ما هو المنهج الوصفي التحليلي للبحث؟

كتابة:
ما هو المنهج الوصفي التحليلي للبحث؟

التعريف بالمنهج الوصفي التحليلي للبحث ونشأته

أحد المناهج العلمية في البحوث، وهو عبارة عن وصف وتحليل دقيق وتفصيلي لظاهرة معينة أو موضوع محدّد، ويكون على صورتين الأولى نوعيّة والثانية كميّة رقميّة، إذ إنّ التعبير الكيفي يصف الظاهرة ويُوضّح خصائصها، أمّا التعبير الكمي فيوضّح وصفًا رقميًّا مهينًا؛ حيث يُبيّن مقدار هذه الظاهرة أو حجمها ودرجة ارتباطها مع الظواهر المختلفة الأخرى، وقد يقتصر هذا المنهج على بيان وضع قائم في فترة زمنية محددة أو تطوير يشمل عدة فترات زمنية.[١]


على هذا الأساس؛ يعتبر الوصف والتحليل ركنًا أساسيًّا من أركان البحث العلمي، ويعدّ منهجه من أهم المناهج المتبعة فيه؛ إذ إنّ الباحث الذي يرغب في الوصول إلى نتائج علمية يعتمد عليها لا بدّ من أن يحرص على وصف الوضع الراهن للظاهرة من خلال رصدها وبيان وفهم ما تضمّنته من مضمون، ثم يجب عليه أن يحصل على أوصاف دقيقة وتفصيلية لها بغية الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها والمشكلات التي يدرسها.[٢]


أمّا نشأة هذا النوع من البحوث فقد بدأت لدى الغرب في نهاية القرن الثامن عشر، وكان قد نشط بشكل كبير خلال القرن التاسع عشر؛ إذ ركّزت مختلف الدراسات الاجتماعية التي قام بها فريدريك لوبلاي عندما أجرى دراسات تصف وتُحلّل الحالة الاقتصادية للطبقة العاملة الفرنسية، ولكن التطور الذي شهده أسلوب البحث الوصفي التحليلي كان خلال القرن العشرين، ولا بُدّ من الإشارة هنا إلى أنّ هذا النوع من مناهج البحث يرتبط بشكلٍ كبير بدراسة المشكلات الإنسانية مثل البحوث السلوكيّة.[١]


أهمية المنهج الوصفي التحليلي للبحث

تبدو أهمية المنهج الوصفي التحليلي للبحوث في عدة أمور أهمها:[١]

  • الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها البحث العلمي حول وضعية راهنة لظاهرة أو مشكلة ما وتحديد العوامل والعلاقات فيما بينها.
  • دراسة بعض الموضوعات الإنسانية المهمة، فهو المنهج الوحيد القادر على ذلك، كما يستخدم لدراسة الظواهر الطبيعية المختلفة مثل وصف الظواهر الفلكية والبيولوجية.
  • إنشاء وصف كميّ ومفصّل للظاهرة أو المشكلة محل الدراسة والبحث، كما يساعد على تحديد سرعة ظهور أو تكرار أية ظاهرة.
  • إعطاء تفسير وتحليل للظواهر المختلفة من خلال تقديم صورة عن معدل التغير السابق في الظاهرة، ممّا يسمح للإنسان بالتخطيط العام لبعض جوانب الحياة.
  • إعطاء تفسير للعلاقات التي تربط بعض الظواهر، وبالتالي يُساعد الإنسان على فهم العوامل التي تؤثّر في هذه الظواهر، وفهم العلاقة بين الأسباب والنتائج والعلاقة بين الكل والجزء، وهي في حقيقة الأمر جميعها تزيد من فهم طبيعة الظاهرة
  • المساعدة على فهم الظواهر الاجتماعية والإنسانية؛ وذلك بسبب تقديم حقائق ومعلومات وبيانات دقيقة عن واقع الظواهر تلك.


خصائص المنهج الوصفي التحليلي للبحث

يتمتع المنهج الوصفي للبحوث بالعديد من الخصائص أهمها:[٣]

  • يبحث العلاقة بين أشياء مختلفة في طبيعتها لم تسبق دراستها فيختار الباحث منها ما له صلة بدراسته لتحليل العلاقة بينها.
  • يتضمن مقترحات وحلول مع اختبار صحتها.
  • تُستخدم الطريقة المنطقية (الاستقرائية - الاستنتاجية) للتوصُّل إلى قاعدة عامة.
  • يهتم بجمع أوصاف دقيقة وعلمية للظاهرة محل الدراسة.


خطوات المنهج الوصفي التحليلي للبحث

المنهج الوصفي التحليلي واحدٌ من أساليب البحث العلمي، وهو طريقة علميّة في البحث؛ وعليه ينبغي أن يُراعي الباحث الخطوات التي يتألف منها هذا المنهج للوصول إلى أفضل النتائج العلمية فيما يتعلق ببحثه وهذه الخطوات على النحو التالي:


الشعور بالمشكلة

يعد الشعور والإحساس بمشكلة البحث نقطة البداية في البحث العلمي، وهو عبارة عن تساؤل يدور في ذهن الباحث حول موضوع غامض يحتاج إلى تفسير، وتنبع مشكلة البحث من شعور الباحث بحيرة وغموض تجاه موضوع مُعيّن وتلك المشكلة قد تكون ناتجة عن:[٤]

  • الشعور بعدم الرضا.
  • الإحساس بوجود خطأ ما.
  • الحاجة لأداء شيء جديد.
  • الرغبة في تحسين الوضع الحالي في مجال ما.


جمع المعلومات

بعد الشعور والإحساس بمشكلة البحث ينتقل الباحث خطوة جديدة من أجل تحديد المشكلة الأساسية للبحث الذي يرغب القيام به، ثم يتولّى جمع المعلومات والبيانات وترتيبها بالطريقة التي يراها مناسبة من أجل الوصول إلى أفضل النتائج، وهذا يتطلّب منه دراسة واعية وافية لجميع جوانب مشكلة البحث.[٤]


صياغة فرضيات البحث

ينبغي على الباحث بعد معرفة المشكلة وتحديدها وجمع المعلومات أو البيانات وضع أو صياغة فروض الدراسة، والتي يمكن أن تُجيب عن سؤال البحث بصورة مؤقتة، ثم يُناقش الباحث البيانات التي جمعها والمعلومات حتى يتوصّل إلى إثباتها أو دحضها.[٥]


اختيار عينة البحث

يقوم الباحث باختيار العينة التي سوف يجري الدراسة عليها أو على أساسها، وبالتالي فإنّ على الباحث أن يقوم بتحديد حجم تلك العيّنة ونوعها أيضًا من مجتمع الأصل، وينبغي الإشارة إلى أنّ اختيار العينات تلك سيكون وفق أساليب واعتبارات مُعيّنة ينبغي على الباحث اتّباعها وهي تختلف باختلاف أنواع المشكلة.[٦]


اختيار أدوات البحث

يقوم الباحث باختيار الأدوات المناسبة لطبيعة الدراسة أو البحث الذي يقوم به، ومن تلك الأدوات التي يمكن استخدامها في البحوث العلمية إجراء المقابلات مع العينات التي حدّدها والاستبيان والملاحظة والقيام بجمع المعلومات المطلوبة بطريقة منظمة؛ حيث يختار الباحث الأداة التي تناسب طبيعة المشكلة والفروض وبالأساليب التي يُحدّدها.[٦]


التحليل والشرح

عند بدء مرحلة اختبار الفروض ومناقشتها لا بدّ من الرجوع إلى أدبيات الدراسة وإلى الدراسات السابقة للتعرُّف على مدى اتفاق نتائج البحث مع نتائج البحوث السابقة، كما ينبغي على الباحث العمل على تفسير أسباب الاتفاق والاختلاف تلك.[٥]


استخلاص النتائج والتوصيات

يقوم الباحث بكتابة النتائج وتفسيرها عندما تحتاج إلى إيضاح أو تفسير، وعليه وضع عدد من التوصيات التي قد يستفيد منها الباحثون الآخرون والجهات العامة أو الخاصة التي يهمّها هذا النوع من البحوث.[٥]


أنواع المنهج الوصفي التحليلي للبحث

لتنفيذ البحوث العلمية وفق المنهج الوصفي التحليلي ثمّة مجموعة من الأنواع المستخدمة من قبل الباحثين، وحقيقة لا يوجد اتّفاق على كيفية تطبيق تلك الأنواع؛ وذلك بسبب اختلاف خلفيات الباحثين وثقافتهم وخبرتهم العملية، ومن أهم هذه الأساليب:[٧]

  • أسلوب المسح: يقوم على التجميع المنظم للبيانات والمعلومات الأولية اللازمة عن ظاهرة أو حدث ما لتزويد الإدارة لاتخاذ قرار معين بعد فهم وتحليل سلوك المجتمع.
  • أسلوب دراسة الحالة: يقود بدراسة حالة معينة بشكل معمّق من خلال جمع البيانات والمعلومات الشاملة والمفصلة عنها، بهدف الوصول إلى فهم أعمق للظاهرة أو الحدث المدروس أو ما يمثلها من ظواهر وأحداث، وذلك بجمع البيانات والمعلومات عن الوضع الحالي والماضي.
  • أسلوب تحليل المحتوى: يقوم على وصف منظم ودقيق لمحتوى تقرير معين حول ظاهرة أو حدث ما من خلال تحديد مشكلة الدراسة وأهميتها وهدفها وتحديد مجتمع الدراسة الذي سيتم اختبار الحالات الحاصلة فيه لدراسة مضمونها وتحليله.
  • أسلوب الدراسات السببية المقارنة: هذا النوع من أرقى الدراسات الوصفية التحليلة، فبينما تكشف الدراسات الوصفية في معظمها عن ماهية الظاهرة وتفسير ما تتوصل إليه من معلومات، فإنّ الدراسات السببية المقارنة تُحاول تفسير كيف ولماذا تحدُث الظاهرة.


أدوات المنهج الوصفي التحليلي للبحث

للمنهج الوصفي التحليلي بعض الأدوات التي تُمكِّن الباحث من الحصول على المعلومات أو البيانات بسهولة وييسر وهذه الأدوات هي:


الملاحظة

هي المشاهدة والمراقبة الدقيقة لسلوك أو ظاهرة معينة وتسجيل جميع الملاحظات أول بأول، وكذلك الاستعانة بأساليب الدراسة المناسبة لطبيعة ذلك السلوك أو تلك الظاهرة بغية تحقيق أفضل النتائج والحصول على أدق المعلومات، والملاحظة ليست على نوع واحد بل هي أكثر من نوع على النحو التالي:[٥]

  • الملاحظة من خلال المشاركة.
  • الملاحظة من غير المشاركة.


المقابلة

هي محادثة أو حوار بين الباحث من جهة وشخص أو مجموعة أشخاص آخرين من جهة أخرى، وذلك بغرض الوصول إلى معلومات تعكس حقائق أو مواقف مُحدّدة يحتاج الباحث الوصول إليها بضوء الأهداف التي يضعها نصب عينه من أجل الوصول إليها والمقابلات تكون على عدة أنواع هي:[٥]

  • المقابلات الشخصية.
  • المقابلات التلفونية.
  • المقابلات بواسطة الحاسوب.


الاستبيان

عبارة عن مجموعة من الأسئلة والاستفسارات المتنوّعة والمرتبطة مع بعضها بشكل يُحقّق الهدف، أو مجموعة الأهداف التي يسعى إليها الباحث بضوء الموضوع الذي يبحث فيه والمشكلة التي اختارها لبحثه، وهو على ثلاثة أنواع:[٥]

  • الاستبيان المغلق.
  • الاستبيان المفتوح.
  • الاستبيان المغلق والمفتوح.


مجالات استخدام المنهج الوصفي التحليلي للبحث

هناك الكثير من المجالات التي يتم فيها استخدام المنهج الوصفي التحليلي ومن تلك المجالات ما يلي:[٤]

  • يُستخدم المنهج الوصفيّ التحليليّ من قبل الكثير من الباحثين في المجال التربوي والنفسي والرياضي؛ حيث يُمكنهم من دراسة وتحليل الحالات الآنية بشكل جيد.
  • يُستخدم المنهج الوصفيّ التحليليّ للتعرُّف على الآراء والمعتقدات والاتجاهات الفكرية لدى الأفراد والجماعات.
  • يُستخدم المنهج الوصفيّ التحليليّ لجمع البيانات وتدوينها وتقديم نفسير مناسب ومنطقي لها.
  • يُستخدم المنهج الوصفيّ التحليليّ لوضع التنبؤات المستقبلية للأحداث.


الخلاصة

تُسهم مناهج البحث العلمي في التعرُّف على ظاهرة الدراسة ووضعها في إطارها الصحيح، وشرح جميع الظروف التي تُحيط بها، وتُعدّ البداية للوصول إلى نتائج الدراسة التي تتعلق بالبحث، والتي غالبًا ما تتمثل بالحلول والتوصيات التي يضعها الباحث في نهاية البحث، واستخدام منهج معين في البحث يتطلّب وقتًا وجهدًا كبيرًا للوصول إلى المعلومات والبيانات كافّة، وتشمل هذه الأساليب المنهج الوصفيّ التحليليّ الذي يُعدّ من أهمّ المناهج المُستخدَمة في البحث والدراسات.


المراجع

  1. ^ أ ب ت رجاء وحيد دويدري ، البحث العلمي أساسياته النظيرة وممارسنه العملية (الطبعة 1)، دمشق سوريا:دار الفكر، صفحة 183. بتصرّف.
  2. موسى ابن ابراهيم ، دراسة نقدية لبعض المناهج الوصفية وموضوعاتها في البحوث الاجتماعية والتربوية والنفسية، صفحة 26. بتصرّف.
  3. العرباوي سحنون، محاضرات واعمال في ميدان علوم وتقنيات الانشطة البدنية والرياضية، صفحة 56. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت بوداود عبد اليمين وعطا الله أحمد، المرشد في البحث العلمي لطلبة التربية البدنية الرياضية، الجزائر:ديوان المطبوعات الجزائرية، صفحة 125-126. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح محمد سرحان علي المحمودي ، مناهج البحث العلمي (الطبعة 2)، صنعاء اليمن:دار الكتب، صفحة 50. بتصرّف.
  6. ^ أ ب عزيز حماد داود ، منهاج البحث التربوي، صفحة 65. بتصرّف.
  7. كمال دشلي، منهجية البحث العلمي، حماة سوريا:مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، صفحة 62_ 65. بتصرّف.
6749 مشاهدة
للأعلى للسفل
×