ما هو المدح المذموم
المدح المذموم هو كُل مدح انعدمت فيه شروط المدح المُباح؛ كانعدام الصدق، أو صَاحَب هذا المدح النفاق، أو جعل هذا المدح وسيلة للحصول على مصلحة، أو ازداد الممدوح بهذا المدح تكبُّراً وظُلماً، فقد روى عبد الله بن عمر وأبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (احثوا التُّرابَ في وُجوهِ المدّاحِينَ).[١][٢]
وقد سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يُثني على صاحبه في صلاته فنهاه رسول الله عن ذلك، وأخبره أنه إذا سمع الشخص هذا المدح فإنه سيهلكه؛ وذلك لما يبعثه المدح في النفس من الغرور والعجب بما يفعله صاحبه؛ فلربما إن أخبره أن يُفسد عليه صلاته، أو يُفسد نيته، وأعظم ما على المرء الاهتمام به هو نيته، وقال عن رجلٍ آخر مدح صاحبه أنه أهلكه أو قطع ظهره؛ لشدة ما يبعثه المدح في النفس.[٣]
المواطن التي يُذم بها المدح
هناك العديد من المواقف التي يجب على المرء أن يمدح الشخص الذي أمامه إن قدم له معروفاً، أو كان في موقف يحتاج صاحبه إلى دفعةٍ معنويّة تُشجعه وتقويه، ولكن هناك مواقف يُذمُّ فيها المدح، نذكر بعضاً منها فيما يأتي:[٤]
- مدح الشخص بوجهه إذا ظنّ أن هذا المدح سيؤدي به إلى إعجابٍ أو غرور، أو أي من أمراض القلوب، قال ابن بطال: "حاصل النهي هنا أنه إذا أفرط في مدح آخر بما ليس فيه، لم يأمن على الممدوح العجب لظنه أنه بتلك المنزلة، فربما ضيع العمل والازدياد من الخير اتكالاً على ما وصف به".
- المبالغة في المدح والإطراء حتى يصل به الأمر إلى التكلُّف، ومجاوزة الحقيقة مما ليس به.
- مدح الظالمين؛ لأن هذا المدح قد يكون سبباً في تماديهم بالظلم وزيادته، كأن يمدح الشخص صاحب شركة ظالم، فمدحه قد يزيد في ظلم عُماله، قال الغزالي: "آفة المدح في المادح أنه قد يكذب، وقد يرائي الممدوحَ بمدحه، ولا سيما إن كان فاسقاً أو ظالماً".
- مدح الرجل بأمر لا يدري حقيقته على وجه التأكيد؛ كمدح الشخص بأنه صاحب تقوى وصلاحٍ في دينه، فإنّ الصلاح والتقوى من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وإنما إن أراد المدح فليقل أحسبه صالح ولا يجزم.
متى يكون المدح محموداً
قد يكون المدح محموداً ومُستحباً إذا لم يكن فيه فتنة للمدوح، ولم يكن فيه مبالغة ولا القول بما ليس في الشخص، ولا بد من التنويه إلى أن هناك فرقاً بين الشكر والمدح، فإن الشكر يكون على معروف أو إحسان قدمه لك الشخص فتُثني عليه به بعبارات الشكر والعرفان، وهذا مُستحب ومن هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، فعلّمنا رسول الله أن نشكر من يُقدم لنا المعروف بقولنا: جزاك الله خيراً، فإنها تحمل له الثناء العظيم جزاء ما قدمه.[٥]
المراجع
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2394، صححه الألباني.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البيان، صفحة 32. بتصرّف.
- ↑ أحمد الساعاتي، الفتح الرباني في ترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني، صفحة 301. بتصرّف.
- ↑ منقذ السقار، الدين المعاملة، صفحة 98. بتصرّف.
- ↑ أبو فيصل البدراني، آفات اللسان، صفحة 17. بتصرّف.