محتويات
ما هو الزنا الأصغر؟
إنّ الزنا الأصغر أو الزنا المجازي قد تحدّث عليه بعض العلماء كالإمام النووي عندما علّق على حديث يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام: "إنَّ اللهَ كَتَبَ علَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلكَ، أَوْ يُكَذِّبُهُ"،[١] فقال إنّ ابن آدم قد قُدِرَ عليه نوعٌ من أنواع الزنا، فمن الناس من يكون زناه حقيقيًّا بإدخال الذكر في الفرج، ومنهم من يكون مجازيًّا كالنظر إلى الحرام أو مسّ امرأة أجنبيّة فيما عدا الإيلاج، أو أن يمشي بقدمه إلى الحرام، وفي النهاية الفرج يصدّق ذلك أو يكذّبه يعني إمّا أن يكمل الزنا ويجعله حقيقيًّا وإمّا لا.[٢]
فمن هنا يمكن القول إنّ الزنا الأصغر أو المجازي هو كلّ ما يحصل بين رجل وامرأة أجنبيّة فيما سوى الإيلاج، فلو قبّلها فإنّ ذلك من الزنا الأصغر،[٣] وبذلك يكون الضم أو الملامسة أو التقبيل أو النظر إلى ما حرّمه الله من المرأة الأجنبيّة يُعدّ من الزنا الأصغر، والله أعلم.[٤]
ما هي عقوبة الزنا المجازي؟
إنّ الشريعة لم تذكر عقوبة لمن ارتكب الزنا المجازي أو الزنا الأصغر، ولكن رأى بعض أهل العلم أنّه ينبغي أن يُعزّر فاعل هذا الفعل لكي يرتدع عن فعله، وحكم التعزير يكون بقرار من الحاكم.[٥]
واستندوا بذلك على قول ابن القيّم إذ قال إنّ المعاصي ثلاثة أنواع، فالنوع الأوّل هو الذي فيه حدّ من دون الكفّارة كالسرقة والزنا والقذف، والثاني هو النوع الذي فيه الكفّارة ولا حدّ على فاعله كالوطء في الإحرام أو في رمضان، والثالث الذي لا حد فيه ولا كفارة كالخلوة بالأجنبيّة وتقبيلها ونحو ذلك، فهذا النوع ينبغي فيه التعزير "قولًا واحدًا"، والجمهور على أنّ التعزير في هذه الأمور هو كالحد فلا يجوز للإمام أن يتركَ إقامته، والله أعلم.[٦]
هل لمقدمات الزنا كفارة؟
إنّ من يقع في مقدمات الزنا التي تُسمى الزنا الأصغر لم يتحدّث أحد من أهل العلم عن كفّارة لفعله، ولكن الذي قالوه إنّ كفّارته هي التوبة الصادقة، والإكثار من الأعمال الصالحة فهي السبيل لمحو هذه الآثام، يقول تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}.[٧][٨]
ما حكم من نوى الزنا ولم يزنِ؟
يروي ابن عبّاس في صحيح مسلم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه: "وإنْ هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وإنْ هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللهُ سَيِّئَةً واحِدَةً"،[٩] فقال العلماء إنّ الذي يهمّ بسيّئة ويعزم عليها -كالزنا مثلًا- فهو آثمٌ لا شكّ، ولكن إن تركها لوجه الله -تعالى- كتبها الله -سبحانه- عنده حسنة، فإن عجزَ عن إتمامها فلا شيء عليه، والله أعلم.[١٠]
هل مقدمات الزنا توجب الغسل؟
إنّ مقدمات الزنا لها أحوال تختلف باختلاف الشخص الذي فعلها، فلو قبَّل أو لمس أو داعب أو لمس امرأة بشهوة وخرج منه مذيٌ فعليه أن يستنجي منه ويتوضّأ إن أراد الصلاة، خروجًا من خلاف المذاهب، أمّا لو خرج منه المني ولو لم يولج فعليه الغسل، والله أعلم.[١١]
ما هو الزنا الذي يوجب الحد؟
لقد ذهب الفقهاء إلى أنّ الزنا الذي يجب فيه الحدّ هو عندما تغيب حشفة الذكر -وهي مقدمته- في الفرج، وما دون ذلك لا يُعدّ من الزنا الذي يجب فيه الحد، ولا فرق بين الفرج الذي في القُبُل وبين الفرج الذي في الدبر كما نصّ على ذلك الإمام النووي في مجموعه، والله أعلم.[١٢]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2657، حديث صحيح.
- ↑ النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 206. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 618. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 609. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 1885. بتصرّف.
- ↑ ابن القيم، إعلام الموقعين عن رب العالمين، صفحة 343. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:114
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 178. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:131، حديث صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3905. بتصرّف.
- ↑ "واجب من قام بمقدمات الزنا عند إرادة الصلاة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-15. بتصرّف.
- ↑ النووي، المجموع شرح المهذب، صفحة 18. بتصرّف.