 219 هـ أي ما يوافق 834م، واشتهر المطرف ابن الأمير عبد الرحمن بكثرة خروجه في الصوائف التي من أبرزها صائفة سنة 226 هـ أي ما يوافق 840م.[٣]
أعداد الصوائف والشواتي
بلغت عدد الحملات الكُلِّية التي قام بها الأمويون في بلاد الشام على بلاد البيزنطيين 46 حملة، منها 21 صائفة و25 شاتية، بالإضافة إلى عمليات جهادية أخرى أطلق عليها مصطلح غزاة. أما الدولة الأموية في الأندلس فقد بعثت أغلب الصوائف في عصر حكم الإمارة. ويعتمد عدد الصوائف التي كانت تخرج في كل سنة على الظروف السياسية، والأخطار التي تحيط بالإمارة الأموية، وغالباً ما كانت تخرج كل سنة صائفة واحدة، وقد يُصادف أن تخرج أكثر من واحدة وذلك إذا واجهت الإمارة هجمات خارجية، أو خروجاً لبعض المتمردين أو نقض البعض العهود التي أعطوها للأمير، بالإضافة إلى أن إمكانية الإمارة المادية والعسكرية لعبت دوراً مهمّاً في عدد الصوائف التي كانت تخرج كل سنة، وذلك لأن خروج أكثر من واحدة يحتاج إلى إمكانيةٍ ماليةٍ وعسكريةٍ كبيرة ولذلك لا يوجد لمثل هذه الحالة إلا القليل من الأمثلة، فقد حدث أن قام الخليفة الناصر بإخراج صائفتين في عام واحد وذلك في سنة 304هـ أي ما يوافق 916م.[٢][٣]
أهمية الصوائف والشواتي
تُعتبر الصوائف والشواتي من ضرورات السياسة الحربية، وتتمثل أهميتها في اتجاهين رئيسيين، أولهما يتمثل في تحصين الجبهة الشمالية التي اعتبرت الأكثر خطورة، وثانيهما يتمثل في سعي الخلفاء في السيطرة على العاصمة البيزنطية، ولذلك حرص الخلفاء الأمويون على انخراط أبنائهم في الجيش، ومشاركتهم في هذه الغارات التي كانت تخرج في كل عام، وقد كانوا يتمنون قيادة هذه الحملات حيث اعتبروا قيادتها وإدارتها بمثابة شرفٍ وتكريمٍ لهم.[٢]
أهداف الصوائف والشواتي
كان من أبرز أهداف أمراء بني أمية لهذه الغارات الآتي:[٣]
- القضاء على الفتن، والمتمردين والخارجين على السلطة وطاعة الأمراء.
- القضاء على الولاة الطامعين.
- حماية الإمارة الأندلسية من الاعتداءات والغزوات التي كانت تخرج من الممالك الشمالية متجهة إلى الأراضي الأندلسية.
- خروج الصوائف والشواتي إلى الثغور والمدن الساحلية بهدف مراقبة ومتابعة أخبار الممالك الشمالية.
- تتبّع الأخطار الخارجية التي يمكن أن تتعرّض لها الإمارة الأندلسية مثل هجمات النورمانديين.
- دعم الثغور والمدن الأندلسية.
- تعزيز وإعادة إعمار القلاع، والحصون، والمدن التي تتعرض للهجمات من قبل العدو.
- دعم المعاقل بالأموال، والأسلحة، والجند.
- تخريب أراضي البيزنطيين والتوغل في بلادهم.[١]
- اعتبرت ميداناً يبدي فيه القادة المسلمون مواهبهم وشجاعتهم.[١]
المراجع
- ^ أ ب ت ث زينب فاضل رزوقي مرجان (2012-11-24)، "الصوائف والشواتي"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-28. بتصرّف.
- ^ أ ب ت أفاح أحمد القططي، الثغور الشامية في العهد الأموي، صفحة 79-80. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث خزعل ياسين مصطفى، بنو أمية في الأندلس ودورهم في الحياة العامة، صفحة 74-76. بتصرّف.