محتويات
تعريف اليقين بالله
معنى اليقين لغةً
لفظ اليقين له عدةُ معانٍ في اللغة، منها ما يأتي:[١]
- الاستقرار، ومنه يُقال: يقن الماء في البركة؛ أي استقر فيها.
- العلم الجازم الذي لا يشوبه شك ولا تردد، وهو نقيض الشك.
معنى اليقين اصطلاحاً
يقصد باليقين اصطلاحاً الاعتقاد الجازم المُطابق للواقع الذي لا يزول، ولا يتغير، ولا ينقلب،[١] إذا فاليقين بالله -تعالى- هو الإيمان التّام والجازم به، والاعتقاد الجازم بأنّه يستحقّ العبادة دون سواه، وأنّه خالق كلّ شيء، وله صفات الكمال والجلال والعظمة.
مراتب اليقين
إن لليقين منزلةً عظيمةً في إيمان العبد وقربه إلى الله -عز وجل-، وتندرج في ثلاث مراتب، وهي:[٢]
- علم اليقين
وهي العلوم التي نعرفها من الأدلة والبراهين والأخبار الصادقة عن الله وخبر رسوله الكريم؛ كالإيمان الجازم بالجنة ونعيمها، والنار وعذابها، والحساب والآخرة، قال -تعالى-: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ).[٣]
- عين اليقين
وهي مشاهدة العلوم بالأبصار حقيقة، فلا يحتاج صاحبها دليل لأن المدلول مشاهَداً، كما حصل في طلب سيدنا إبراهيم الخليل -عليه السلام- من ربه أن يريه كيف يحيى الموتى، فأراه الله -تعالى- ذلك.
- حق اليقين
وتعد أعلى مراتب اليقين، وهي المعلومات التي تحقق بالذوق والمباشرة، فيكون صاحبه قد عرفه بالاعتبار؛ كذوق القلب للذة الإيمان.
أنواع اليقين
إن لليقين ثلاثة أنواع، وهي:[٤]
- يقين الخبر
ويراد به سكون القلب للخبر، واليقين مطلقٌ بالثقة في أخباره سبحانه وفي أخبار رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
- يقين الدلالة
وهو إقامة الأدلة، والأمثال، والبراهين التى دلت على الخبر مع الوثوق بصدقه؛ كأخبار الإيمان في القرآن الكريم، فمع صدقه -سبحانه- إلا أنه يقيم البراهين والأدلة لعباده على صدق أخباره.
- يقين المشاهدة
وهي يقين المكاشفة، وذلك بأن يصير المُخبَر به كالمرئي للعيون.
أهمية اليقين
تكمن أهمية اليقين في عدة أمور، منها ما يأتي:[٥]
- تزيد علاقة المسلم حباً وقربةً إلى خالقه.
- يزيد المسلم بسببه خشوعاً وتذللاً لله -عز وجل-.
- يجعل صاحبه دائما في موضع الإخلاص والصدق، ويبعده عن الرياء والكذب.
- يكسب صاحبه العزة والرفعة، ويبعده عن الذل والضعف.
صفات أهل اليقين
يتصف أهل اليقين بالعديد من الصفات التي أشارت إليها نصوص القرآن الصريحة والسنة الصحيحة، ومن تلك الصفات:[٦]
يؤمنون بالغيب
أهل اليقين يؤمنون بما أنزله الله ورسوله من غيبيات، والتي وردت في آيات الله وأحاديث الرسول، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[٧] فهم يؤمنون بالغيبات من البعث، والنشور، والحساب، والجزاء، والجنة، والنار، ويؤمنون بالله ويفعلون ما أمر الله به ويتركون ما نهى عنه طمعا بجنات نعيم.
يوقنون بأن الرزق بيد الله وحده
أهل اليقين يؤمنون بأن الله هو الرازق وحده وليس لأحدٍ سواه تدخّل في الأرزاق إلا بأمر الله -سبحانه وتعالى-، فلا يمكن لأحدٍ أن يمنع الرزق عن أحدٍ إذا أعطاه الله، ولا أن يعطي أحداً منع عنه الله العطاء، قال -سبحانه-: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ* وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ).[٨]
لا يزيغون عن الحق
أهل اليقين لا يزيغون عن الحق ولا ينصرفون عنه إلى الباطل، قال -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)،[٩] فيؤمنون بكل ما جاء به الله عن طريق الوحي إيمانا جازماً من غير رياءٍ أو نفاقٍ.
يُحكِّمون شرع الله تعالى
أهل اليقين يُحكِّمون بما شرعه الله -عز وجل- في جميع شؤون حياتهم من عبادات ومعاملات وعقوبات وغيرها، ولا يتركون الحكم لأهل الباطل ليزيغوا في الحق، قال -تعالى-: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).[١٠]
يؤمنون بالقرآن الكريم
أهل اليقين يؤمنون بالقرآن الكريم كله، فهو من عند الله -عز وجل-، مُحكمه ومتشابهه، ناسخه ومنسوخه، قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)،[١١] فيأخذون بأحكامه، ويتخلّقون بأخلاقه، ويطبقون حدوده، ويفعلون ما أمر به، ويتركون ما نهى عنه.
يؤمنون ويصدّقون بإعجاز الله
أهل اليقين يؤمنون إيماناً جازماً بمعجزات الله المتمثلة في كونه، قال -تعالى-: (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ* وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ* وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ* تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ).[١٢]
وقال -سبحانه- عن سيّدنا إبراهيم -عليه السلام-: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)،[١٣] كما أنهم يتفكّرون في خلق الله في هذا الكون، ويرون إعجاز الله في خلقه ويؤمنون بها.
يوقنون بأنّ النفع والضر بيد الله
أهل اليقين يعتقدون اعتقاداً جازماً بأنّ النّفع والضرّ بيد الله، وأنه ليس لأحد أن ينفع غيره أو يضرّه إلا بأمر الله -عز وجل- وحده، قال -تعالى-: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[١٤] فهم يؤمنون بالقضاء والقدر خيره وشره.
المراجع
- ^ أ ب أحمد بن الشيخ محمد الزرقا (1409)، شرح القواعد الفقهية (الطبعة 2)، دمشق:دار القلم، صفحة 79. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي (1422)، تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (الطبعة 1)، السعودية:وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، صفحة 325، جزء 1.
- ↑ سورة التكاثر، آية:5
- ↑ عدد من المختصين بإشراف الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، جدة:دار الوسيلة، صفحة 719، جزء 8.
- ↑ عدد من المختصين بإشراف الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (الطبعة 4)، جدة:دار الوسيلة، صفحة 730، جزء 8.
- ↑ بدر هميسه، "صفات أهل اليقين"، صيد الفوائد.
- ↑ سورة لقمان، آية:3
- ↑ سورة الذاريات، آية:20
- ↑ سورة البقرة، آية:118
- ↑ سورة المائدة، آية:50
- ↑ سورة السجدة، آية:24
- ↑ سورة الجاثية، آية:3
- ↑ سورة الأنعام، آية:75
- ↑ سورة الأنعام، آية:17