ما هي علامات قرب الإفاقة من الغيبوبة؟

كتابة:
ما هي علامات قرب الإفاقة من الغيبوبة؟

ما بين الحقيقة والخيال

لا بدّ أنّك صادفت في حياتك أشخاصًا أو قصصًا عن أفراد دخلوا في غيبوبة لمدة طويلة، لأيّام أو أسابيع أو أشهر، وحتّى أنّ بعض القصص قد تحكي عن أُناس قضوا سنواتٍ تحت تأثير الغيبوبة ليعودوا بعدها إلى وعيهم وحياتهم، وبغض النظر عمّا فاتهم من أحداث أو مواقف أو تطوّرات في مُجريات ما حولهم ما حقيقة الغيبوبة؟ ولماذا يكون ردّ الفعل الجسم في بعض الإصابات أن يفقد وعيه بهذه الطريقة؟


ما المقصود بالغيبوبة؟

يُعلن عن الفرد بأنّه فيغيبوبة (Coma) في حال فُقدانه التّام لوعيه، وعدم استجابته للمؤثّرات من حوله، سواء كانت الأصوات أم الأضواء أم مؤثّرات حسيّة مُرتبطة بالألم، مع عدم قُدرته على الحديث أو التحرّك أو التفكير، ورغم ذلك إلا أنّ جسد الفرد يكون قادرًا على مُمارسة وظائفة المُهمّة المُعتادة، كالتنفّس، وهي تُعدّ من الحالات الطارئة التي يهدف الأطباء إلى علاجها للحفاظ على وظائف الدماغ والجسم قدر الإمكان.

ترتبط الغيبوبة بالعديد من الأسباب والمشكلات الصحيّة وبعض العلاجات أو الأدوية، كما أنّها تمتدّ بالمُجمل لما يُقارب 4 أسابيع، إلا أنّ ذلك لا ينفي امتدادها لسنوات وعقود لدى بعض المُصابين،[١] إذ سُجّلت بعض الحالات لأفراد كانوا تحت الغيبوبة لما يُقارب الشهر، و7 سنوات، وحتّى 19 عامًا مُتواصلًا، ولك أن تتخيّل مقدار التغيّرات التي واجهها أحدهم عندما دخل في الغيبوبة عام 1984 واستفاق منها عام 2003.[٢]


ما هي علامات قرب الإفاقة من الغيبوبة؟

لمعرفة العلامات والأعراض التي يُمكن مُلاحظتها على المُصاب والتي تعني قُرب إفاقته من الغيبوبة فمن الضروريّ معرفة مراحل الغيبوبة ذاتها، التي تنجم بدايةً عن خلل أو تلف ما في خلايا الدماغ، وتتضمّن المراحل ما يأتي:

المرحلة الأولى مرحلة عدم التجاوب

فيها لا يُظهر المُصاب أيّ ردود فعل جسديّة مُرتبطة بالمُحفزّات أو الظروف من حوله، إلا أنّه قد يُظهر بعض الحركات غير الإراديّة في ضمّ يده أو رجله، أو بسطهما، أو تحريكها بأيّ طريقة أُخرى، رغم كونه تحت تأثير الغيبوبة، وفي هذه المرحلة لا توجد أيّ علامات عادةً دالة على قُرب إفاقة المُصاب.[٣]

المرحلة الثانية مرحلة الاستجابة المُبكرة

التي تظهر فيها بعض الاستجابات البسيطة والبطيئة نوعًا ما، والتي تكون لأوامر ومُحفّزات بسيطة وموضعيّة، كشد قبضة اليد أو بسطها عند طلب ذلك من المُصاب، وفتح العينين وإغلاقهما، والاستجابة للصوت أو الضوء، بالإضافة إلى تتبّع حركة بعض الأشياء أمام المُصاب، وإبعاد ما يجده غير مُريح له، وهنا تبدأ علامات قُرب إفاقته من الغيبوبة، إلا أنّ المدّة التي يقضيها في هذه المرحلة غير مُحدّدة بالضبط، فقد ينتقل إلى المرحلة التي تليها (مرحلة تحسّن أفضل) سريعًا، وقد تستمرّ هذه المرحلة لسنوات دون أيّ تغيير؛ حسب درجة الضرر الواقع على الدماغ وسبب حصوله، وعُمر المُصاب، والمدّة التي قضاها في المرحلة الأولى؛ لذا تُرجّح أقوال الأطباء أنّ توقّع الإفاقة بالضبط أمرٌ صعبٌ للغاية.[٣][٤]

المرحلة الثالثة مرحلة الهيجان والارتباك

فيها يبدأ المُصاب بإظهار استجابات أكثر، إلا أنه يشعر بالارتباك من مكانه ووضعه، ويُحاول تذكّر ما حدث له قبل دخوله في الغيبوبة، وقد تظهر عليه بعض التصرفات العدائيّة غير المتعمّدة من فرط الارتباك، ولأجل ذلك يُثبّت المُمرضون والأطباء عادةً أنابيب الدم أو الغذاء الموصولة بالمُصاب؛ لتجنّب سحبها وإلحاق الأذى بنفسه من دون قصد، ورغم ذلك تُعدّ هذه المرحلة من العلامات المُبشّرة بقُرب التعافي التّام.[٣]

المرحلة الرابعة مرحلة الاستجابة العليا

فيها يظهر المُصاب أقرب إلى نفسه الأولى قبل الغيبوبة، إلا أنّه يُعاني من بعض الصعوبات في التفكير واتّخاذ القرارات أو ما يجب عليه فعله أو الامتناع عنه ليبقى بأمان؛ لذا يجب مُتابعة الانتباه إليه حتّى يتعافى تمامًا.[٣]

ومن ناحية أُخرى تجدر الإشارة إلى أنّ تحفيز حواس المُصاب على العمل قد يُساعد بطريق ما في شفائه، كالإمساك بيده، أو مُساعدته على رؤية ما يُحبّه أو من يُحبّهم من أفراد وأشياء عند فتح عينيه، أو وضع العطر المُفضّل لديه، وهي مُحاولات قد تُجدي في الكثير من الحالات، ولا بأس من تجربتها.[٥]


ما أسباب الغيبوبة؟

تتعدّد الأسباب والظروف المؤديّة إلى الدخول في الغيبوبة، إلا أنّها جميعها تجتمع في وجود أذى بدرجة مُعيّنة في الدماغ أو الجهاز العصبيّ المركزيّ، ويُذكر من هذه الأسباب ما يأتي:[٥]

  • نقص في كمية الأكسجين الواصلة إلى الدماغ، أو توقّف وصوله إليه تمامًا، وهو ما يحدث في بعض الحالات عند الإصابة بجلطة قلبيّة أو سكتة دماغيّة، أو لمن يُشارفون على الغرق في المياه.
  • المُصابون بالسكّري، ولا يعني ذلك جميع المُصابين، وإنّما من تنخفض نسبة السكّر لديهم في الدم بنسبة كبيرة أو ترتفع بنسبة كبيرة.
  • الإصابة بعدوى ما، كالسحايا، والتهاب الدماغ، أو التهاب الخلايا المُحيطة بالدماغ، أو التهاب الحبل الشوكيّ.
  • فرط جُرعات بعض الأدوية.
  • التعرّض لبعض أنواع السموم، كأوّل أُكسيد الكربون، الذي يُتلف خلايا الدماغ مُسبّبًا الدخول في غيبوبة.
  • التعرّض لإصابة على الرأس، وقد تؤثر إصابات الرأس في خلايا الدماغ، مثلما يحدث في بعض حوادث السيارات، والإصابات أثناء مُمارسة الرياضة، وغيرهما.


كم تستمر الغيبوبة؟

لا يُمكن الجزم تمامًا بالمُدة التي يُحتمل أن يقضيها أحدهم غارقًا في غيبوبته، لكن يُمكن تخمينها في بعض الأحيان وفق الأسباب الكامنة وراء حدوثها بالضبط، وعلى الرغم من أنّ المراجع العلميّة تذكر أنّ الجسم لا يبقى في الغيبوبة أكثر من 4 أسابيع ورغم أنّ بعض الحالات لا تتعدّى مدة الغيبوبة فيها بضع دقائق يستفيق الفرد بعدها بكامل وعيه وطاقته ووظائفه الجسديّة والعقليّة، إلا أنّه توجد حالات أُخرى قد تستمرّ فيها طيلة عُمر الفرد، بما يُعرف بالحالة الاستنباتيّة (vegetative state)، التي يكون فيها موصولًا بأجهزة التنفس وقياس الضغط وأنبوب التغذية، إلا أنّه يكون فاقدًا للوعي تمامًا، ولا يُعرَف بالضبط إذا ما كان سيخرج من غيبوبته أم لا.[٦]


كيف يتم علاج الغيبوبة بعد الحادث؟

قد تختلف الخيارات العلاجيّة المُتّبعة نوعًا ما حسب الأسباب التي نجم عنها دخول المُصاب في الغيبوبة، إلا أنّها جميعها تبدأ بدعم قُدرة المُصاب على التنفّس، والتاكّد من المجاري التنفسيّة لديه وعدم انسدادها بأيّ عائق، وقد تتطلّب بعض الحالات استعمال جهاز التنفّس، ويكون ذلك بالتزامن مع استخدام أجهزة مُتابعة العلامات الحيويّة، كالضغط ونبض القلب وغيرهما، بالإضافة إلى العلاج الدوائيّ أو الجراحيّ، الذي يهدف إلى إيقاف أيّ نزيفٍ أو تورّمٍ في الدماغ نتيجة الحادث أو الإصابة، وتثبيت يدي المُصاب ورجليه لتجنّب الحركات اللاإراديّة فيها، مع ضرورة تقليبه أثناء نومه؛ لتفادي إصابته بتقرّحات الفراش.[٧]


المراجع

  1. Jacquelyn Cafasso (2013-08-27), "Coma", www.healthline.com, Retrieved 2020-08-09. Edited.
  2. Jeffrey Kopman (2012-09-10), "Waking Up: Famous Coma Survivors", www.everydayhealth.com, Retrieved 2020-08-09. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث "What are the signs of improvement?", uihc.org, Retrieved 1-9-2020. Edited.
  4. "Coma", www.nhs.uk, Retrieved 1-9-2020. Edited.
  5. ^ أ ب Yvette Brazier (2017-11-20), "What you need to know about coma", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 2020-08-09. Edited.
  6. Asif Ahsan (2018-04-15), "What is the longest someone has been in a coma?", www.quora.com, Retrieved 2020-08-09. Edited.
  7. "Coma and brain injury", synapse.org.au, Retrieved 2020-08-09. Edited.
5588 مشاهدة
للأعلى للسفل
×