ما هي نواقض الصيام؟
هي كل ما يبطل الصيام ويفسده أو يلغي شرطًا من شروطه أو يخل بركن من أركانه،[١] منها ما يبطل الصيام مع وجوب القضاء والتوبة إلى الله تعالى، ومنها ما يبطل الصيام مع وجوب القضاء ودفع الكفارة، وقد تسمى أيضًا مفسدات الصيام أو مبطلات الصيام.[٢]
دخول شيء إلى الجوف من منفذ مفتوح
يفسد الصيام إذا دخل شيء إلى جوف الصائم كدماغه وحلقه ومعدته باختياره وكان بالإمكان التحرز منه سواء دخل هذا الشيء من فمه أو أنفه أو عينه أو أذنه وما إلى ذلك،[٣] لأن معنى الصوم في الشرع هو الإمساك ومن أدخل إلى جوفه شيء ليس بممسك سواء كان هذا الشيء مما يتغذى به البدن أي يؤكل ويشرب أو مما لا يتغذى به البدن.[٤]
الأكل والشرب عمدًا
إذا أكل الصائم أو شرب أثناء صيامه متعمدًا من غير خطأ ولا إكراه ولا نسيان يبطل صيامه،[٥] لقول الله تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}،[٦][٧] ويترتب على الآكل أو الشارب عمدًا قضاء اليوم الذي أفطره وعند الحنفية والمالكية تجب عليه الكفارة وذهب الشافعية والحنابلة إلى عدم وجوب الكفارة.[٨]
الجماع
أجمع الفقهاء على أن جماع الصائم في نهار رمضان عامدًا مختارًا يبطل الصيام ويوجب الكفارة سواء كان هذا الجماع بإنزال أو من غير إنزال ودليل ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: "جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ. قَالَ: وما شَأْنُكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي في رَمَضَانَ"،[٩]والحديث يدل على عظم الحرمة التي انتهكها في رمضان.[٩][١٠]
التقيؤ عمدًا
إذا قام الصائم بالتقيؤ عمدًا يفسد صيامه وعليه القضاء ويكون التقيؤ عمدًا إما بالفعل كعصر بطنه ومحاولة غمز حلقه أو يكون بالشم كأن يشم شيئًا يقيء به أو بالنظر كأن ينظر إلى ما يثي نفسه للإقياء ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ذرعَهُ قَيءٌ وَهوَ صائمٌ، فلَيسَ علَيهِ قضاءٌ، وإن استَقاءَ فليقضِ".[١١][١٢]
الحيض والنفاس والولادة
يفسد صيام المرأة إذا رأت دم الحيض أو دم النفاس أثناء صيامها سواء كان ذلك في أول النهار أو آخره ولو حدث قبل الغروب بلحظة لحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ".[١٣][١٤]
العادة السرية
إذا استمنى الصائم بيده يكون قد فعل أمرًا محرمًا ولا يفسد صومه من غير إنزال فإن أنزل فسد صومه.[١٥]
الردة عن الإسلام
يفسد صيام من ارتد عن الإسلام بقول أو فعل أو اعتقاد أو شك أو مستهزئًا وذلك بإجماع العلماء، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.[١٦][١٧]
فسخ نية الصيام
إذا نوى الصائم الإفطار أثناء صيامه فقد أفطر وإن لم يتناول مفطرًا ويفسد صيامه بقطعه للنية لأن النية ركن من أركان الصيام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى"،[١٨] أما في صوم النافلة فإنه إذا نوى أن يفطر أفطر وإن عاد ونوى أن يصوم صح كذلك صومه.[١٩]
استغراق الإغماء طول النهار
من نوى الصيام من الليل وأغمي عليه قبل طلوع الفجر ولم يستيقظ حتى غربت الشمس لا يصح صومه وهذا قول أحمد بن حنبل والشافعي أما أبو حنيفة فقد ذهب إلى صحة صيام المغمى عليه طوال النهار لأن النية قد صحت وزوال الشعور لا يمنع صحة الصوم كما في النوم ولأن الأصل في الصوم هو الإمساك مع النية.[٢٠]
الجنون التام
لا يصح صيام من كان به جنونًا تامًا واستغرق جنونه شهر رمضان كاملًا لأنه لم يشهد الشهر وهو شرط وجوب الصيام،[٢١] ولا خلاف بين العلماء أنه غير مخاطب بالصيام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثٍ فذكرَ الصبيَّ حتَّى يبلغَ والمجنونَ حتَّى يفيقَ".[٢٢][٢٣]
هل مبطلات الصيام للرجل هي ذاتها مبطلات الصيام عند المرأة؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: مبطلات الصيام عند الرجل
الأمور المختلف في نقضها للصيام عند المذاهب
هناك أمور اختلف الفقهاء في كونها تفسد الصيام أم لا وهي على النحو الآتي:
الاحتجام
اختلف الفقهاء في المذاهب الأربعة حول بطلان صيام المحتجم من عدمه كما يلي:[٢٤]
- الحنفية: ذهب الحنفية إلى جواز الحجامة إذا كانت لا تضعف الصائم ولا تؤثر على صيامه وإلى كراهيتها إذا أثرت فيه وأضعفته.
- المالكية: أما المالكية فذهبوا إلى جواز الحجامة إذا غلب على ظن الصائم أنه لا يتضرر بها وتحريمها إذا غلب على ظنه أنه سيعجز عن مواصلة الصوم إلا إذا خشي على نفسه الهلاك أو الأذى الشديد فيجب عليه الحجامة ويقضي إذا أفطر ولا كفارة عليه.
- الشافعية: وذهب الشافعية إلى جواز الحجامة للصائم لأن النبي احتجم وهو صائم.
- الحنابلة: وذهب الحنابلة إلى أنه يفطر كل من الحاجم والمحجوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ".[٢٥]
الإغماء ببعض حالاته
إذا أغمي على الصائم بعد أن نوى الصيام وأفاق لحظة في النهار صح صومه حيث يكفي في الصوم النية مع الإفاقة في جزء من النهار؛ لأن الإغماء في غياب العقل هو أعلى من النوم وأقل من الجنون إلا أن هناك قول للشافعية بأن الإغماء يؤثر على الصوم في جميع حالاته سواء كان قليلًا أو كثيرًا.[٢٦]
الجنون الذي يكون عارضًا
اختلف العلماء في حكم من كان جنونه عارضًا وأفاق في جزء من شهر رمضان كما يلي:[٢٧]
- الحنفية: ذهب الحنفية إلى وجوب القضاء لمن كان به جنونًا وأفاق في شهر رمضان سواء أفاق ليلًا أم نهارًا؛ لأنه شهد الشهر لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.[٢٨]
- المالكية: وذهب المالكية في أشهر أقوالهم إلى عدم صحة صيام المجنون ولا قضاء عليه وهناك قول آخر عندهم بعدم وجوب القضاء في حال كان الجنون لسنوات كثيرة وهناك قول ثالث عندهم أنه يقضي من بلغ صحيحًا ثم جن ولا قضاء على من بلغ مجنونًا.
- الشافعية: وذهب الشافعية إلى أنه ليس هناك قضاء على المجنون إذا أفاق خلال شهر رمضان قياسًا على الصبي إذا بلغ أو الكافر إذا أسلم خلال الشهر.
- الحنابلة: وذهب الحنابلة وهو وجه عند الشافعية إلى أن الجنون حكمه حكم الإغماء أي يمنع صحة الصوم إلا أنه إذا استغرق كامل النهار ليس عليه قضاء.
هل نواقض الصيام هي ذاتها المبطلات؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: ما هي مبطلات الصيام
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑ موفق الدين ابن قدامة، المغني، صفحة 121. بتصرّف.
- ↑ محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 60. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية:187
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 179-180.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 60-61. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6709 ، حديث صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 59-60. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2380 ، حديث صحيح.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 197-198. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1951 ، حديث صحيح.
- ↑ موفق الدين ابن قدامة، المغني، صفحة 151-152. بتصرّف.
- ↑ طريف الدين ابن قدامة، المغني، صفحة 128. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية:65-66
- ↑ موفق الدين ابن قدامة، المغني، صفحة 133. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، حديث صحيح.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 200. بتصرّف.
- ↑ موفق الدين ابن قدامة، المغني، صفحة 115. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 103. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حزم، في الإعراب عن الحيرة والالتباس، عن ، الصفحة أو الرقم:446، حديث ثابت.
- ↑ علي بن سعيد الرجراجي، مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها، صفحة 89. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 15-16. بتصرّف.
- ↑ رواه علي بن المديني، في الاستذكار، عن رافع بن خديج، الصفحة أو الرقم:207 ، حديث صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 269. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 103-105. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:185