ما هي فوائد الصحبة الصالحة في الدنيا؟ وكيف تختارها؟

كتابة:
ما هي فوائد الصحبة الصالحة في الدنيا؟ وكيف تختارها؟



ما هي فوائد الصحبة الصالحة في الدنيا؟

الصحبة الصالحة سبيل للنجاة في الدنيا والآخرة، فما هي الفوائد المرجوة من مخالطة الصالحين في الدنيا؟ وكيفية اختيار الصحبة الصالحة؟


إنَّ الصُّحبة الصَّالحة لها فوائد جمَّةٌ تعود على صاحبها في الدُّنيا والآخرة، ومن فوائد تلك الصُّحبة في الحياة الدُّنيا ما يأتي:


الإعانة على الطاعة

تُعين الصُّحبة الصَّالحة المسلم على الالتزام في طريق الاستقامة، فالصَّديق الصَّالح يكون بمثابة منبِّهٍ لصاحبه؛ فيُذكِّره بأعمال الخير ويدلُّه عليها باستمرار، كما يُساعد صديقه على أن يقوم بالطَّاعات على أتمِّ وجهٍ، ويُذكِّره بالجزاء والنَّعيم الذي أعدَّه الله -تعالى- لهم إن سلكوا هذا الطَّريق، كمن اتَّخذ صاحباً يُعينه ويُشجِّعه ويوقظه على صلاة الفجر، فما من مسلم غيورٍ يرى أهل الصَّلاح يتنافسون على فعل الخير إلَّا أصابه شعور أن يكون مثلهم، فتقوى عزيمته على مجاراتهم وفعل الطَّاعات ليصل إلى ما وصل إليه هؤلاء الصَّالحون، وإنَّ المرء يكون على دين خليله.[١]



تصحيح سلوكات النفس

إنَّ من شأن الصُّحبة الصَّالحة أن تُعطي صاحبها همَّةً ودافعاً قويَّين للتَّغيير نحو الأفضل، وتصحيح سلوكات النَّفس التي اعتاد عليها؛ لأنَّ من خالط إنساناً سليم الطِّباع تعلَّم منه كيف يكون سلوك المسلم الصَّحيح، فإن فَعَلَ ما هو مخالفٌ أمامهم نَظَرَ إلى نفسه بازدراء فيحرص على ترك المعاصي والمنكرات.[٢]



التنافس في الخيرات

تغرس صحبة الأخيار في نفس صاحبها حبَّ الخير وحبَّ المنافسة في أمور الدُّنيا والآخرة؛ لأنَّ الإنسان بطبعه مجبولٌ على حبِّ المجاراة، فلا يرى أحداً أخير منه إلَّا وأحبَّ أن يفعل كما فعل، فتكون الصُّحبة الصَّالحة دافعاً لهم ليتنافسوا في ما هو خيرٌ لهم، كمن يتنافسون على نيل أعلى الدَّرجات والعلامات عند طلب العلم، فتكون تلك الصُّحبة سبباً في التَّسابق لنيل المعارف والعلوم، وتكون سبباً للتَّحلِّي بأفضل الأخلاق وأحسن الأعمال.[٣]



الحصول على بركة الصّالحين

ينال المسلم من مجالسة الصالحين بركةً؛ فلا يقوم من مجالسهم دون أن يكسب خيراً، وقد شبَّه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الصَّاحب الصَّالح كحامل المسك، فالجلوس معه كلُّه خير، إمَّا أن نشتري منه، وإمَّا أن يضع لنا شيئاً من الطِّيب، وإن لم نستفد من هذا ولا ذاك، فإنَّنا نشتمُّ منه رائحةً زكيَّةً.[٤] وقد ورد هذا في الحديث الذي رواه أبو موسى الاشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً).[٥]



تقوية صفّ المسلمين وتوحيد كلمتهم

إذا كان كلُّ مسلمٍ منغمس في مجموعةٍ من الصَّالحين، فإنَّ الشَّيطان ليس له سبيلٌ عليهم، فلا يوسوس لهم بترك الطَّاعات وإتيان المنكرات؛ لأنَّه لو قوي على أحدهم لن يقوى على الآخر، لأنّهم يحبّون الخير لبعضهم، فيكونون كأنَّهم جسداً واحداً، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (عليكمْ بالجماعةِ، وإياكم والفرقةَ، فإنَّ الشيطانَ مع الواحدِ وهو من الاثنينِ أبعدُ، من أراد بحبوحةَ الجنةِ فلْيلزمِ الجماعةَ، من سرَّتهُ حسنتُه وساءتْه سيئتُه فذلكمُ المؤمنُ).[٦][٧]



محبة الله تعالى

قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: (وجبتْ محبَّتي للمُتحابّين فيَّ، والمتباذلين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ)،[٨]فقد أحب الله من تحابا فيه واجتمعا على طاعته.




كيفية اختيار الصحبة الصالحة

إذا أراد المسلم أن يختار صاحباً صالحاً له، فعليه أن يتخيَّر هذا الصَّديق ويبحث عنه، فيبحث عن صديقٍ يتَّصف بالصِّفات الآتية:

  • الأمر بالمعروف والنِّهي عن المنكر، إذ لا بدَّ أن تكون هذه في الصدَّيق الصَّالح؛ وذلك ليدلَّ صاحبه على الخير ويذكِّره به على الدَّوام، وينهاه عن كلِّ شرٍّ ومفسدةٍ، وقد امتدح الله -تعالى- المؤمنين الصَّالحين ووصفهم بهذا العمل المشرِّف، حيث قال الله -تعالى-: (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ).[٩][١٠]
  • تقوى الله -تعالى- ومخافته، وقد وصف الله -عزَّ وجل- الأخلَّاء الحقيقيين بأنَّهم متَّقين، قال الله -تعالى-: (الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)،[١١] فيصبح كلُّ الأصدقاء يوم القيامة أعداءً ويلومون بعضهم البعض، وتتحوَّل الصَّداقات الدُّنيويَّة إلى عداوةٍ وبغضاء، إلَّا أصحاب التَّقوى الذين كانوا يُعرِّفون بعضهم على الله -تعالى-.[٤]
  • الإخلاص لله -تعالى- في هذه الصُّحبة، وأن يكون الدَّافع الحقيقيُّ لتلك الأخوَّة والمحبَّة هو الحب في الله -تعالى-، ولا تكون تلك الصَّداقة من أجل تحقيق مكاسب دنيويَّةً، فلا يُتَّخذ الصَّاحب من أجل نسبٍ رفيعٍ، أو من أجل منصبٍ، أو لتحقيق نفعٍ دنيويٍّ، إنَّما يُتَّخذ الصَّاحب لقربه من الله -تعالى-.[١٢]
  • التَّحلي بالأخلاق الحميدة؛ لأنَّ النَّاس تحبُّ معاشرة صاحب الخلق الحسن وتألفه، وتحبُّ مجالسته، في حين لا يُطيقون من كانت أخلاقه ذميمةً، وينفرون من مجالسه، ومن الأخلاق الفاضلة التي يجب أن تكون في الصَّديق: أن يتحلَّى بالصِّدق، والأمانة، والكرم، والوفاء، والتَّواضع، وغيره، وأن يبتعد عن الغشِّ والكذب والخداع، وأن لا يشهد زوراً.[٤]
  • الإحسان لله -تعالى- والإحسان لعباده، وذلك بمساعدة المريض منهم والفقير والمحتاج، وإظهار الرَّحمة والشَّفقة بهم، وهي من أهمِّ صفات المتَّقين الأخيار.[١٣]
  • سلامة الصَّدر، وخلوِّ القلب من الضَّغينة والحقد والحسد، فلا يُعقل أن تكون صحبةٌ صالحةٌ إلَّا إذا كانت سرائرهم سليمةً وصدورهم صافيةً، وأيُّ أخوَّةٍ خلت من هذا الصِّفاء فإنَّها لا تستمرُّ ولا تبقى، تصديقاً لقول الله -تعالى-: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ).[١٤][١٢]
  • التوبة الصّادقة، وإتباع هذه التوبة بالعمل الصالح الذي يقربهم من الله تعالى.
  • كتمان الأسرار، وستر العيوب، وإظهار المناقب والحسنات.
  • ضبط النفس عند الغضب.
  • تقديم العون في الشدة والرخاء.









المراجع

  1. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 279. بتصرّف.
  2. مجدي الهلالي (2007)، عودة المجد وهم أم حقيقة (الطبعة 1)، القاهرة:مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 15، جزء 1. بتصرّف.
  3. عبد الرحمن السعدي (1423)، بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار (الطبعة 4)، المملكة العربية السعودية:وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 140، جزء 1. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "الصحبة الصالحة"، طريق الاسلام، 14/3/2004، اطّلع عليه بتاريخ 15/6/2021. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ابو موسى الاشعري، الصفحة أو الرقم:2628، صحيح.
  6. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:2165، حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
  7. راغب السرجاني، دروس الدكتور راغب السرجاني، صفحة 20. بتصرّف.
  8. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكل الحديث، عن معاذ بن جبل ، الصفحة أو الرقم:3890.
  9. سورة التوبة، آية:71
  10. ابراهيم الكيلاني، الرأي العام في المجتمع الإسلامي، صفحة 247.
  11. سورة الزخرف، آية:67
  12. ^ أ ب عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 11-13. بتصرّف.
  13. سعيد القحطاني، نور التقوى وظلمات المعاصي في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 19. بتصرّف.
  14. سورة الحجر، آية:47
4462 مشاهدة
للأعلى للسفل
×