مدينة زوارة
مدينة زوارة هي مدينة ليبيّة تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وتبعد عن العاصمة طرابلس حوالي مئة وعشرين كيلومتراً غرباً، كما تبعد أيضاً مقدار ستين كيلومتراً عن حدود مدينة تونس، وهي مدينة ذات أصول أمازيغيّة، وما زال القسم الأكبر من سكانها يتحدثون اللغة الزوارية البربريّة. تعرف هذه المدينة باسم تامورت أيضاً، وقد اشتهر سكانها بمجابهتهم للاحتلال الإيطالي وخوضهم لأعتى المعارك معهم، ولعل أشهر هذه المعارك التي عُرفت بها المدينة هي معركة سيدي سعيد، وفي هذا المقال سنتحدث عن مدينة زوارة.[١]
تاريخ مدينة زوارة
يعود تاريخ هذه المدينة إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وقد كانت تحمل اسم كأساس، كما كانت تشتهر بتصديرها للملح؛ نظراً لموقعها الجغرافي المحاط بعدد من الملاحات الكبيرة، حيث إنّ جلّ اقتصادها مبنيٌّ بشكلٍ أساسي على الملح واستخراج حجر الجير. كما أنّ أغلب المباني القديمة المقامة فيها كانت مبنيّة من الجبس والحجر الملحي المعروف باسم حجر الجبسية، وقد ذكرها العلامة المسلم ابن خلدون في كتاباته، حيث اعتبر أنّ مدينة زورارة وزواغة هما قبيلتان متآخيتان ينتمي كلاهما إلى بني سمكان وهما من فروع زناتة، وهي واحدة من أكبر القبائل البربريّة. كما قال بأنّ زوارة كانت موطناً لكلٍ من قبيلتي زواغة وزوارة، فقد كان هذان الاسمان يعتبران اسماً واحداً، وقد ظلّ النظام القبلي موجوداً في أواخر العصر الوسيط، حتى فضّل الأهالي الانحياز إلى السواحل، ممّا أدى إلى نشأة قريتي زوارة الصغرى والكبرى. إنّ قرية زوارة الصغرى تميّزت بكونها قرية ذات نخيل كثيف وماءٍ عذب، إلا أنّها تعرّضت للخراب بسبب الهجمات المتتالية للقراصنة الأوروبيين الذين أتوا إليها بهدف التزود من الملح الموجود فيها، وقد عاش سكانها في ضنك العيش لفترة بسبب هذه الهجمات ولم يتبقَ فيها فيما بعد إلا بعض السكان الذين امتهنوا مهنة النخاسة كمصدر للرزق، وسرقة الناس من القوافل التجاريّة وقوافل الحجيج التي تمرّ من هناك، حتى أصبحت القوافل تتحاشى المرور من هذه المنطقة.[٢]
النشاط السكاني لمدينة زوارة
يتمثل النشاط السكاني لهذه المدينة بالعديد من المهن والحرف ومن أهمها: الزراعة، والرعي، وصيد الأسماك، بالإضافة إلى صناعة الجير والجبس والملح. تحتوي هذه المدينة على العديد من الموانئ حيث يوجد لديها ميناء مخصص للصيد البحري، وميناء آخر تجاري تأسس في أثناء حكم الأتراك، ودُمّر بفعل الحرب العالميّة الثانية على يد القوات الإيطاليّة، ثمّ رُمّم فيما بعد من قبل القوات الغازيّة، وقد أنشأت إيطاليا في هذه المدينة خطاً للسكة الحديدية يربط بين مدينة زوارة وطرابلس، وحديثاً تم اكتشاف مقبرة فيها، تعتبر من أكبر مقابر الأمازيغ.[٣]