مخاطر استئصال الغدة الدرقية

كتابة:
مخاطر استئصال الغدة الدرقية

الغدة الدرقية

إنّ الغدة الدرقية (Thyroid gland) واحدة من أهم الغدد الصماء في جسم الإنسان الموجودة في قاعدة العنق، وتتخذ شكل الفراشة؛ وذلك لأنها تفرز هرمونات تتحكم في عمل أغلب أعضاء وخلايا الجسم، وتزيد من الاستجابة الجسدية والعاطفية عند الإنسان، وهذه الهرمونات هي؛ هرمون الثيروكسين (T4)، والهرمون ثلاثي يودوثيرونين (T3)؛ إذ يساعد هذان الهرمونان على إنتاج وتنظيم مستويات هرموني الأدرينالين والدوبامين؛ بالإضافة إلى دورهم في تنظيم عمليات الأيض؛ أي تحويل السعرات الحرارية والأكسجين إلى طاقة، وبالتالي فإن لاضطرابات الغدة الدرقية أثر في زيادة الوزن أو نقصانه.[١][٢]

استئصال الغدة الدرقية (Thyroidectomy) هو إزالة للغدة الدرقية بالكامل، أو استئصال جزء منها، ويلجأ الأطباء إلى استئصال الغدة الدرقية لعلاج اضطرابات الغدة الدرقية، مثل سرطان الغدة الدرقية، وتضخم الغدة الدرقية غير السرطاني، وفرط نشاط الغدة الدرقية، ويعتمد حجم الاستئصال من الغدة الدرقية خلال العملية الجراحية على السبب المؤدي إلى الاستئصال، وقد تتمكن الغدة الدرقية من أداء وظيفتها مجددًا بعد الجراحة إذا استأصل الطبيب جزءًا منها فقط، أما عندما يستأصلها الطبيب بالكامل، يحتاج المصاب لعلاج يومي بهرمون الغدة الدرقية، ليحل محل هرمون الغدة الدرقية المستأصلة في تنظيم وظائف الجسم.[١]


مخاطر استئصال الغدة الدرقية

تُعدّ جراحة الغدة الدرقية جراحة آمنة نسبيًا، ولكن قد تحدث بعض المخاطر والمضاعفات أثناء العملية الجراحية أو بعدها، لذا من المهم معرفة مخاطر استئصال الغدة الدرقية، وتتمثل هذه المخاطر فيما يأتي:[٣][٤]

  • الورم الدموي: هو خروج الدم من الأوردة والشرايين وتسربه إلى أنسجة الرقبة، ويعدّ الورم الدموي غير شائع، ولكن يمكن أن يهدد الحياة إذا لم يشخص ويُعالج فورًا، ويحدث الورم الدموي بنسبة 1 من كل 300 عملية استئصال للغدة الدرقية، وغالبًا ما تحدث الأورام الدموية خلال 24 ساعة بعد الجراحة، وتسبب الأورام الدموية العديد من الأعراض منها تورم في مقدمة أو جوانب الرقبة، وألم في الرقبة، وانسداد مجرى التنفس، والدوار، وصوت صفير عالي عند الزفير، ويتطلب علاج هذا الورم؛ الجراحة الفورية لإزالة الورم وإيقاف النزيف.
  • القصور الدائم في الغدد جارات الدرقية: يوجد أربع غدد صغيرة بحجم حبة الأرز تحيط بالغدة الدرقية أو تتصل بها، وتسمى الغدد جارات الدرقية، ووظيفة هذه الغدد التحكم في مستويات الكالسيوم في الدم، ويُمكن أن تتضرر الغدد جارات الدرقية أو تُستأصل أثناء عملية استئصالها، ممّا يُؤدي إلى اضطراب وانخفاض في مستويات الكالسيوم في الدم، وتُسمى هذه الحالة بقصور الدُريق أو القصور في الغدد جارات الدرقية، وقد يؤدي انخفاض مستوى الكالسيوم الشديد في الدم إلى عدم انتظام دقات القلب، وصعوبة التنفس نتيجة تشنج عضلة الحنجرة، وحصى الكلى، والنوبات التشنجية، والفشل القلبي، ويمكن أن تظهر الكثير من الأعراض التي تشير إلى قصور الدريق، مثل؛ التنميل والوخز حول الشفاه واليدين والقدمين، وتقلصات العضلات، والصداع، والاكتئاب، ويُعد قصور الغدد جارات الدرقية نادرًا ويُصيب 2% فقط من المرضى بعد استئصال الغدة الدرقية؛ إذ إنّ الإنسان يُمكن أن يعتمد على غدة واحدة فقط من الغدد الأربعة لتنظيم مستوى الكالسيوم في الدم، ويمكن علاج حالة قصور جارات الدرقية باستخدام مكملات الكالسيوم دائمًا.
  • إصابة العصب الحنجري: يمكن أن يصاب العصب الحنجري الراجع أثناء جراحة استئصال الغدة الدرقية، ويُعدّ هذا العصب هو العصب المسؤول عن التحكم في العضلات التي تحرك الأوتار الصوتية، ولكن هذه الإصابة تعد نادرة؛ إذ إنّها تصيب 1% فقط من الأشخاص الذين يتعرضون إلى جراحة استئصال الغدة الدرقية، وتُؤدي إصابة هذا العصب إلى حدوث بحة دائمة في الصوت، أو يمكن أن يبقى الصوت العادي طبيعيًا، إلا أنّ المريض لا يستطيع أن يتكلم أو يصرخ بصوت عالٍ، بالإضافة إلى بحة الصوت يمكن أن تؤدي إصابة العصب الحنجري إلى العديد من الأعراض منها؛ السعال المتواصل عند الكلام، وصعوبة التنفس، كما قد يؤدي إلى الإصابة بذات الرئة الاستنشاقية.
  • العدوى: إن خطر العدوى موجود في كل العمليات الجراحية، ولكنه يعدّ نادرًا الحدوث في جراحة استئصال الغدة الدرقية، ويمكن أن يصيب شخصًا واحدًا من كل 2000 شخص تعرضوا إلى عملية استئصال الغدة الدرقية.
  • الورم المصلي: وهو مجموعة من السوائل التي تتجمع مكان الجراحة، ويمكن أن يحدث التورم المصلي بعد أي نوع من أنواع الجراحة، وفي العادة يمتص الجسم هذه السوائل المتجمعة دون الحاجة إلى علاج، وفي الحالات المتقدمة يمكن أن يساعد الطبيب على تسريب وإخراج هذه السوائل خارج الجسم.
  • عاصِفَةُ الانسمامِ الدَّرَقِيّ: تعد عاصِفَةُ الانسمامِ الدَّرَقِيّ (Thyroid Storm) من المضاعفات غير الشائعة، وتحدث بسبب ارتفاع مستوى هرمون الغدة الدرقية بنسب عالية جدًا بعد استئصال جزء من الغدة الدرقية، ممّا يُؤدي إلى حدوث الحمى، والتعرق الشديد، وسرعة نبض القلب، وأحيانًا الهذيان، وتحتاج هذه الحالة إلى الرعاية الطبية الفورية في العناية المركزة لتبريد الجسم وتخفيض الحرارة، وتنظيم دقات القلب، وإعطاء المصاب الأدوية والسوائل الوريدية.


أعراض ما بعد استئصال الغدة الدرقية

قد يظهر على المصاب مجموعة من الأعراض الجانبية التي عادةً ما تكون المؤقتة ما بعد استئصال الغدة الدرقية، التي يُمكن بيانها على النحو الآتي:[٣]

  • الغثيان والقيء.
  • تصلب الرقبة وألمها.
  • ألم عند البلع.
  • ألم في الحلق.
  • اضطرابات في الصوت.
  • قصور الغدة الدرقية الذي يتطلب أخذ هرمون الغدة الدرقية البديل خصوصًا في حال استئصال الغدة الدرقية كاملة.
  • قصور الغدد جارات الدرقية المؤقت.


التعافي من استئصال الغدة الدرقية

معظم المرضى يعودون إلى النشاط العادي في اليوم التالي لجراحة استئصال الغدة الدرقية، ويُنصح بالحد من المشاركة في الأنشطة البدنية أو الرياضية لبضعة أيام أو أسابيع، أو حتى يسمح الطبيب بذلك؛ إذ من المحتمل أن يُعاني الشخص من التهاب في الحلق لبضعة أيام؛ لذا تعطى مسكنات الألم التي تُصرَف من دون وصفة طبية، مثل؛ الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين التي تُقلل الألم عادةً، أمّا في حال كان الألم شديدًا فقد يصف الطبيب مسكنًا أقوى للألم، كما يراقب الطبيب هرمون الغدة الدرقية ومستويات الكالسيوم بعد الجراحة، للتحقق من قصور الغدة الدرقية أو قصور الدريقات.[٥]


أسباب استئصال الغدة الدرقية

يُقرَّر إجراء عمليّة لاستئصال الغدّة الدرقيّة بناءً على مجموعة من الأسباب التي يُصاب بها الشخص، ومنها:[١]

  • سرطان الغدة الدرقية؛ إذ إنّ الإصابة بسرطان الغدة الدرقيّة أحَد أكثر الأسباب التي تستدعي استئصال جزء كبير من الغدة، إن لم تكُن الغدّة بأكملها، إذ غالبًا ما يكون هذا هو الحل الأمثل في علاج هذا النوع من السرطانات.
  • الدُراق، ويُعرَف أيضًا بتضخُّم الغدّة الدرقيّة غير السرطاني؛ إذ يلجأ الجرّاح إلى استئصال جزء من الغدّة أو استئصالها بالكامل في حال تضخُمها الكبير لتتسبّب في ظهور أعراض غير مُريحة للشخص المُصاب؛ كأن تؤدّي إلى مشكلات في التنفُّس، أو في بعض الحالات قد يتسبّب تضخُّم الغدة الدرقية في فرط نشاطها ما يستدعي أيضًا استئصالها.
  • فرط نشاط الغدة الدرقيّة، هو حالة تُصبح معها الغدة الدرقية في حالة نشاط مُفرط تؤدّي إلى إنتاج كميّة كبيرة من هرمون الثيروكسين وإفرازها، فلدى بعض الأشخاص قد يكون العلاج باستخدام أدوية مُضادّات الدرقيّة غير ناجح، إلى جانب عدم رغبة بعضهم إلى الخضوع للعلاج باليود المُشّع، وبالتالي؛ فإنّ الخِيار الأفضل في هذه الحالة يكون عبر استئصال الغدة الدرقيّة جراحيًّا.
  • وجود عُقيدات درقيّة غامضة أو غير مُحدّدة، ففي بعض الأحيان قد يختلط على الأطبّاء تحديد ماهيّة العُقيدات التي قد تنشأ على الغدة الدرقيّة فيما إذا كانت سرطانية أو غير ذلك، وبالتالي لا يُعرَف ذلك إلّا بعد أخذ خزعة من هذه العُقيدات وفحصها تحت المجهر، وغالبًا ما ينصَح الأطبّاء مرضاهم في هذه الحالات باستئصال الغدّة الدرقيّة خصوصًا في حال وجود خطر كبير بأن تتحول هذه العقيدات إلى عقيدات سرطانيّة.


التحضير لعملية استئصال الغدة الدرقية

تُجرى عملية استئصال الغدة الدرقية تحت التخدير العام الذي يُعطَى عبر قناع أو حقن وريدية، كما يُوضَع أنبوب للتنفُّس في القصبة الهوائية للمساعدة على التنفُّس أثناء فترة العملية، بالإضافة إلى وضع الأجهزة اللازمة لمراقبة ضغط الدم، ونبضات القلب، ومستوى الأكسجين، والعديد غيرها من الإشارات الحيوية.[١]


إجراءات استئصال الغدة الدرقية

يوضع المصاب تحت التخدير العام أثناء العملية، ويعمل الجراح شقًّا منخفضًا في منتصف العنق، وغالبًا ما يُجري في تجعّد الجلد وذلك لتصعب رؤيته بعد الشفاء، ثم يزال جزء من الغدة الدرقية أو كلها، وهذا يتوقف على سبب الجراحة، وفي حال استئصال الغدة الدرقية نتيجة الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، فقد يفحص الجراح أيضًا ويزيل الغدد الليمفاوية حول الغدة الدرقية، وعادةً ما تستغرق عملية استئصال الغدة الدرقية ساعة أو ساعتين، وقد يستغرق الأمر أكثر أو أقلّ من الوقت، ويتوقف على مدى الجراحة المطلوبة. كما توجد عدة طرق لاستئصال الغدة الدرقية، بما في ذلك؛ ما يأتي:[١]

  • استئصال الغدة الدرقية التقليدية، ينطوي هذا الإجراء على عمل شق في وسط العنق للوصول مباشرة إلى الغدة الدرقية، وهي الإجراء الأكثر شيوعًا لغالبية الناس.
  • استئصال الغدة الدرقية عبر الفم، يتجنب هذا الإجراء شقّ الرقبة باستخدام شقّ داخل الفم.
  • استئصال الغدة الدرقية بالمنظار، ذلك بعمل شقوق أصغر في الرقبة تُدخَل من خلالها الأدوات الجراحية وكاميرا فيديو صغيرة من خلال الشقوق، إذ ترشد الكاميرا الجراح خلال العملية.[١] ويُجرى استئصال الغدة الدرقية بالمنظار لإزالة الخراجات الدرقية الصغيرة، أو العقيدات الدرقية الصغيرة الحميدة عندما تكون أقل من 4 سم كبديل لاستئصال الغدة الدرقية التقليدي، مع العلم أنّ الاستئصال بالمنظار لا يُستخدم في لإزالة عقيدات الغدة الدرقية المتعددة أو سرطان الغدة الدرقية أو لعلاج عاصِفَةُ الانسمامِ الدَّرَقِيّ.[٦]


أنواع استئصال الغدة الدرقية

اعتمادًا على سبب استئصال الغدّة الدرقيّة يكون نوع الجراحة؛ إمّا بإزالة كلّ الغدّة الدّرقية وإمّا جزء منها، وتتضمن الأنواع المختلفة من جراحة استئصال الغدّة الدرقية ما يأتي:[٦]

  • استئصال فصّ الدرقية الجزئي، هو إجراءٌ نادر تجري فيه إزالة جزء واحد فقط من فص الغدّة الدرقية.
  • استئصال فصّ الدّرقية، تجري فيه إزالة واحد من الفصوص الدّرقية.
  • استئصال فصّ الدرقية مع استئصال البرزخ، تجري فيه إزالة كل فصوص الغدة الدرقية مع الجسر الرابط بين أنسجة الفصوص، ويُسمّى برزخ الغدّة الدرقيّة.
  • استئصال الغدة الدرقية الفرعي، تجري فيه إزالة جانبٍ واحد من فصّ الغدة الدرقية، والبرزخ، وجزء من الفص الثاني.
  • استئصال الغدة الدرقية الكلّي، تجري فيه إزالة الغدة الدرقية بأكملها.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح Mayo Clinic Staff, "Thyroidectomy"، mayoclinic, Retrieved 30-8-2017. Edited.
  2. "Thyroid gland", www.healthline.com, Retrieved 25-11-2018. Edited.
  3. ^ أ ب Mary Shomon , "Thyroid Surgery Recovery, Side Effects, and Complications"، verywellhealth, Retrieved 2-12-2018. Edited.
  4. "Risks of Thyroid Surgery", University of Maryland Medical Center. Retrieved 25-11-2018. Edited.
  5. Shannon Johnson (17-10-2018), [https://www.medicalnewstoday.com/articles/323369.php "Everything you need to know about thyroid gland removal "]، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 14-10-2019. Edited.
  6. ^ أ ب "Thyroidectomy", www.drugs.com, Retrieved 26-07-2019. Edited.
5207 مشاهدة
للأعلى للسفل
×