متى تكون الرؤيا

كتابة:
متى تكون الرؤيا

متى تكون الرؤيا

يُقصد بالرؤيا هنا أي الرؤيا التي تختلف عن أحلام حديث النفس وأحلام الشيطان، ويكون لهذه الرّؤى تفسيرها وفق أصولٍ وقواعد معيّنة ترتكز على آيات القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة، وهي الرّؤيا التي بيّن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- في الأحاديث النّبويّة أنّها جزءٌ من ستّة وأربعين جزءاً من النّبوّة.

وحتى يعرف الرائي متى يكون ما رآه في منامه من باب الرؤى الصادقة من الله -سبحانه- فهناك عدّة علامات وصفات تدلّ على ذلك، ولعلّ من أهمّها ما يأتي:

  • عند تحقّق الصدق والتقوى، وخاصة في آخر الزمان

ويدلّ على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُسْلِمِ تَكْذِبُ، وأَصْدَقُكُمْ رُؤْيا أصْدَقُكُمْ حَدِيثًا)،[١] فكلّما زاد صدق المسلم كانت رؤيته أصدق، وكذلك في أمر دينه وتقواه، حيث يقول ابن القيم -رحمه الله-: "ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحرَّ الصدق وأكل الحلال والمحافظة على الأوامر والنواهي..".[٢]

  • عند السَّحَر

ووقت السَّحر هو آخر وقت الليل قبل طلوع الفجر،[٣] ولا يُشترط أن تكون الرؤيا في وقت السَّحَر فقط، فقد تكون في غيره أيضاً، لكن أشار ابن القيم -رحمه الله- أنّ وقت السَّحر مظنّة وقوع الرؤيا الصالحة؛ لأنّه وقت تنزّل الخير والاستجابة والبركة والرحمة من الله -سبحانه-، وهو وقت تخمد فيه الشياطين.

  • عند تحقق هدفها وغايتها
حيث إنّ الرّؤيا من المبشّرات التي يبشّر الله -تعالى- بها عباده في الدّنيا بالخير والمسرّة، أو قد تحذّر صاحبها من أمرٍ ما فتحمل بذلك الخير له، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلَّا المُبَشِّراتُ، قالوا: وما المُبَشِّراتُ؟ قالَ: الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ).[٤]

[٥]

  • إذا كانت واضحة المعالم

إذ إنّ مضمون الرؤيا يكون واضحاً ليس فيه خلط وتهاويل،[٦] كما أنّ الرائي يظلّ متذكِّراً لأحداثها وكأنها حقيقة بسبب وضوحها الشديد.[٧]

  • عند تحقّقها على أرض الواقع

حيث تكون الرؤيا صادقة من حيث تحقُّقها على أرض الواقع، ويراها المؤمنُ حقيقةً؛ كمن يرى في منامه أنّه يُرزَق بمولودٍ فيحصل له ذلك على أرض الواقع، أو من يرى بأنّ رزقاً وخيراً قد أتاه فيرى ذلك حقيقة في حياته، ولكن لا يعلم بميعاد وقوعها إلا الله -سبحانه-، وقد كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يرى الرؤى فتتحقّق كفلق الصبح؛ أي بوضوحٍ كما رأى في منامه.[٨]

  • عند رؤية النبيّ الكريم

إذ إنّ الشيطان لا يتمثّل بصورة النبي في المنام، ويدل على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن رَآنِي في المَنامِ فقَدْ رَآنِي، فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَتَمَثَّلُ بي).[٩]

الفرق بين الرؤيا والحلم

تكون الرّؤيا عندما يستبشر صاحبها بها بقدوم خيرٍ أو دفع شر، أو عندما تُحذّره أو ترشده لأمرٍ ما، ومصدرها من الله -تعالى-، وبالتّالي فهي تختلف عن الأحلام التي تكون بسبب التفكير أو من الشيطان ليُحزن الرائي، وغالباً ما يكون الحلم مجرّد أحداث عشوائيّة ومواقف لا معنى لها، ومما يدلّ على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤيا ثلاثٌ: فَرؤيا حقٌّ، ورُؤيا يحدِّثُ الرَّجلُ بِها نفسَهُ، ورؤيا تحزين منَ الشَّيطان).[١٠][١١]

الرؤيا في القرآن

جاء ذكر الرّؤيا في القرآن الكريم في عدّة آيات كريمة، ومنها ما يأتي:

  • رؤيا النبيّ بدخول مكّة فاتحين

قال الله -تعالى-: (لَقَدْ صَدَقَ اللَهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ).[١٢]

وذلك عندما رأى أنّه يذبح ابنه إسماعيل -عليه السلام-، ثمّ فداه الله بكبشٍ عظيم، قال الله -سبحانه- على لسان سيّدنا إبراهيم: (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).[١٣]

  • رؤيا ملك مصر

قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)،[١٤] وقد جاءت تلك الآية على لسان ملك مصر الذي رأى في منامه رؤيا عجيبة قصّها على حاشيته طالباً منهم تعبيرها، وقد أوّلها له نبيّ الله يوسف -عليه السلام- الذي منّ الله عليه بمعرفة تأويل الرؤى ودلالاتها.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2263، صحيح.
  2. "الرؤى والأحلام"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  3. "معنى وقت السَّحَر"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6990، صحيح.
  5. سهل العتيبي، كتاب الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، صفحة 147. بتصرّف.
  6. عبد الكريم الخضير، التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، صفحة 26. بتصرّف.
  7. "أنواع الرؤيا، والمعيار الذي يدل على صدقها"، إسلام ويب، 10/10/2010، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
  8. "أنواع الرؤيا، والمعيار الذي يدل على صدقها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2266، صحيح.
  10. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2280، حسن صحيح.
  11. "خمس قواعد للتعامل مع الأحلام والرؤى"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  12. سورة الفتح، آية:27
  13. سورة الصافات، آية:102
  14. سورة يوسف، آية:43
5728 مشاهدة
للأعلى للسفل
×