محتويات
ما هي السماوات السبع
يمكن التعريف بالسماوات السبع وفق المنظور الإسلامي من خلال المحاور الآتية:
أولاً: السمات التكوينية للسماوات السبع
بعد النظر في النصوص الشرعية المتعلقة بالسماوات السبع يمكن استنباط جملة من السمات الخاصة بتكوين السماوات السبع، ويمكن بيانها في الآتي:
الخلق
ويراد بذلك أن الله -عزو جل- قد خلق السموات السبع، وهذا يعني أن السماوات السبع هي مخلوقات لله -عزو جل- شأنها في ذلك شأن كافة المخلوقات، من هنا تخضع السماوات السبع لله -عزو جل- خضوع ذل وحاجة لخالقها،[١]ويستنبط ذلك من قوله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).[٢]
الخصوصية
ويراد بذلك أن عملية خلق سبع سماوات من قبل الله -عز وجل- إنما حدثت في زمن محدد، فضلاً عن ذلك فتتجلى خصوصية كل سماء من حيث تكوينها ومعطياتها، ويستنبط ذلك من قوله -تعالى-: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).[٣]
قال الفيروز آبادي: "(فَقَضَاهُنَّ) خَلقهنَّ (سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) بَعْضهَا فَوق بعض (فِي يَوْمَيْنِ) طول كل يَوْم ألف سنة، (وَأوحى فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا) خلق لكل سَمَاء أَهلا وَأمر لَهَا أمرهَا".[٤]
القوة والرسوخ
فتتسم السماوات السبع بالثبات والرسوخ، ما يعني أنه لا يؤثر فيها أي عامل أو متغير؛ إذ أن الخالق -سبحانه وتعالى- خلقها وأبدع خلقها لتبقى دائمة لا تزول إلا بإذنه؛ فهي قائمة إلى قيام الساعة.[٥]
ويستنبط ذلك من قوله -تعالى-: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا)،[٦]وعليه فإن صفة السماوات أنها ذات وِثَاقً وتكوين محكم ومتقن، فلا يمكن أن يطولها الصدع أو الشق أو الانفطار، ولا يمكن أن يؤثر فيها العامل الزمني؛ مهما طالت الأيام أم قصرت.[٥]
التراكمية
ويقصد بذلك أن السماوات السبع إنما جاءت في بناء تراكمي بحيث تبنى السماء الثانية على الأولى، وتبنى الثالثة على الثانية والأولى وهكذا مع بقية السماوات السبع،[٧] ويتجلى ذلك في قوله -تعالى-: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُور).[٨]
قال القرطبي في تفسيره للنص السابق: "(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) أَيْ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَالْمُلْتَزِقُ مِنْهَا أَطْرَافُهَا، كَذَا رُوِيَ عَنِ ابن عباس، وطِباقاً نَعْتٌ لِسَبْعَ فَهُوَ وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ، وَقِيلَ: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمُطَابَقَةِ، أَيْ خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَطَبَّقَهَا تَطْبِيقًا أَوْ مُطَابَقَةً". [٩]
ثانياً: السمات الوظيفية للسماوات السبع
بعد النظر في النصوص الشرعية المتعلقة بالسماوات السبع، يمكن استنباط جملة من السمات الخاصة لوظائف العامة للسماوات السبع، ويمكن بيانها في الآتي:
التسبيح
والمراد بالتسبيح التنزيه عن الشريك، فالسماوات السبع طائعة وعابدة لربها -عزو جل-، كما أنها تقوم بعبادة جليلة وعظيمة تتمثل بالتسبيح،[١٠]ويتأتى ذلك انطلاقاً من قوله -تعالى-: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا).[١١]
وعلى الرغم من عدم التكليف الشرعي بالعبادة للسماوات من قبل الله -عز وجل- كما هو الحال مع الإنسان؛ إلا أن هذه السماوات السبع خاضعة لله؛ تنزهه عن الشريك، وتقر بأحقيته المطلقة في العبادة، الأمر الذي تترجم على هيئة تسبيح لله -عز وجل- وبصيغة ألهمها إليها المولى تباركت قدرته. [١٢]
الخضوع لرقابة الله تعالى
ويقصد بذلك وقوع السماوات السبع تحت المراقبة الدائمة من قبل الله -عز وجل- فهو يعلم ويرصد كل ما يجري في هذه السماوات السبع، ويستنبط ذلك من قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ).[١٣]
الخضوع لأمر الله تعالى
وعليه فالسماوات السبع وما فيهن إنما تخضع لأمر الله -عز وجل-؛ فإذا قضى أمراً لا بد أن ينفذ بحق هذه السماوات وما تنظمه من مخلوقات ومكونات، فهي خاضعة لأمر الله -تعالى- وقدرته المطلقة، ما يعني أنها تقع في نظام محكم السيطرة والتدبير.[١٤]
ويستنبط ذلك من قوله -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا). [١٥]
المراجع
- ↑ ابن كثير، تفسير ابن كثير، ج1، صفحة 121. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية:29
- ↑ سورة فصلت، آية:12
- ↑ الفيروز آبادي، تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، صفحة 401.
- ^ أ ب الطبري، تفسير الطبري، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ سورة النبأ، آية:12
- ↑ النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل، ج 3، صفحة 511. بتصرّف.
- ↑ سورة الملك ، آية:3
- ↑ القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 208.
- ↑ الشعراوي، تفسير الشعراوي، ج 14، صفحة 559. بتصرّف.
- ↑ سورة الاسراء، آية:44
- ↑ محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، صفحة 390. بتصرّف.
- ↑ سورة المؤمنون، آية:17
- ↑ القرطبي، تفسير القرطبي،، صفحة 174-175. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية:12