ما هي زرقاء اليمامة

كتابة:
ما هي زرقاء اليمامة

زرقاء اليمامة

زرقاء اليمامة هي امرأة من جَديس سُمّيت بذلك بسبب وجود زُرقة في عينيها، وقيل إنّ الزُرقة هي خَضار في سواد العين، وقيل الزُرقة أن يغشى سوادَ العين بياضٌ، وقد ورد أنّه لم تكن فقط زرقاء اليمامة ذات عينين زرقاوتين، وإنّما كانت البسوس أيضاً والزباء زرقاوتا العينين، وقد عاشت زرقاء اليمامة في منطقة اسمها جَوّ، واشتهرت بحدّة بصرها، حتى قيل فيها إنّها كانت ترى الشعرة البيضاء في اللبن، وكانت تُبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام أيضاً فتُنذِر قومها بقدومه، حيث كانت تخبر قومها فيما إذا أبصرت الجيوش تغزوهم قبل ثلاثة أيام من قدومها ليستعدوا لها، ويُقال اليمامة هو اسمها وفيه سُمّيت بلدها.[١][٢]


قِصّة زرقاء اليمامة

قيل في قِصّة زرقاء اليمامة أنّها حدثت في العصر الجاهليّ، وقد حدّد بعض المؤرخين زمن حدوثها بأنّه القرن العاشر قبل الهجرة، كما قال بعض المستشرقين إنّها حدثت في حوالي 250 ق.م، ويُرجَّح أنّها حدثت قبل ذلك، ولكنه لم يرد عنها خبر مؤكد في الآثار والأخبار، أمّا موقعها فهو مدينة جوّ، والتي تُعد اليوم واحة من واحات المملكة العربيّة السعوديّة وقاعدتها هي مدينة الرياض، وقد كان يسكن مدينة جوّ قبيلتان هما (طَسْم) و(جَديس)، وقد بدأ قصة زرقاء اليمامة بظُلم ملك طسم وهو (عمليق) وإذلاله لأهل قبيلة جَديس، حيث حدثت الحروب بين القبيلتين، فقد كان من ظلمه أنه أمَر أن لا تُزف امرأة من جديس إلى زوجها إلّا بعد أن تدخل عليه، واستمر هذا الظلم حتى وقعت الحادثة مع امرأة من جَديس يُقال لها (عفيرة بنت غفار)، حيث استنجدت بقومها ليثوروا على هذا الظلم والذل من خلال قولها لأبيات من الشعر، وكان لها أخ سيد في قومه اسمه (الأسود بن غفار)، هبّ مع قومه للثأر من الملك الظالم.[٢]


واتفق هو وقومه أن يصنعوا طعاماً للملك وأتباعه فإذا حضروا قتلوهم، وبالفعل قُتل الملك وقُتل أتباعه، وانتقلوا إلى العامّة منهم ثمّ قتلوهم ولم ينج منهم أحداً سوى رجل يُقال له (رباح)، خرج إلى (حسان بن تبع) في نجران واستنجد به فخرج حسان في حِمْير، ولكن رباح تنبه إلى اليمامة وقال لحسان إنّ له أختاً متزوجة في جَديس يُقال لها اليمامة، وإنّه يخشى أن تُبصرهم، حيث إنّها تُبصر الراكب على مسيرة ثلاثة أيام، وطلب منه أن يحمل كل رجل من رجاله شجرة ويسير بها وهي أمامه لخداع اليمامة، ولكن اليمامة أبصرتهم وأنذرت القوم بهم، وعندها سألها قومها ماذا ترى فقالت إنّها ترى رجلاً معه شجرة يسير بها، ومعه كتف يتعرقها أو نعل يخصفها، فكذّبها قومها، حتى جاء حسان بن تبع فغزاهم وقتلهم ودمَّر حصونهم وقصورهم، ومن ثمّ أتى حسان باليمامة وأمر بها ففقؤوا عينيها فرأى فيهما عروقاً سوداء اللون.[٢]


وعندها سألها عن العروق السوداء فقالت إنّها من حجر أسود كانت تكتحل به يسمى الأثمُد، وقيل إنّها أول من اكتحلت به، وقد قتل حسان اليمامة وأسماها بعد ذلك جَوّ اليمامة، وقد وردت هذه القِصّة في أغلب المراجع التاريخيّة، كما أنّه تمّت إضافة بعض الأمور عليها في بعض المراجع، ويجدر الذكر هنا أنّ كتب الأنساب لم تذكر شخصيات هذه القِصّة في طيّاتها، فلم يرد ذكر الأسود بن غفار، أو أخته عفيرة، أو حتى رباح بن مرة فيها، وقد ذكر ابن حزم أنّ كتب الأنساب لا تذكر أسماء أبناء أوائل القبائل ممّن انقطع نسلهم، فهي لا تذكر إلّا من أنسل من العرب أمّا من انقرض وانقطع نسله فلا تذكره إلّا إذا كان من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام.[٢]


الخِلاف على اسم زرقاء اليمامة وقِصّتها

اتفقت المصادر على أنّ الاسم الأصليّ لزرقاء اليمامة هو اليمامة، وقد ورد عن (الطبريّ) أنّ اسمها اليمامة بنت مُرّة، كما ورد عن (ياقوت) أنّ اسمها اليمامة بنت سهم بن طسم، أمّا (الجاحظ) فقد خالفهم، وقال إنّ اسمها هو عنز وهي من بنات لقمان بن عاديا، وجاء عن (المنجد) أنّها حذام، حيث قال إنّ حذام علم لامرأة في الجاهليّة من العرب اليمانيّة، كانوا يضربون المثل بها لحدّة بصرها وصدق أخبارها، ولقبها هو زرقاء اليمامة حيث كان يُقال: أبصر من زرقاء اليمامة.[٢]


وورد عن (ابن منظور) أنّه من أمثال العرب المعروفة: ركبت عنز بِحِدْجٍ جَملاً، فقال الأصمعيّ أنّ أصل هذا المثل أنّ امرأة من طسم يقال لها عنز تمّ أخذها سبية وحملوها في هودج وألطفوها قولاً وفعلاً، حيث إنّها كانت تقول إنّ أشرُّ أيامها حين صارت تُكرم للسباء، والجدير بالذكر أنّ قول الأصمعيّ به خطأ واضح كما يرى بعض المؤرخين، حيث إنّه يقول إنّها امرأة من طسم، وهذا هو الخطأ، فقد غزا حسان بن تبع جَديس ليثأر منهم لطسم وليس العكس، فاليمامة من جَديس وكان تحذيرها لهم، وهنا يجدر الذكر أيضاً أنّه مهما اختلفت الأقوال في زرقاء اليمامة وفي أصلها وقصتها، حيث يغلب الظن بأنّها قِصّة من وحي الخيال على حد قول بعض المؤرّخين والمستشرقين، إلّا أنّها تبقى تُراثاً تزخر به كتب التاريخ، كما أنّها تُثبِت أنّ للعرب معرفة قديمة بالقِصّة القصيرة تماماً كمعرفتهم بالطب والفلك والتاريخ.[٢]


يُنكِر البعض قِصّة زرقاء اليمامة من الناحية العلميّة، إلّا أنّ القِصّة تمّ تداولها على مدى التاريخ وكأنّها أسطورة من الأساطير، وإنّ في قصة زرقاء اليمامة عبرة مهمّة، وهي ضرورة سماع النصيحة التي يُقدِّمها الآخرون ذوو الخبرات السابقة، فقد حذَّرت اليمامة قومها إلّا أنّهم لم يُصدقوها وكانت عاقبتهم وخيمة، وقد اهتمّت الكتب التاريخية بقِصّة زرقاء اليمامة، فجاءت في معجم البلدان (لياقوت الحمويّ) بالتفصيل، كما أنّها وردت في كتاب الأغاني (للأصفهانيّ)، وجاءت في كتاب المُستقصى (للزمخشريّ)، وفي العقد الفريد (لابن عبد ربه)، وفي خزانة الأدب (للبغداديّ)، وفي مَجمَع الأمثال (للميدانيّ)، وغيرها من المراجع التاريخيّة الأخرى.[١]


المراجع

  1. ^ أ ب فاروق مواسي (2017-4-25)، "قصة زرقاء اليمامة وقصتي عن خروجها"، www.diwanalarab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-22. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح ا. عبدالله السيد شرف، زرقاء اليمامة ، صفحة 238-246. بتصرّف.
5101 مشاهدة
للأعلى للسفل
×