مفهوم النية
إنّ النية في اللغة تأتي على معانٍ عدّة متقاربة، وهي القصد والعزم والإرادة والتحوّل، أمّا في الاصطلاح الفقهي فإنّ فقهاء الإسلام قد عرفّوها بتعريفاتٍ كثيرة، فالنية عند الحنفية هي: قصد الطاعة والتقرّب إلى الله تعالى في إيجاد الفعل، وعند المالكية: قصدُ المكلّف الشيءَ المأمور، وعند الشافعية: قصد الشيء مقترنًا بفعله فإن تراخي عنه فهو عزم، أمّا الحنابلة فقد عرّفوا النية بأنّها: عزم القلب على فعل العبادة تقربًا إلى الله تعالى،[١] كما نقل الإمام السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر عن الإمام البيضاوي، تعريف النية بأنّها: عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقًا من جلب نفعٍ أو دفع ضرٍّ حالًا أو مآلًا، وللنية مكانة عظيمة من الدين الإسلامي حيث سيتناول هذا المقال أهمية النية ووقتها.[٢]
أهمية النية
إنّ أهمية النية مُلاحظة من اهتمام الشرع بها وبأحوالها، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى"،[٣] فالنية هي شرط من شروط صحّة العبادات بأنواعها المختلفة من صلاة وصيامٍ وحج، وبها يتمّ تمييز العبادة من العادة كما أنّ العبادات تتمايز فيما بينها بالنية، فالفقهاء يشرحون أهمية النية من هذا الجانب، كما يذكر أهل التصوّف والمتكلمون أنّ النية تميّز المراد من المعبود، فالعمل قائم والنية تجعله لله سبحانه فتصحيح النية يجعله خالصًا لوجه الله،[٢] وهذا هو أحد شروط قبوله بالإضافة إلى ضرورة موافقة الأعمال التعبدية لما جاء به الشرع من سنّة وقرآن لأنّ العمل إذا لم يكن موافقًا للسنّة فإنّه سيكون من البدع ومن الإحداث في الدين المنهيّ عنه.[٤]
فالنية هي روح العمل ولا بدّ منها في العبادات وفي هذا السياق يقول الإمام ابن القيم أنّ الإنسان إذا جاء بالفعل بدون نيّة فلا يكون مُصنّفًا من ضمن العبادات، وضرب الأمثلة على ذلك ومنها أنّ الإنسان إذا سقط في الماء أو اغتسل طلبُا للتنظيف وليس بقصد الغسل الشرعي المبيح للشروع في الأعمال كالصلاة فلا يكون غسله قربة ولا عبادة بهذه الصورة، ولو امتنع عن تناول المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بدون وجود نية الصيام فلا يكون حينها صائمًا، إلى غير ذلك من الأمثلة الموضّحة، كما أشار في نهاية كلامه هذا إلى أنّ النية كما هي شرطٌ في أعمال البر والخير فلا بدّ منها في المعاصي والذنوب فالله -عزّ وجلّ- لا يجزي على العبادة إلّا مع النية ولا يُحاسب على المعصية إن وقعت بطريق الخطأ ولم تكن عن عزمٍ ونية، والله تعالى أعلم.[٤]وقت النية
إنّ مسألة وقت النية من المسائل التي بُحثت بتوسّع وتفصيل في كتب الفقه والأحكام، وذلك لحساسية موضوع النية وأهميته ولأنّها شرطٌ في صحة الأعمال كما تقدّم، ولكنّ وقت النية ليس واحدًا في جميع العبادات فالأصل أن وقت النية هو أول العبادات البدنية كما في الوضوء والصلاة وقد فصّلت المذاهب الأربعة في توقيت النية بالنسبة للوضوء والصلاة والتيمم والاغتسال، إلّا أنّهم اتفقوا على أنّ وقت النية في هذه الأعمال هو بداية الشروع بها، ولكن هناك عبادات قد استثناها الفقهاء من أن تكون النية مقرونة بالشروع بفعلها، وهذه العبادات هي الصوم والحج وزكاة الفطر الأضحية والجمع بين الصلاتين والاستثناء في اليمين، فهذه العبادات لا يُشترط اقتران النية بأولّها نظرًا لطبيعة أدائها. [٥]المراجع
- ↑ "النية: (تعريفها، وبيان حكمها، وذكر محلها)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.
- ^ أ ب "النية.. معناها .. ومحلها"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، حديث صحيح.
- ^ أ ب "النية روح العبادة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.
- ↑ "كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-25. بتصرّف.