محتويات
ما داء الغواص؟
عندما يغوص أحد ما عميقًا في الماء ويستنشق الهواء المضغوط من الأسطوانة فإنه يستنشق مزيدًا من غازَي الأكسجين والنيتروجين، أمّا الأكسجين الزائد فتستهلكه خلايا الجسم، لكنّ النيتروجين يبقى ذائبًا في الدم، وعند الصعود لأعلى للخروج من الماء يقلّ ضغط الماء المحيط بالشخص تدريجيًا، وإن كان الصعود سريعًا يصبح انخفاض الضغط أيضًا سريعًا فلا يجد النيتروجين الذائب الوقت الكافي للخروج من الدم، فتتكوّن فقاعات صغيرة من النيتروجين داخل الأنسجة والدم؛ مما قد يدمّر الأوعية الدموية ويعيق تدفق الدم إلى الأعضاء المختلفة؛ فتظهر عوارض داء الغواص أو ما يُعرَف بمرض تخفيف الضغط (Decompression sickness)، وتجدر الإشارة إلى أنّ داء الغواص قد يحدث في حالات أخرى غير الغوص كما يتبيّن لاحقًا.[١]
أسباب داء الغواص
الانخفاض السريع في الضغط المحيط بالشخص السبب الرئيس للإصابة بداء الغواص؛ لذا فهو لا يقتصر على الغواصين فقط بل قد يصيب متسلقي المرتفعات عند هبوطهم سريعًا، أو قد يصيب رجال الفضاء أثناء رحلة عودتهم للأرض، أو عمال الأنفاق الذين يعملون في بيئة مضغوطة الهواء أو خلال رحلات الطيران، ويرتفع خطر الإصابة بداء الغواص بسبب توفر أحد العوامل الآتية:[١][٢]
- الإصابة بتشوهات خلقية في القلب؛ مثل: الثقبة البيضوية السالكة (patent foramen ovale)، أو عيب الحاجز الأذيني (atrial septal defect)، أو عيب الحاجز البطيني (ventricular septal defect).
- الجفاف.
- السفر بالطائرة بعد الغوص بوقت قصير.
- الإجهاد الشديد والإعياء.
- السمنة المفرطة.
- تقدم العمر.
- الجنس الأنثوي.
- تناول الكحول أو التدخين.
- الغوص بالماء البارد.
- الإصابة بأحد أمراض الرئة.
- التعرض لإصابة قديمة أو حديثة.
- الغوص بأعماق كبيرة، على الرغم من إمكانية الإصابة بداء الغواص عند الغوص بأي عمق.
عوارض داء الغواص
تحدث الإصابة بهذا الداء عندما تتكوّن فقاعات النيتروجين داخل الأوعية الدموية الصغيرة أو الأنسجة، والأعضاء الغنية بالدهون؛ مثل: الدماغ والحبل الشوكي الأكثر عرضة للإصابة بهذا الداء؛ لأنّ النيتروجين يُفضِّل الذوبان في الدهون، وتختلف العوارض طبقًا للعضو المتأثر بالفقاعات، ويُقسّم داء الغواص نوعين طبقًا للأعضاء المتضررة ولحدة المرض وفق الآتي:[٣]
- النوع الأول البسيط: يصيب المفاصل والجلد والأوعية اللمفاوية عادة، ويسبب الشعور بألم في مفاصل الذراعين والساقين والظهر، وألم بالعضلات، ويصبح هذا الألم منتشرًا يصعب تحديد مكانه بدقة، ويبدو بسيطًا ومتقطّعًا في البداية، ثم يزداد حدةً ويصبح مستمرًا، وربما يصبح هذا الألم حادًا أو ناخرًا في العظام ويشتدّ مع الحركة. ويصاحب هذا الألم ظهور عوارض أخرى أقل شيوعًا؛ مثل: الحكة، وتبقع الجلد، وتورم العقد اللمفاوية، والطفح الجلدي.
- النوع الثاني الخطير المهدد للحياة يصيب الأعضاء الحيوية في الجسم؛ مثل: الدماغ، والحبل الشوكي، والجهاز التنفسي، والدورة الدموية. ويسبب ظهور عوارض عصبية تتراوح من مجرد تنميل إلى شلل ووفاة، فعند إصابة الحبل الشوكي يعاني الشخص من تنميل وخدر وضعف بفي إحدى الذراعين أو الساقين أو كلتيهما، وربما تتطور هذه العوارض إلى شلل دائم، وأحيانًا يصاب الشخص بعدم القدرة على التبول أو التبرز، أو صعوبة في التحكم بالبول والبراز، بالإضافة إلى الشعور بألم في البطن والظهر. وعند إصابة الدماغ بداء الغواص تظهر علامات مرض؛ مثل: الصداع والارتباك وصعوبة التحدث والرؤية المزدوجة، بينما فقد الوعي عارض غير شائع. وعند تضرر الأذن الداخلية تظهر عوارض أخرى؛ مثل: الدوار الشديد وطنين الأذن وفقد السمع. ذلك في حال تضرّر الرئة بسبب وصول فقاعة هواء إلى أوردة الرئة يظهر السعال وألم الصدر وصعوبة التنفس، وفي الحالات الحادة ربما يتطور الوضع إلى صدمة أو وفاة.
موعد ظهور علامات الإصابة بهذ الداء غير ثابت؛ فـ 10% من الأشخاص تظهر عليهم تلك العلامات خلال ساعة واحدة من الصعود على السطح، بينما 90% من الأشخاص تظهر عليهم بعد ستة ساعات، وتبدو العلامات بسيطة في البداية ثم تتطور حتى تصل إلى أقصى حدتها، ومن أول تلك العلامات ظهورًا بشكل عام: الإجهاد، وفقد الشهية، والصداع، والشعور بالإعياء.[٣]
علاج مرضى داء الغواص
الحالات البسيطة المصابة بهذا الداء التي تعاني من عوارض طفيفة لا تحتاج سوى إلى استنشاق الأكسجين بتركيز 100%، والبقاء تحت الملاحظة الدقيقة بالمستشفى لتجنب ظهور أيّ مشكلات أكثر خطورة، أمّا الحالات الأكثر حدة تحتاج إلى العلاج بإعادة رفع الضغط باستخدام غرفة الأكسجين عالي الضغط لاستعادة تدفق الدم والأكسجين إلى الأعضاء، ثم يُخفَّض الضغط تدريجيًا وببطء حتى يسمح للغازات الزائدة بمغادرة الجسم دون ضرر. ويبقى العلاج بإعادة رفع الضغط فعّالًا حتى بعد الإصابة بالداء بـ 48 ساعة؛ لذا حتى عند اكتشاف الداء متأخرًا قليلًا يبقى الذهاب إلى المستشفى ضروريًا، وخلال الوقت الذي يستغرقه المصاب للوصول إلى غرفة الأكسجين عالي الضغط عليه استنشاق الأكسجين عبر القناع والحصول على السوائل عن طريق الفم أو الوريد، لكن يجب التنبيه لأنّ التأخير الكبير في الحصول على العلاج يُعرّض المصاب لخطر الإصابة الدائمة غير قابلة للعلاج.[٣]
الوقاية من داء الغواص
للوقاية من الإصابة بداء الغوص يُفضِّل الغواصون الوقوف قليلًا داخل الماء لبضع دقائق قبل الصعود إلى السطح بـ 4.5 متر تقريبًا، وعند الغوص العميق جدًا يصبج التوقف لأكثر من مرة ضروريًا؛ لكي يتأقلم الجسم مع انخفاض الضغط. وإذا كان الشخص الذي يريد الغوص لا يمتلك الخبرة الكافية فعليه الاستعانة باختصاصي في الغوص ليرافقه خلال رحلة الغوص ويوضّح السرعة الآمنة للصعود إلى سطح الماء. كما يُفضّل اتباع التعليمات الآتية:[٢][٤]
- تجنب تناول الكحول قبل الغوص وبعده لمدة 24 ساعة.
- تفادي الغوص إذا كان الشخص يعاني من السمنة المفرطة أو من مشكلة مَرَضيّة في القلب أو الرئتين، أو إذا تعرّض لإصابة في أحد المفاصل أو الأطراف مؤخرًا، كما يجب على الحامل تجنب الغوص.
- عدم الغوص مرة أخرى إلّا بعد مرور 12 ساعة.
- تجنب السفر بالطائرة أو الصعود إلى المرتفعات لمدة 24 ساعة؛ للسماح للجسم بالتأقلم والوقاية من الإصابة بداء الغواص.
- تقليل وقت البقاء داخل الماء، وتخفيض عمق الغوص قدر الإمكان.
- تناول الإيبوبروفين قبل التسلق إلى المرتفعات للتغلب على الإعياء المصاحب له.
المراجع
- ^ أ ب "Decompression Sickness", health.harvard,2019-1، Retrieved 2020-8-4. Edited.
- ^ أ ب Jane Chertoff (2019-11-27), "What Is Decompression Sickness, and How Does It Happen?"، healthline, Retrieved 2020-8-4. Edited.
- ^ أ ب ت Richard E. Moon (2019-8), "Decompression Sickness"، msdmanuals, Retrieved 2020-8-4. Edited.
- ↑ Marcin Chwistek (3-2014), "Decompression Sickness"، winchesterhospital, Retrieved 2020-8-4. Edited.