مبطلات الصيام بين الزوجين

كتابة:
مبطلات الصيام بين الزوجين


هل الجماع يبطل الصيام؟

الجماع هو التقاء الختانان وتغييب الحشفة في أحد السبيلين، فمن فعل ذلك في نهار رمضان عامدًا متعمدًا غير مُجبرٍ على ذلك بَطُلَ صومه وأفطر وتلزمه الكفارة والقضاء عند جمهور أهل العلم سواءٌ أنزل شهوته أم لم ينزل،[١] وأمَّا بالنسبة لصيام المرأة فإن كانت راضية عن فعلته فيلزمها ما يلزمه من الكفارة وغيرها، أمَّا إن لم تكن راضية كأن أخذها وهي نائمة أو مكرهة فليس عليها كفارة، ولكن اختلف الأئمة فمنهم من قال بفساد صومها ومنهم من قال لا يفسد، والأحوط في ذك أن تقضي صومها خروجًا من الخلاف.[١]


أمَّا الجماع ناسيًا فقد اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من ألحقه بحكم من أكل وشرب ناسيًا وقلوا من فعله فلا قضاء عليه ولا كفارة، وردَّ بعض أهل العلم على ذلك القول بأن الجماع يختلف عن الأكل والشرب لأنَّ الطرف الثاني يذكر الطرف الأول بالصيام وهو عكس الأكل والشرب الذي ليس فيه طرفان، وقالوا يجب عليه الكفارة، والله أعلم.[٢]


هل المفاخذة تبطل الصيام؟

المفاخذة هي أن يجلس الرجل بين فخذي المرأة أو فوقها كمن يجامعها،[٣] وذهب الفقهاء وأهل العلم إلى أنَّ المفاخذة لا تحرم في أثناء الصيام في حال استطاع الإنسان امتلاك نفسه ولم يُنزل، أمَّا إن لم يستطع امتلاك نفسه وأنزلَ فيحرم وعليه القضاء والكفارة.[٤]


هل القبلة بين الزوجين تبطل الصيام؟

اختلف أهل العلم في جواز القُبلة للصائم، فذهب بعض الصحابة إلى جواز القبلة للشيخ المسن ولم يرخصوا بها للشباب؛ مخافة أن يفسد صومه، وذلك قول ابن عبَّاس، وذهب بعض أهل العلم إلى أن القُبلة تُنقص من أجر الصَّائم ولكن لا تفسد صيامه، وذهب كل من الشافعي وسفيان الثوري إلى أنَّ الصائم لو علم أنه يملك نفسه عند التقبيل فله أن يُقبِّل، أمَّا لو علم أنَّه لا يملك نفسه فعليه أن يترك ذلك.[٥]


وكان للمالكية رأيٌ مخالفٌ في ذلك فقالوا بكراهة القبلة للصائم، وقال مالك لو قبَّل الرجل وتحرَّك ذكره حتَّى ولو لم ينزل المني أو المذي فيبطل صومه ويقضي، وذهب عبد الله بن شبرمة وهو أحد فقهاء الكوفة إلى أنَّ القبلة تفطر الصائم، أمَّا ابن حزم وأهل الظاهر فذهبوا إلى استحباب القبلة للصائم، أمَّا أبو هريرة وسعد بن أبي وقاص فأباحا القبلة دون تقييدها بشيخٍ أو شاب، فهي مما يُباح للزوجين أثناء الصيام، وقال ابن حجر أنَّ من حرَّكت القبلة الشهوة عنده فهي حرام بالنسبة له، والله أعلم.[٦]


هل نزول الشهوة بين الزوجين يبطل الصيام؟

فلو باشر الرَّجل امرأته وقبلها وعانقها وفعل معها ما يفعله في الجماع دون إدخال ذكره في فرجها وأنزل المني فقد فسد صومه باجتماع أئمة المذاهب الأربعة؛ لأنَّه قد أنزل بالمباشرة والمضاجعة دون الولوج، أمَّا إن فعل ذلك ولم ينزل المني ونزل المذي فقط فقد فسد صومه عند المالكية والحنابلة، ولم يفسد صومه عند الشافعية والحنفية، وحجة المالكية والحنابلة في فساد الصَّوم أنَّه خرج شيء من الجسم تخلله شهوة فيأخذ في ذلك حكم المني.[٧]


كما يمكنك التعرّف أكثر على حالات الشهوة وتأثيرها على الصيام بالاطلاع على هذا المقال: هل الشهوة تبطل الصيام؟


ما حكم لمس الفرج بين المتزوجين أثناء الصيام؟

إنَّ مس فرج الرجل والمرأة لبعضهما يدخل في باب الاستمتاع أو مقدمات الجماع، فلو استطاع أن يمتلك نفسه أي لا ينزل فله ذلك، أمَّا لو خشي من فساد صومه ولا يستطيع أن يمتلك نفسه فلا يجوز له ذلك، فالمس في هذه الحالة خطوة لفساد الصوم، وكل ما يؤدي للحرام فهو حرام.[٨]


ما حكم إدخال الإصبع في الدبر بين المتزوجين أثناء الصيام؟

ذهب كثير من أهل العلم إلى أنّ إدخال إصبع الرجل في دبر زوجته من الأفعال المحرّمة التي تتنافى مع الفطرة السليمة لما في ذلك من مباشرة للنجاسة وأمور أخرى تشير إلى انتكاس فطرة الإنسان،[٩] وكذلك قد حرّموا إدخال الزوجة إصبعها في دبر زوجها،[١٠] بل وذهب بعض علماء المالكيّة إلى أنّ هذا الفعل -أي إدخال الإصبع في الدبر- يشبه اللواط.[١١]


وبالنسبة لهذه المسألة في الصيام فقد ذهب أهل العلم إلى أنّ المرأة لو أدخلت في فرجها -أي في القبل- إصبعها أو إصبع غيرها أو عودًا أو ما إلى ذلك فإنَّه تجب عليها الكفارة، وإذا كانت الإصبع مبتلة أو غاب العود ونحوه في فرج المرأة أو الرجل فإنَّه يفسد الصوم، وقال الزيلعي إنَّ الصوم لا يفسد إلّا إن كانت الإصبع مبتلة بدهنٍ أو بماء، أمَّا المالكية فقد ذهبوا إلى أنَّ كل ما يصل إلى جوف الصائم سواء كان من قبله أو من دبره يفسد صومه سواء كان ذلك الصوم تطوعًا أو واجبًا، وذلك بشروط عدة منها الخيار والتعمد والعلم بالحرمة وغيرها من الشروط.[١٢]


وقال الشافعية ببطلان صوم الصائم حال وصل شيء إلى الجوف من الدبر أو القبل، وقال النووي: "لَوْ أَدْخَل الرَّجُل أُصْبُعَهُ أَوْ غَيْرَهَا دُبُرَهُ أَوْ أَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ أُصْبُعَهَا أَوْ غَيْرَهَا دُبُرَهَا أَوْ قُبُلَهَا بَطَل الصَّوْمُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا"، ويجب عند الحنابلة قضاء الصيام مع الكفارة.[١٢]


ما حكم المداعبة بين الزوجين في رمضان؟

إنَّ المداعبة بين الزوجين هي من مقدمات الجماع، وقد سبق تبيين حكم التقبيل وغيره وأقوال أئمة أهل العلم في ذلك، فلو علم الصائم أنه يستطيع أن يملك نفسه حتى ولو داعب زوجته فله ذلك، أمَّا إن علم من نفسه ضعفًا لا يمكنه من امتلاك نفسه فتثور شهوته ويقع في المحظور فعليه أن يمتنع عن المداعبة، وتأخذ الوسائل في هذا الأمر حكم المقاصد وعلى المسلم أن يتقي ربه ويبتعد عن ذلك.[١٣]


ولمَّا أقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم على ذلك فإنَّه فعله من باب التشريع وليس من باب القصد، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أملك الناس لإربه كما ذكرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وذكر في ذلك العلماء: "أكمل الناس أجرًا في الصيام من اتقى الرفث واللغو، وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما هو لبيان الجواز وتوسِعةً على الأمة، ولكن الأفضل والأكمل تركه"، فالله أعلم.[١٣]


ولقراءة المزيد حول ما يباح للمتزوجين فعله في نهار رمضان يمكنك الاطلاع على هذا المقال: ما يجوز بين الزوجينفي نهار رمضان

المراجع

  1. ^ أ ب محمد المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 31-32. بتصرّف.
  2. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود، صفحة 26. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 241. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 242. بتصرّف.
  5. محمود عبد اللطيف عويضة، كتاب الجامع لأحكام الصيام، صفحة 252. بتصرّف.
  6. محمود عبد اللطيف عويضة، كتاب الجامع لأحكام الصيام، صفحة 253. بتصرّف.
  7. مجمعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 268. بتصرّف.
  8. محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 25. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8722. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 17. بتصرّف.
  11. محمد الأمير المالكي، ضوء الشموع شرح المجموع، صفحة 191. بتصرّف.
  12. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 88. بتصرّف.
  13. ^ أ ب محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 22. بتصرّف.
5350 مشاهدة
للأعلى للسفل
×