محتويات
متى يجب الغسل على الفتاة غير المتزوجة ولماذا؟
تعدُّ الطَّهارة من الأمور الضَّرورية التي يجب على كل مسلمة الحرص على تعلُّمها؛ إذ إنَّ هناك العديد من الأسباب التي تُوجب الغسل على المرأة المسلمة سواءً أكانت متزوجة أم غير متزوجة، فما هي تلك الأسباب المُوجبة للغسل؟
الغسل من الحيض
يُعتبر الحيض سبباً من أسباب وجوب الغسل على الفتاة سواءً أكانت متزوِّجة أم غير متزوِّجة؛ إذ يجب الغسل على المرأة عند انتهاء الحيض، وقد ثبت في كلٍّ من القرآن الكريم، والسُّنة النَّبوية، وإجماع علماء الأمة الإسلاميَّة وجوب الغسل عند الانتهاء من الحيض؛ قال الله -تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ)؛[١] فدلَّت الآية الكريمة على وجوب التَّطهر من الحيض عند انقطاع الدم، ولا تتحقَّق الطَّهارة من الحيض إلا من خلال الغسل.[٢]
وقد ثبت عن السَّيدة عائشة أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّها قالت: (إِذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي)؛[٣] وهذا يعني أنَّ على المرأة الغسل بعد انقطاع دم الحيض مباشرةً وعدم التَّأخُر فيه؛ لأنَّ انتهاء الحيض سببٌ لوجوب الغسل.[٤][٥]
الغسل من خروج المني
يُعتبر خروج المني سبباً مُوجباً للغسل على كل من المرأة المتزوِّجة، والمرأة غير المتزوِّجة، والرَّجل باتفاق الفقهاء؛ فقد ثبت عن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: (إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ)؛[٦] فالماء الدَّافق -الخارج- من الفرج -وهو المني- يُوجب الغسل بالماء، وقد ثبت عن أمِّ سليم -رضي الله عنها-: (أنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَنِ المَرْأَةِ تَرَى في مَنَامِهَا ما يَرَى الرَّجُلُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتْ ذلكَ المَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ فَقالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: واسْتَحْيَيْتُ مِن ذلكَ، قالَتْ: وهلْ يَكونُ هذا؟ فَقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ).[٧][٨][٩] وقد ذهب الحنفيَّة والمالكيَّة إلى اشتراط وجود الشَّهوة مع نزول المني ليكون مُوجباً للغسل، كما قال بعض العلماء بعدم وجوب الغسل إذا نزل المني بسبب ضربةٍ ما، أو بسبب حمل شيءٍ ثقيلٍ أدَّى إلى نزوله.[١٠]
كيفية الغسل
واجبات الغسل
للغسل من الحيض أو المني فُروضٌ لا يَصحُّ إلا بوجودها، وسُننٌ يُستحبُّ فعلها ليكون الغسل تامَّاً، نذكرها فيما يأتي:[١١][١٢]
- يجب على المغتسل أن ينوي الطَّهارة من الحدث الأكبر، أو استباحة الصَّلاة ونحو ذلك، ويكون وقت النِّيَّة قبل البدء بالغسل، وتُعدُّ النِّية فرضاً من فروض الغسل عند الَّشافعية، والمالكيَّة، والحنابلة؛ إذ ثبت عن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: (إنما الأعمال بالنيات)،[١٣] بينما ذهب الحنفيَّة إلى اعتبار النِّيَّة سُنَّة من سُنن الغسل.
- يجب على المغتسل أن يصبَّ الماء على شعره وجميع جسده؛ إذ إنَّ تعميم الجسم والشعر بالماء من فروض الغسل باتفاق الفقهاء؛ فيبدأ المغتسل بغسل فرجه أولاً وإزالة الأذى عنه، ثمَّ يقوم بالوضوء، ومن ثمُّ يُعِّمم سائر جسده بالماء من خلال صبِّ الماء على شعره ثلاثاً، وبعدها يقوم بصبِّ الماء على الجزء الأيمن من الجسم، ويليه الجزء الأيسر، وقد ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّها قالت: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَل مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَل يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يُدْخِل أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّل بِهَا أُصُول شَعْرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ).[١٤]
- يجب على المغتسل التَّنبُّه إلى أصول ومنابت الشعر؛ بأن يُوصل الماء إلى الجلد الذي يقع تحت الشعر سواءً أكان الشعر خفيفاً أم كثيفاً، كما نبَّه العلماء إلى وجوب إيصال الماء إلى عدَّة أجزاء في الجسد والتي قد يغفل عنها المغتسل أحياناً؛ مثل السُّرة، وخلف الأذنين، وتحت الإبطين، وبين قدميه، وتحت الركبتين، مع التَّنبه لتخليل أصابع اليد والقدمين.
- يجب على المغتسل المضمضة والاستنشاق عند الاغتسال؛ فالمضمضة والاستنشاق فرضٌ من فروض الغسل، وهو مذهب الحنفية والحنابلة؛ لأنَّ الفم والأنف من أجزاء الوجه التي يجب إيصال الماء إليها، بينما ذهب الشافعية والمالكية إلى عدم وجوب المضمضة والاستنشاق عند الاغتسال وعدُّوهما سنَّة من سُنن الاغتسال؛ ومردُّ ذلك أنَّهما ليسا من الأجزاء الظَّاهرة في الجسد، وذهب الحنفيَّة، والشافعيَّة، والمالكيَّة إلى عدم وجوب فكِّ جدائل الشعر عند الاغتسال إذا كان الماء يصل إلى جذورها، بينما قال الحنابلة بعدم وجوب فكِّ جدائل الشعر في غسل الجَنابة، أمَّا في غسل الحيض والنّفاس فيجب على المرأة فكُّ جدائل الشعر.
سنن الغسل
- يُسنُّ للمغتسل المُوالاة بين أجزاء الغسل عند الشافعية والحنفية؛ وذلك لفعل النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقال الحنابلة إذا انقطع المُغتسل عن الغسل لمدة طويلة بحيث جفَّ العضو الذي غسله؛ فعليه عندها أن ينوي الغسل من جديد ومن ثمًّ يكمل باقي أجزاء الغسل، وأمَّا المالكية فقالوا بوجوب الموالاة في الغسل واعتبروه فرضاً من فروض الغسل.
- يُسنُّ دلك جميع أجزاء الجسد عند الغسل، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، بينما ذهب المالكيَّة إلى القول بوجوب دلك الجسد عند الغسل واعتبروه فرضاً من فروض الغسل.
- يُسنُّ للمُغتسل التَّسمية عند الغسل، وهو مذهب الحنفيَّة والشافعيَّة، واعتبرها المالكية من المندوبات، بينما قال الحنابلة بوجوب التَّسمية على المغتسل عند الاغتسال.
- يُسنُّ غسل اليدين إلى الرُّسغين قبل البدء بالغسل ثلاث مرات باتفاق الفقهاء؛ فقد ثبت عن ميمونة -رضي الله عنها- أنَّها قالت: (وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً لِلْغُسْل، فَغَسَل يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًاً).[١٥]
- يُسنُّ إزالة الأذى عن الفرج وسائر الجسد بعد غسل اليدين عند الحنفيَّة، ويُندب إزالة الأذى عن الجسم في بداية الغسل عند المالكيَّة.
- يُسنُّ الوضوء كاملاً للمغتسل عند إرادة الاغتسال؛ وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، بينما ذهب المالكية إلى اعتبار الوضوء في الغسل من المندوبات.
- يُسنُّ البدء بغسل الجزء الأيمن من الجسد ثمَّ الجزء الأيسر؛ وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وذهب المالكية إلى اعتباره من المندوبات.
- يُسن التَّثليث في الغسل؛ أي غسل كل جزء من أجزاء الجسم ثلاثاً، وهو مذهب جمهورالفقهاء، بينما ذهب المالكية إلى اعتباره من المندوبات.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ الغسل يكون صحيحاً مقبولاً بمجرد نيَّة الغسل، وتعميم جميع أجزاء البدن بالماء، ولكنه يكون موافقاً بشكل كامل للسُّنة بتطبيق جميع فروض وسُنن الغسل.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:222
- ↑ محمد الشنقيطي، كتاب زاد المستقنع، صفحة 280. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:331، صحيح.
- ↑ كمال سالم، كتاب صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 166. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 40. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:343، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سليم، الصفحة أو الرقم:311، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 196. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، كتاب الفقه الميسر، صفحة 104. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 196. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 207-217. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 366-367. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:248، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:257، صحيح.