ما هو الاستصحاب

كتابة:
ما هو الاستصحاب

أدلة الفقه

تُستنبط الأحكام الفقهية من خلال أدلةٍ عمليةٍ تُشير إليها صراحةً أو دلالةً، وهذه الأدلة تنقسم إلى أدلة متفقٌ عليها؛ وأدلة مختلفٌ فيها، أما ما اتفقت عليه الأمة من هذه الأدلة فالقرآن والسنة وإجماع أهل العلم وأخيرًا القياس، فإذا عَرَضت للعالم مسألةٌ بحث عن حكمها في القرآن الكريم أولًا، فإن لم يجد انتقل إلى السنة النبوية، فإن وجد لم ينتقل إلى الدليل الآخر واكتفى بالأول، فإن لم يجد في القرآن أو السنة انتقل إلى إجماع أهل العلم من أهل الاختصاص والاجتهاد، حتى لو كان هذا الإجماع في عصرٍ متقدمٍ أو متأخر، فإن لم يجد في هذه الأدلة الثلاثة انتقل إلى أن يجتهد بعلمه من خلال القياس على دليلٍ آخر من القرآن أو السنة، أما الأدلة التي لم يتفق عليها أهل الاجتهاد فمنها الاستحسان والاستصحاب والعُرف والمصالح المرسلة وقول الصحابي، وشرع من جاء قبلنا من الأمم، وفي هذا المقال بيان أحد هذه الأدلة المختلف فيها، فما هو الاستصحاب.[١]

ما هو الاستصحاب

الاستصحاب في اللغة يأتي من المُصاحبة، أما في الشرع فهو كما عرَّفه أهل العلم أن يستصحب الحال لأمرٍ سواء كان هذا الأمر وجوديًا أو عدميًا عقليًا أو فرعيًا، وقد عرَّف الشوكاني الاستصحاب: بأن ما يثبت في الزمن السابق يبقى حكمه في المستقبل إلا إذا طرئ ما يُغير هذا الحكم، وقال بعض أهل العلم: هو أن يأخذ العالم المجتهد بالأصل السابق عن دليل حُكمٍ فُقد، فهو بعد أن يبحث عن ذلك الحكم في القرآن الكريم فلا يجده ثم ينتقل إلى السنة ثم إلى إجماع أهل العلم ثم القياس ولا يجد أخذ ذلك الحكم بأن يستصحب الحال من خلال النفي والإثبات.[٢]

أنواع الاستصحاب

بعد بيان ما هو الاستصحاب ينبغي بيان أنواعه وصوره وأحواله، مما يُعين القارئ على فهم المقصود منه وإدراك المغزى من كونه أحد ادلة الفقه الإسلامي، وفيما يأتي بيان أنواع الاستصحاب:[٣]

  • التحريم: فيستصحب المجتهد حكم التحريم لحكمٍ آخر لم يعثر على دليل تحريمه في الأدلة المتفق عليها وتُعلل الحُرمة بالضرر الكثير أو الضرر المطلق في ذلك الأمر الذي يستصحب حكم تحريمه، ومثال ذلك استصحاب حكم تحريم كلّ ما ثبت ضرره استصحابًا للحال من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضَررَ ولا ضِرارَ" [٤] فكل ما ثبت ضرره ولم يثبت تحريمه بدليلٍ من الأدلة الأربعة يكون محرمًا لثبوت ضرره.
  • الإباحة: ويُطلق عليه مسمى البراءة الأصلية، ويرجع في ذلك إلى النفع المُطلق من المسألة التي لم يثبت في إباحتها دليل، فكل ما ثبت نفعه ولم يرد في إباحته دليل ثبت أنه مباح استصحابًا للأصل وهو الإباحة.
  • التوقف: وهذا النوع يختصُّ بالعبادات والتشريعات والعلة منه العدم الأصلي، فكل عبادةٍ لم يرد في حكمها نصٌ يُفيد حكمًا لها كالإباحة أو الندب أو الكراهة أو التحريم يكون الأصل فيه التوقف وعدم الفعل، ومثال ذلك أن يجتمع الناس على أداء صلاةٍ سادسةٍ جماعةً فيالمسجد فهذا لم يرد فيه نصٌ ولا دليل، فلا يجوز فعل ذلك استصحابًا للعدم الأصلي من عدم الإباحة.

المراجع

  1. "الأدلة الشرعية"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  2. "الاستصحاب وصوره"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  3. "الاستصحاب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  4. رواه النووي ، في الأربعون النووية، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:32، حديث حسن .
3439 مشاهدة
للأعلى للسفل
×