ما هو مزمار داوود

كتابة:
ما هو مزمار داوود

ما هو مزمار داود

الصوت العذب

ثبت في صحيح البخاري أن أبا موسى الأشعري كان حسن الصوت في تلاوة القرآن الكريم؛ فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بعد أن استمع لتلاوته: (يا أبا مُوسَى لقَدْ أُوتِيتَ مِزْمارًا مِن مَزامِيرِ آلِ داوُدَ)،[١] وفي رواية أخرى قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَكأنَّ أصواتَ هذا مِن أصواتِ آلِ داوُدَ).[٢]

والمراد بمزمار من مزامير آل داود: أوتيت صوتاً عذباً رطباً ندياً، كما كان يقول لذلك العبد الصالح؛ عندما كان يجلس ويقرأ الزبور في الصحراء، والطيور تظله من عذوبة صوته، فأوتيت صوتاً حسناً، كما أوتى ذلك العبد الصالح على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، وليس المراد بالمزمار والموسيقى.[٣]

وقيل لذلك مزمار: تشبيهاً باللذة المطربة التي تقع في المزمار، ولكن ليس المقصود أن نبي الله داود كان لديه مزماراً،[٣] ومما يدل على هذا المعنى ردّ أبي موسى الأشعري عندما قال له النبي هذا التشبيه: (يا رسولَ اللهِ لو علِمْتُ مكانَك لَحبَّرْتُ لك تحبيرًا)؛[٤] أي لحسنته وجملته لك أكثر.[٥]

والمقصود بـ"آل داود": داود -عليه السلام- نفسه؛ إذ لم يُذكر أن أَحداً من آل داود أُعطي من الصوت ما أُعطي داود -عليه السلام-.[٦]

التسبيح

وقال جماعة من أهل العلم أن المقصود بمزامير آل داود تسبيحهم الذي كان داود -عليه السلام- سببها؛ وذلك في قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ)،[٧] أي: سبحي، وقيل أرجعي معه من لا يأب؛ ولما كانت تلك الأشياء مأمورة بالتسبيح معه كأن كل مسبح معه، نسب له التسبيح ولآله.[٨]

ومما سبق بيانه يمكن الجمع بين القولين بأن مزامير آل داود هي الصوت العذب الحسن؛ الذي كان يتجلى في تلاوة تسابيح الزبور، فلا تعارض بين القولين والله -أعلم-.

آل داود

يقول -تعالى- في كتابه الكريم: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).[٩]

لقد أَمر الله آل داود أَن يعملوا شكراً؛ أَي يعملوا عملاً يكون شكراً لما آتَاهم من النعم وفضلهم بها، ويمكن أن يكون معناها أن الأشياء التي أعطيت داود وسليمان -عليهما السلام-؛ فاستعملاها من أَجل شكر الله -تعالى-، ولم يبطروا بهذه النعمة فيغفلوا عنه، بل جعلوا استعمالها لأجله -سبحانه-، فصار شكراً.[١٠]

"وَإِذا أُوتِيَ العَبْد هَذِه الْخِصَال الثَّلَاث قوي على مَا قوي عَلَيْهِ آل دَاوُد -عَلَيْهِ السَّلَام-"، وقد ورد في ذلك حديث ضعيف جاء فيه: (ثلاثٌ مَنْ أُوتِيَهُنَّ فقدْ أُوتِيَ مِثلَ ما أُوتِيَ آلُ داودَ: العدلُ في الغضَبِ والرِّضا، والقصدُ في الفقرِ والغِنى، وخشيةُ اللهِ -تعالى- في السِّرِّ والعلانيةِ).[١١][١٠]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:5048، صحيح.
  2. رواه الطحاوي، في مشكل الآثار، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:1162 ، إسناده حسن.
  3. ^ أ ب [عبد الرحيم الطحان]، خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان، صفحة 28.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 7197، صحيح على شرط مسلم.
  5. [محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج، صفحة 266. بتصرّف.
  6. [شمس الدين البرماوي]، اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح، صفحة 145. بتصرّف.
  7. سورة سبأ، آية:10
  8. [جمال الدين الملطي]، المعتصر من المختصر من مشكل الآثار، صفحة 390. بتصرّف.
  9. سورة سبأ، آية:12-13
  10. ^ أ ب [الترمذي، الحكيم]، نوادر الأصول في أحاديث الرسول، صفحة 8. بتصرّف.
  11. رواه الحكيم الترمذي، في نوادر الأصول، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7، ضعفه الألباني.
4462 مشاهدة
للأعلى للسفل
×