ما حكم ظهور القدم في الصلاة

كتابة:
ما حكم ظهور القدم في الصلاة

ما حكم ظهور القدم في الصلاة

إظهارُ القدمِ في الصّلاة للنساء فيه تفصيل وعدّة آراءٍ عند الفقهاء، وهوغيرُ جائزٍ عند جمهور العلماءِ،[١] وجائزٌ للرجال بلا خلاف، ويرجع ذلك إلى اختلاف عورة الرّجل عن عورة المرأة، وتفصيل أقوال العلماء فيما يأتي:

  • القول الأول: وهو قولُ جمهور العلماء من الحنابلة والشافعية والمالكية وجملةٍ من العلماء المتأخّرين؛ فقد ذهبوا إلى وجوب سَتر قدم المرأة في الصّلاة، واستدلّوا بأحاديث أم سلمة -رضي الله عنها- إذ قالت: (سأَلْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أتُصلِّي المرأةُ في دِرْعٍ وخِمارٍ ليس عليها إزارٌ؟ قال: إذا كان الدِّرْعُ سابغًا يُغطِّي ظهورَ قدَمَيْها)،[٢] وفي هذا إرشادٌ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سَتر ما يظهر من أقدام النّساء في الصلاة، كما ورد عن أم سلمة -رضي الله عنها- أيضاً أنّها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الإسبال بالنسبة للمرأة -أيّ ما ينزل من لباس المرأة على الأرض-: (فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم: يُرخِينَ شِبْرًا. قالت أمُّ سَلَمَةَ: إذًا يَنْكَشِفُ عنها. قال: تُرخي ذراعًا، لا تَزِيدُ عليه)،[٣] ومعنى ذلك أنّ المرأة تُستَثنى من قاعدة النّهي عن جرّ الثوب بقدر ما يستر القدم.[٤]
  • القول الثاني: قول الحنفية، وأخذ به ابن تيمية -رحمه الله-، فقد ذهبوا إلى عدمِ وجوب سَتر قدم المرأة في الصّلاة، ويُمكن أن تفعله احتياطاً، لكن تكون صلاتُها صحيحة إن لم تفعل، واستدلّوا على ذلك بِقياس القدم على الوجه، ولأنّ القدمين ليستا موضعَ زينةٍ ظاهرةٍ ليتمّ إخفاؤها، كما أنّهما تبدوانِ إذا ما مشت المرأةُ حافيةً.[٥][١]


حدود العورة في الصلاة

عورة المرأة في الصلاة

كلّ بدن المرأةِ عورةٌ في الصلاة إلّا وجهها وكفّيها عند الجميع، وإلّا قدميها عند الحنفية كما ذُكر سابقاً، واستدلّوا على ذلك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممّا نقلته عنه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، حيث قال: (لا يقبلُ اللَّهُ صلاةَ حائضٍ إلَّا بخمارٍ)،[٦] ومعنى الحديث أنّ المرأة إذا بلغت سِنّ الحيض وأصبحت مكلّفة فلا تُقْبَلُ صلاتها إلّا بِخِمار، والخمارُ هنا بمعنى غِطاءُ الرّأسِ والعنق،[٧][٨] كما استدلّوا أيضاً بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (المرأةُ عورةٌ، فإذا خرَجَتْ اسْتَشْرَفَها الشيطانُ)،[٩] والمُتَأمّل في معنى الحديث يجد أنّه يُحذّر من كشف العورات لدرء الفتنة والفساد عن الجِنسين، ومعناه أنّ المرأة إذا خرجت من بيتها زيّنها الشيطان في أعين الناس ليوقع بينها وبينهم، فوَجَب عليها ألّا تخرج إلا كما أمر الشّرع، فتُغطي عوراتها ولا تتزيّن.


عورة الرجل في الصلاة

عورة الرّجل في الصّلاة ما بين السّرّةِ والرّكبة عند الفقهاء من الحنفية والمالكية والشّافعية والحنابلة،[١٠] واستدلوا على ذلك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما بينَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ عورَةٌ)،[١١] وعليه فلا يجوز أن يُصلّي الرّجل في ثوبٍ يُظهر ما تحته، ومن فعله فعليه إعادة الصلاة.[١٢][١٣]


وفي قولٍ عند الإمام أحمد أنّ عورة الرّجل في الصّلاة هي الفَرجان فقط، لِما ثَبتَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الغَدَاةِ بغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَكِبَ أبو طَلْحَةَ، وأَنَا رَدِيفُ أبِي طَلْحَةَ، فأجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في زُقَاقِ خَيْبَرَ، وإنَّ رُكْبَتي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ حَسَرَ الإزَارَ عن فَخِذِهِ حتَّى إنِّي أنْظُرُ إلى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)،[١٤] ووجه الاستدلال من الحديث أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَشفَ عن فخذيه أمام أَنس بن مالك -رضي الله عنه-، ولو كانت عورة لما كشفها -صلى الله عليه وسلم-، لكنّ أكثر الفقهاء وأهل العلم على صواب الرأي الأول؛ وهو أنّ العورة الواجب تغطيتها للرجل ما بين السّرة والركبتين.[١٠]


حكم ستر العورة في الصلاة

يجبُ ستْرُ العورة في الصّلاة باعتبارها شَرطاً لصحةِ الصّلاة، وينبني على هذا أحكام عدّة منها:[١٥][١٦]

  • تَفسدُ صلاةُ من صلّى بلا ثوبٍ وهو قادرٌ على الاستتار بالإجماع، وضابطُ الثّوب المستور أن يمنع معرفة لون البشرة التي تحته.
  • تجوز الصّلاة بثوب الحرير للرّجل إذا لم يَجِد ثوباً طاهراً، لأنّ وجوب ستر العورة يَغلِبُ على منع لبس الحرير في هذه الحالة.
  • تجوز صلاة العريان إذا لم يَجِد مُطلَقاً ما يَستُرُ بِه عورته، كما لا يَجب عليه أن يستتر بالظلمة إن لم يجد ساتراً غيرها.
  • تجوز صلاة العريان إذا لم يجد ما يستر به عورته إلّا ما هو نجس العين؛ كجلد الخنزير، فلا يجوز له أن يلبسه للصلاة، أو ثوب نجس نجاسة غير معفو عنها، فإنّه يُصلّي عرياناً في هذه الحالة للضرورة.
  • إذا وجدَ ما يستُرُ به جُزءاً من العورة فقط، فإنّه يجب استعماله فيما يستره، ويُقَدِّم في ذلك القُبُل والدُّبُر.
  • يجب سَتر العورةِ من الأعلى ومن الجوانب حتّى لا تظهر، فإذا ظهرتْ أو كان الثّوبُ مشقوقاً فأمكن له أو لغيره رؤيتها بطلت الصّلاة.
  • يُندَبُ لمن لم يجد ما يستر به عورته أن يُؤخِّرَ الصّلاة إلى آخرِ وقتها إذا كان يأمل أن يجد ما يسترها به حتّى ذلك الوقت.


المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (2009 م)، فتاوى الشبكة الإسلامية،islamweb.net، صفحة 242، جزء 11. بتصرّف.
  2. رواه أبي داود، في سنن أبي داود، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 640، رواه غير واحد من الأئمة فوقفوه على أم سلمة من قولها.
  3. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 5352، صحيح.
  4. محمد حسن عبد الغفار، أحكام انفرد بها النساء عن الرجال،islamweb.net، صفحة 7، جزء 3. بتصرّف.
  5. أحمد الخليل، شرح زاد المستقنع للخليل، صفحة 277، جزء 1. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 641، صحيح.
  7. عبد العظيم بدوي (2001 م)، الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز (الطبعة الثالثة)، مصر: دار ابن رجب، صفحة 82. بتصرّف.
  8. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 755، جزء 1. بتصرّف.
  9. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1173، حسن غريب.
  10. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (2006م)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 118، جزء 22. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 5583، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى اللجنة الدائمة، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، صفحة 170، جزء 6. بتصرّف.
  13. محمد نصر الدين محمد عويضة، الضياء اللامع من صحيح الكتب الستة وصحيح الجامع، صفحة 139. بتصرّف.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 371، صحيح.
  15. مجموعة من المؤلفين (2006م)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 176، جزء 24. بتصرّف.
  16. عبد الرحمن الجزيري (2003 م)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 171-174. بتصرّف.
5223 مشاهدة
للأعلى للسفل
×