ما هو فن المسرح

كتابة:
ما هو فن المسرح

تعريف فن المسرح

كيف تتحول النصوص المكتوبة إلى عروض تمثيلية؟

يُعد المسرح من أعرق الفنون وأقدمها، وتعود الكلمة في أصلها إلى أصل يوناني، إذ تطورت وأصبحت تأخذ دلالات مختلفة، فمثلًا المسرح عند الرومان هو نص مكتوب يقوم بتمثيله بعض الممثلين، أما عند اليونان فهو فنّ من فنون الشعر، والمسرح هو فنّ أدبيّ يتفاوت بدرجات مختلفة، كالتمثيل والغناء والرقص، وهو المكان الواسع والمعروف لعرض المسرحيات، وهو المكان التي تجري داخله أكثر من حدث، والمسرح هو فن يُحول فيه الممثلون النص المكتوب إلى عرض تمثيلي من خلال مساعدة المخرج، والمؤلف، كما أنه فن يروي قصة ما من خلال مجموعة من المشاهد التي يقوم بها الممثلون أمام الجمهور، وغالبًا ما يسعى فن المسرح إلى هدف توصيل رسالة للمجتمع، أو تصويرها.[١]


نشأة الفن المسرحي وتطوره

ما علاقة الطقوس الدينية بالفن المسرحي؟

نشأ فن المسرح من خلال بعض الطقوس الدينية والاجتماعية القديمة، وغالبًا ما يُنسب فن المسرح إلى الرومانيين واليونايين، ولكن هناك شعوب أقدم من اليونانيين ظهر عندهم المسرح، وعرفوه منذ القدم وهم المصريّون، أما عن الفصل والتفصيل في نشأة المسرح فهو يتوزع إلى:[٢]


نشأة المسرح العربي

كانت بدايات فن المسرح العربي من مصر، في أواخر القرن الثامن عشر، ويُعد ذلك في عهد نابليون بعد أن احتل مصر، وبعد أن غادر نابليون من مصر كان قد وضع الأساسيات الأولى للمسرح والذي نُشر فيما بعد بالعالم العربي بأكلمه، وفي تلك الفترة كانت هناك جرائد فرنسية تصدر في مصر، ومنها جريدة كولييه دوليجيبت، وهي أول جريدة نشرت إعلانات عن نوادٍ وملاهٍ اجتماعية ومنها جمعية التمثيل في القاهرة، والتي كانت تعرض للفن المسرحي من خلال عرض المسرحيات، فكان المسرح في مصر هو ذات لون فرنسي، وأول من أشار لذلك هو الجبرتي، وكان تلك هي أول إشارة لعربي تحدث عن المسرح الفرنسي وهو في مصر.[٣]


أما عن فن التمثيل المسرحي والعربي، فقد كان مارون النقاش هو أول من أدخله إلى العالم العربي، إذ كان مسافرًا إلى إيطاليا فأدهشه مسارحها، فانتفع بها وطوّر هذا الفن في العالم العربي، وقام بالنهوض به من خلال تمثيل أول رواية في العالم العربي وهي رواية النقاش، وقبل تمثيلها وقف وخطب بالجمهور وأشار إلى نهضة البلاد، ومن ثم عُدت هذه الخطبة هي أول وثيقة عن المسرح العربي عامة، وعن التمثيل في لبنان خاصة.[٣]

نشأة المسرح العالمي

يرتبط نشأة المسرح العالمي بالطقوس الدينية، تلك الطقوس التي كان يؤديها الإنسان القديم من أجل التقرب للآلهة، ومن أوائل المسرحيين هم: إسخليوس وسوفولكس، وكلاهما عاشا قبل الميلاد، وتدور مسرحياتهما حول التراجيديا والنهاية المأساوية، ووافق هذا الظهور العالمي حضور الفيلسوف اليوناني أرسطو إذ درس الفن العالمي ودوّن سماته وخصائصه، وجمعها في كتاب خاص أسماه فن الشعر والذي صار مرجعًا للمسرح الكلاسيكي، ثم تطور المسرح العالمي في عصر النهضة، فازدهرت المسرحية وفاقت باقي الأنواع الأدبية الأخرى، والذي ساعد بذلك هو كتاب فن الشعر، ثم استمر تطور المسرح حتى القرن العشرين، إذ ظهرت أنواع جديدة للمسرح وجمعت فيما بينها.[٤]


لقراءة المزيد عن الشعر المسرحيّ، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: مفهوم الشعر المسرحي.


عناصر الفن المسرحي

ما هي أصعب العناصر على المؤلف المسرحي؟

يقوم فن المسرح على عناصر لازمة ومحددة، وهذه العناصر هي بمثابة تقنيات تسهم في جعل العمل كاملًا ومكتملًا من كافة النواحي، فهي مقومات المسرح التي تنهض بالفن بجعله فن أدبي خالص، وتنقسم هذه العناصر إلى:[٥]


الحبكة

وهو العنصر الذي يقوم ببناء أحداث المسرحية ضمن تسلسل منطقي وزمني، كما أن الحبكة هي التي تبني العلاقة بين الأجزاء الداخلية للمسرحية، كما أنها وصف متواصل للأحداث ينتج من هذا الوصف ما يسمى الترقب، وهو الذي يؤدي إلى جذب تركيز الجمهور إلى دوران المسرحية.[٥]


الشخصية

إنَّ الشخصية هي العنصر الأساسي في العمل المسرحي، وهي أصعب التقنيات على المؤلف، لأنّ رسم الشخصية هو الذي ينهض بالبناء المسرحي، ولا بد أن تتوافر بها بعض الشروط، ومنها أن تكون شخصية مقنعة ومتوازنة قادرة على نقل كافة أفكار المؤلف بجانب أحاسيسه ومشاعره.[٥]


الحوار

يُعد الحوار مهم في العمل الأدبي فبمقدار أهميتة في الرواية هو كذلك في المسرحية، والحوار هو أسلوب المسرحية الخاص، والذي يميز كل عمل عن غيره، وهو الذي يعطي للشخصيات حياة، وبالحوار تبرز قدرات الكاتب والمؤلف الإبداعيّة، لذلك فهو الذي يسهم بنجاح المسرحية وتفوقها.[٥]


العنصر الاجتماعي

العنصر الاجتماعي هو الذي يشمل الزمان والمكان، فالزمن بالمسرحية هو زمن ذات بعد مختصر عن الزمن الحقيقي، ولكنه في مضمونه فهو أطول من زمن الواقع، أما المكان فهو يشمل المجتمع والطبيعة التي تلائم الأحداث، فكل مؤلف يصنع المكان المناسب على أرض المسرح تبعًا للأحداث.[٥]

خصائص الفن المسرحي

كيف يمكن أن يؤدي العمل المسرحي إلى أخطاء بالفهم لدى المتلقي؟

يتميز العمل الفني بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن الفنون الأدبية الأخرى، ومن أهم الخصائص العامة في ذلك هي أن المسرحية مكتوبة من أجل أن تعرض حدثًا حاضرًا، أي يُعاش الآن، ضمن فترة العرض المسرحي نفسه، ومن الخصائص الأخرى هي:[٦]


  • ينقل العمل المسرحي النص من مجرد حوار إلى حياة تبث به الروح من خلال أناس يتفاعلون مع الأحداث.[٧]
  • لا يستطيع العمل المسرحي أن يفرط بعناصره، وذلك لأن كل عنصر هو عامل نجاح في المسرحية، وغياب أحد هذه العناصر يؤدي إلى أخطاء في الفهم، وإلى ضياع الكثير من تأثير هذا العمل وهدفه.[٧]
  • يحمل النص المسرحي الرؤى الفكرية على شكل فني.[٧]


  • يترك العمل المسرحي الطبع والأثر الواضح لدى المتلقي أو السامع بعد عرض العمل.[٧]
  • يشغل الممثل الدور المهم في المسرحية، فإن نُقلت المسرحية دون تمثيل فهذا يعني أن قارئ النص سيحتاج إلى عملية فكرية وذهنية من أجل أن يعوض غياب الممثل.[٧]
  • يبذل المؤلفين قصارى جهدهم في تدريب الممثلين وفي كتابة النص، وذلك لأن العمل المسرحي هو مباشر ولا مجال لأي خطأ.[٧]


أنواع الفن المسرحي

كيف يُمكن أن يتشارك الفن المسرحي والفرقة الموسيقية في عمل واحد؟

تختلف أنواع المسرحيات فيما بينها، وكل نوع هو مخصص ليهدف فئة معينة من الجمهور، وليعبر عن قضية معينة كذلك، وفي النقد الحديث فقد رُتبت هذه الأنواع ضمن نماذج مسرحية مختلفة تسهم هذه النماذج إلى فهم غرض المسرحية وهدف مؤلفها، وهذه الأنواع هي: المسرح الغنائي، والمأساة أو التراجيديا، والملهاة أو الكوميديا، وفي توضيح ذلك كما يأتي:[٨]

المأساة

هي المسرحية الجادة والتي تبتعد عن الفكاهة والإضحاك، وهي نوع من الدراما يقع بها البطل الرئيس تحت تأثير مجموعة من الظروف والصراعات، وغالبًا ما تكون نهاية هذا النوع من المسرحيات هي موت البطل ونهايته المأساوية، وذلك أهم ما يميزها.[٨]

الملهاة

هي مسرحية كوميدية، تهدف إلى إضحاك الجمهور، ويتم فيها نقد المجتمع، والسخرية منه بأسلوب خفيف، وغالبًا هي ما تطرح مواضيع جدية في الفكاهات ولكنها تنقدها بطريقة مرحة ومحببة للجمهور، وغالبًا ما تكون النهاية هي مفرحة.[٨]

المسرحية الغنائية

يُميز هذا النوع من المسرحيات أنها لا تكون على شكل نثر منطوق، وإنما حوار الشخصيات بالغناء، وغالبًا ما يصاحب هذا النوع من المسرحيات وجود أوركسترا وفرقة موسيقية تعزف الموسيقى مع نوع الغناء المؤدى.[٨]


وظائف الفن المسرحي

كيف يُعبر مسرح العبث عن الواقع؟

إنَّ خطاب الكاتب المسرحي هو خطاب يتّسم بالبعد الدلالي والرمزي، أي ثمة رموز بين عناصر العمل الفني، وهذه الرموز هي تشير إلى قضايا يطمح الكاتب لنقلها، وأبرز هذه القضايا الظاهرة تتواجد في النص الإرشادي المسرحي، والذي يحمل التوجيهات الظاهرة في تحركات الشخصية وعناصر الفن بأكمله، ومن الوظائف للفن المسرحي هي:[٩]


  • الاهتمام بالمتلقي والقارئ من خلال عملية إبداعية ابتكارية، تُحقق انسجام المتلقي مع النص.[١٠]
  • النجاح في التواصل مع الآخر ومحاولة التأثير عليه وإقناعه بشتى الطرق.[١٠]


  • الخطاب المؤثر التي تحمله شخصيات المسرحية على شكل إنشاد يكمن في طياته تبليغ رسالة للمتلقي.[١٠]
  • عكس الواقع الاجتماعي المؤلم، وغالبًا ما يُركز على عرض مشكلات فردية، ومن أبرز المسارح التي تركز على ذلك هو مسرح العبث.[١١]
  • التجاوب المباشر بين المتلقي والنص المعروض والموجه إليه.[١٠]


أهمية الفن المسرحي

كيف يُعبر الفن المسرحي عن حاجات المجتمع؟

إنّ فن المسرح يُشكل أهمية قصوى، وذلك من خلال الخطاب الذي يُشكله، إذ تتعاظم الأهداف والمقاصد التي يسعى لها كل مؤلف من خلال نصوصه المسرحية، وتلك الأهداف تظهر من خلال الأهمية العامة التي يطمح لها الفن المسرحي، والتي هي:[١٢]


  • يُشكل المسرح النقد الحضاري للبلاد، كما أنه يعكس تقدُّم الأمم ونموها، من خلال الثقافة الظاهرة في تطوير الفنون الأدبية والتمثيلية.[١٢]
  • يُعد الفن المسرحي وسيلة للترفيه والتسلية، ولكنه قبل كل شيء فهو أداة تنوير لبث الفكر والوعي والثقافة والنهضة الاجتماعية والسياسة وغيرها.[١٢]
  • يعكس الفن المسرحي حاجات المجتمع، كما يشرح بعض القضايا التي تحتاج للمناقشة، من خلال عرضها على شكل نص كوميدي كما في مسرح الملهاة.[٨]


  • يسعى الفن المسرحي إلى تطوير التفكير والإبداع لدى المتلقي وتفجير الطاقات السلوكية كذلك، وهذه الأهمية تظهر أكثر من غيرها في مسرح الطفل.[١٢]
  • ينقل الفن المسرحي بعض الدروس والمعلومات من الكتب الطويلة والمرهقة، إلى أساليب عرض تمثيلية، تكون أسهل لإيصال المعلومة للمتلقي.[١٢]
  • يُعد فن المسرح من أكثر الوسائط الثقافية تأثيرًا، كما أنه هو الفن الأكثر قدرة وسرعة في جذب المتلقي والتأثير به.[١٢]


نماذج من الفن المسرحي

من هو أول من أشار لمسرح الغرفة؟

اعتمد الفن المسرحي في أصوله على بعض العناصر، والقوانين، فظهرت أهمية المسرح منذ القديم بوجود الآلهة وبحضور الطقوس الدينية، ولكنها عبر الفترات أخذ الفن يتطور أكثر فأكثر إذ تعدد أنواعه وأغراضها، ومن أنواع المسرح الحديث هو مسرح الغرفة، فكان تارديو هو أول من أشار لها الشكل من خلال مجموعته المسرحية المؤلفة وهي مسرح الغرفة، وهي تعد من مسرحيات الملهاة الكوميدية[١٣]، ومن أشهر نماذج الفن المسرحي العالمي هي:[١٤]


مسرحية الليلة الثانية عشرة

من أشهر المسرحيات التي كتبها شكسبير، إذ كانت أحداث المسرحية تتخطى كل ما هو تقليدي، أي أنها جمعت بين الأحداث المبكية والمضحكة، فجمعت بين الملهاة والمأساة، وتعد هذه المسرحية من الأعمال التي نجحت باتخاذ خطوة الكمال والتقدم.[١٥]


مسرحية الخاتم القدري

هي مسرحية شعرية منسوبة إلى الشاعر المسرحي الهندي كاليداس، والذي يسمى بشكسبير الهند، إذ تدور قصة المسرحية حول حياة أحد الملوك، كما تعرض حضور ووجود إحدى الملكات، ومن ثم تدور الأحداث فيما بينهم.[١٦]


مسرحية شارلمان

هي مسرحية فرنسية ترجمها الأديب والصحفي أديب إسحاق، كانت تدور قصة المسرحية حول الإمبراطور والجرال، إذ جاء في الفصل الأول من المسرحية على لسان البطل شارلمان قائلًا: جرال قد كشف لنا السكسوني الأمر، إن التوفيق خالفك وأنت في أول الرجاء، وكان ينقص مجدك يا جرال الصبر والاحتمال، وإني قد عرفت الأمر منذ أمس ووازنت بني الجريمة والاستحقاق فرأيت أن إحساناتك رجحت سيئات أبيك، وكفاك فخرًا أنك أعدت مجد فرنسا وأدركت ثار رولان الذي رأيته أنا تحت ظلال الأشجار الضخمة في ساحة رونسفو، فضممته وهو ملطخ بدمه وأقسمت أن أبكيه ما حييت.[١٤]

المراجع

  1. أحمد بودشيشة، سيكولوجية الشخصية في المسرح الجزائري، صفحة 5-7. بتصرّف.
  2. بثينة عثامنية، ترجمة النص المسرحي بين الحرفية والتصرف من الإنجليزية إلى العربية، صفحة 10-11. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سيد علي إسماعيل، تاريخ المسرح في العالم العربي، صفحة 13-22. بتصرّف.
  4. بثينة عثامنية، ترجمة النص المسرحي بن الحرفية والتصرف من الإنجليزية إلى العربية، صفحة 10-12. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج بثينة عثامنية، ترجمة النص المسرحي بين الحرفية والتصرف من الإنجليزية إلى العربية، صفحة 19-27. بتصرّف.
  6. ليلى بن عائشة، بنية الخطاب المسرحي العربي المعاصر بين ثنائية التجريب والإبداع، صفحة 53. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث ج ح بثينة عثامنية، ترجمة النص المسرحي بين الحرفية والتصرف من الإنجليزية إلى العربية، صفحة 32-34. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث ج أحمد بودشيشة، سيكولوجية الشخصية في المسرح الجزائري، صفحة 11-12. بتصرّف.
  9. ليلى بن عائشة، بنية الخطاب المسرحي العربي المعاصر بين ثنائية التجريب والإبداع، صفحة 70. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ت ث ليلى بن عائشة، بنية الخطاب المسرحي العربي المعاصر بين ثنائية التجريب والإبداع، صفحة 72-73. بتصرّف.
  11. علي عبد الأمير، تاريخ فن المسرح، صفحة 3. بتصرّف.
  12. ^ أ ب ت ث ج ح أحمد علي كنعان، أثر المسرح في تنمية شخصية الطفل، صفحة 90-91. بتصرّف.
  13. جان تارديو، مسرح الغرفة، صفحة 16. بتصرّف.
  14. ^ أ ب سيد علي إسماعيل، تاريخ المسرح في العالم العربي، صفحة 354. بتصرّف.
  15. علي صابري، المسرحية نشأتها، ومراحل تطورها ودلائل تأخر العرب عنها، صفحة 6. بتصرّف.
  16. علي صابري، المسرحية نشأتها، ومراحل تطورها ودلائل تأخر العرب عنها، صفحة 10. بتصرّف.
7889 مشاهدة
للأعلى للسفل
×