محتويات
ما المقصود بالعمه؟
ربّما مررت ببعض الأيام الصعبة التي فقدت فيها تركيزك بعض الشيء، ولم تعد تتذكّر أسماء أو ملامح الأشخاص الذي تُقابلهم في طريقك للمنزل أو العمل، وبقدر ما قد تظنّه من أنّ ضعف الذاكرة أو فُقدانها أمرٌ مُزعج؛ إلا أنّ بعض الحالات المرضيّة أشدّ تأثيرًا على حياة الأفراد، فما الذي تعرفه عن العمه؟
من بين جميع الأمراض العصبيّة المُختلفة؛ يُعدّ العمه (Agnosia) من أكثرها نُدرة وأقلّها انتشارًا، إذ إنّه يستهدف أقلّ من 1% من مجموع المُصابين بمشكلات واضطرابات الجهاز العصبيّ،[١] ويتسبّب بفُقدان المُصاب للقدرة على التعرّف على الأفراد، أو التمييز والتعرّف على الروائح أو الأصوات المُعتادة أو الشائعة.
إنّ الأكثر غرابةً في هذا المرض، أنّ المُصاب في الحقيقة لا يُعاني من مشكلات في الرؤية أو السمع أو في حاسة الشمّ، كما أنّه لا يعاني من مشكلات في الذاكرة أو التركيز، وإنّما تكمن المُشكلة في تعامل الدماغ مع هذه المُعطيات وترجمتها للجسم وتعرّفه عليها، نتيجة خلل أو تلف ما يُصيب خلايا الدماغ لأسباب مُتنوّعة.
كما تجدر الإشارة إلى أنّ تطوّر العمه وأعراضه قد يكون تدريجيًا في بعض الحالات، وقد يُفاجأ به المُصاب على حين غرّة في حالات أُخرى، تبعًا للأسباب الكامنة وراء الإصابة به.[٢]
ما أنواع العمه؟
صُنّف العمه لعدّة أنواع، وفق المنطقة المُتأثّرة من الدماغ، ولأجل ذلك، في مُعظم الأحيان تتأثّر حاسّة واحدة فقط من الجسم بالمرض، وعلى أساسها قُسّم العمه لما يأتي:[٣]
- العمه النظريّ، وهو النوع الأكثر شيوعًا من بين الأنواع الأُخرى، إذ يُعاني المُصاب من عدم القُدرة على التعرّف على ما يراه، رغم أن بصره سليمٌ ومُعافى تمامًا، وللعمه النظريّ عدّة أصناف أيضًا، وبعض الأمثلة على هذه الأصناف ما يأتي:
- عمه التعرّف إلى الوجوه، وفيه يفقد المُصاب القُدرة على تمييز وجوه من يراهم، رغم قُدرته على تمييزهم من خلال الشعر مثلًا، أو الصوت، أو المشاعر التي تربطه بهم.
- عمه تعرّف الشبيه، وفيه يُعاني المُصاب من صعوبة التعرّف على الأشياء عند وجودها أو ترتيبها مع بعضها البعض، مع استطاعته التعرّف عليها لو وضعت كلّ واحدة منها على حدة.
- عمه الألوان، الذي لا يستطيع فيه المُصاب تمييز الألوان عن بعضها البعض.
- عمه تعذّر القراءة، وفيه يُعاني المُصاب من صعوبة تمييز الكلمات والألفاظ عند رؤيتها، إلا أنّه بإمكانه نُطقها وكتابتها.
- العمه الحسّي، وهو فُقدان المُصاب القُدرة على التعرّف على الأشياء عن طريق حاسّة اللمس، وله نوعان رئيسان؛ هما:
- عمه الشكل، الذي يفقد المُصاب فيه القدرة على التعرّف على حجم الأشياء التي يراها أو أشكالها.
- عمه العاهة، وهو عدم القُدرة على تمييز أوزان الأشياء التي يراها المُصاب، أو نسيجها وقوامها؛ كعدم التمييز ما بين القُطن والمعدن.
- العمه السمعيّ، وهو فُقدان المُصاب القدرة على تمييز الأصوات، وعدم ارتباط ذلك بأيّ مشكلات أو اضطرابات في السمع لديه، وللعمه السمعيّ عدّ أصناف، منها:
- العمه السمعيّ اللفظيّ، وهو عدم التعرّف للكلمات والأحاديث المنطوقة، مع بقاء القدرة على التحدّث والكتابة والقراءة طبيعية.
- العمه السمعيّ غير اللفظيّ، وهو عدم التعرّف إلى الأصوات المُزعجة والضوضاء، مع بقاء القُدرة على التعرف إلى الكلام المنطوق.
- العمه الموسيقيّ، وهو عدم التعرّف إلى صوت الموسيقى، مع عدم القُدرة على تمييز أصوات الآلات الموسيقيّة من بين الأصوات الأُخرى التي يسمعها المُصاب.
ما أسباب العمه؟
يُمكن القول بأنّ العمه يحصل نتيجة تضرّر بعض الخلايا الدماغيّة، المسؤولة عن تسلسل معلومات حواسّ الجسم ومُعالجتها بما يمنح الفرد القُدرة على إدراكها وتعريفها، وتخزين ما يخصّها من معلومات، وحسب موقع الضرر الحاصل تكون الحاسة المُتأثّرة بالمرض، وعادًة ما تكون المناطق الآتية في الدماغ الأكثر ارتباطًا بالمرض، وهي:[٤]
- الفصّ الجداريّ (Parietal lobe).
- الفصّ الصدغيّ (Temporal lobe).
- الفصّ القذاليّ (Occipital lobe).
ومن ناحية أُخرى، فإنّ أبرز ما قد يتسبّب بالضرر في هذه الأماكن ما يأتي:[٤]
- السكتة الدماغيّة.
- الأورام الدماغيّة وسرطان الدماغ.
- الخرَف.
- التهاب الدّماغ.
- نقص تدفّق الأكسجين إلى الدماغ، الذي قد يكون ناجمًا عن التسمّم بثاني أُكسيد الكربون.
- الإصابات المباشرة على الدماغ.
كيف يُمكن تشخيص الإصابة بالعمه؟
تقتضي الخطوات التشخيصيّة التي يتّبعها الأطباء في إثبات إصابة أحدهم بالعمه، القيام بمجموعة من الإجراءات والفحوصات، التي تتضمّن كُلّا ممّا يأتي:[٢]
- تحرّي استجابة المُصاب لمجموعة من الأمور؛ لفحص كُلّ من النظر والشمّ والسمع لديه، وتعامله مع المعلومات التي تتضمّن كلّ حاسّة على حدة.
- فحص وظائف الدماغ وقوّة الذاكرة.
- تحرّي جميع الأعراض والعلامات التي يُعاني منها المُصاب، أو يُلاحظها أفراد عائلته عليه، مع تحديد وضعه الصحيّ بالمُجمل، وما إذا كان يُعاني من أيّ أمراض أو اضطرابات أُخرى.
- تحرّي ما إذا كانت الأعراض التي يُعاني منها المُصاب ناجمًة عن مشكلات صحيّة أو اضطرابات أُخرى؛ كأن تكون مُرتبطة بمشكلات في السمع، أو في العينين والنظر.
- قد تتطلّب بعض الحالات إجراء بعض الصور؛ كصور الرنين المغناطيسيّ (MRI)، والتصوير الطبقيّ المحوريّ (CT scan).
هل يُمكن علاج العمه؟
تعتمد الخيارات العلاجيّة المُستخدمة في التعامل مع المُصابين بالعمه على منع تأثير المرض على سير حياة وأعمال المُصاب قدر الإمكان، وذلك من خلال الآتي:[١]
- تقصّي الأسباب المُحتمل ارتباطها بالمرض، والتعامل معها وعلاجها حسب نوعها؛ كعلاج آثار السكتات الدماغيّة، أو مُعالجة أنواع العدوى المُرتبطة بالعمه بالمُضادات المُناسبة.
- العلاج التأهيلي المُساعد، الذي يقتضي تعليم المُصابين استخدام حواسّهم السليمة لتعويض المشكلات الحاصلة في إحدى الحواس بسبب العمه؛ للتأقلم مع الوضع والتعايش معه دون أن يكون المرض سببًا في إعاقة حياة المُصاب، ويكون ذلك من خلال:
- تعليم المُصاب استراتيجيّات جديدة؛ للتعرّف على الأشياء من خلال روائحها (إن كانت المُشكلة بصريّة)، أو من خلال ملمسها (إن كانت المُشكلة سمعيّة)، أو بتعليمهم لغة الشفاه لمن يُعانون من العمه السمعيّ.
- اتّباع روتين يوميّ مُحدّد، ووضع الأشياء الأكثر استخدامًا في أماكن ثابتة في المنزل، بالإضافة لاستخدام مُلصقات بكتابات أو أشكال مُعيّنة على ما اعتاد المُصاب التعامل معه.
المراجع
- ^ أ ب "Agnosia", ncbi,17-4-2020، Retrieved 31-7-2020. Edited.
- ^ أ ب "Agnosia", healthdirect,6-2019، Retrieved 31-7-2020. Edited.
- ↑ Osman Shabir (23-1-2020), "What is Agnosia?"، news-medical, Retrieved 31-7-2020. Edited.
- ^ أ ب Stacy Sampson (1-10-2019), "What Is Agnosia?"، healthline, Retrieved 31-7-2020. Edited.