مراتب الجرح والتعديل في الحديث

كتابة:
مراتب الجرح والتعديل في الحديث

علم الجرح والتعديل

إنّ علم الجرح والتعديل مكوّن من كلمتين: الجرح والتعديل، والجرح لغةً مصدر الفعل جَرَحَ، وهو إحداث شقوق في البدن والتّأثير فيه بسلاح، واستُعير اللفظ للأمور المعنويّة للدلالة على ردِّ وصف راوي الحديث بما يطعن فيه أو يردّ شهادته،[١] وأمّا الشقّ الثّاني من اسم العِلم فهو التعديل، والتعديل لغةً يعني التسوية والتقويم، وكذلك استُعير للأمور المعنويّة للدلالة على الثناء على راوي الحديث بما فيه من دين سوي وخلق مستقيم، ويعني بالجملة وصف راوي الحديث بما يقتضي قبول روايته للحديث الشريف، وقد نشأ هذا العلم منذ صدر الإسلام وإن لم يكن قد استُعمِلَ باسمه المعروف، ولكن المسلمين كانوا يعملون بمقتضاه، ومنزلة هذا العلم عالية لا يصل إليها كلّ من أراد؛ إذ تتطلّب معاييرَ خاصّة في الرجل من معرفة الأخبار والمرويات ومعرفة تامة بأحوال الرواة وأغراضهم ومقاصدهم وغير ذلك، وأيضًا معرفة الرواة من حيث الاسم والبلد والديانة والأمانة والسلوك وغير ذلك، وسيقف المقال هذا مع مراتب الجرح والتعديل في الحديث.[٢]

مراتب الجرح والتعديل في الحديث

ترجع أهمية هذا العلم إلى كون السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، ولا سبيل لمعرفة صحّتها من عدمه إلّا بمعرفة أحوال الرواة من حيث قُبول حديثهم أو ردّه، وذلك لا يدخل فيما ينهى عنه الإسلام من الغيبة، والأدلّة على ذلك كثيرة في الكتاب والسنة، فمن القرآن الكريم ما قاله تعالى في سورة الحُجُرات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}،[٣] ومن السنّة قول النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي يرويه ابن عمر رضي الله عنهما: "نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللَّهِ لو كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ"،[٤] وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "بئس أخو العشيرة"،[٥] وهذه الأدلّة تؤكّد مشروعيّة الجرح والتعديل لما فيه مصلحة الدين،[٦] ولعلم الجرح والتعديل مراتب في أحوال الرواة، منها ستّة للتعديل وستة للجرح، وهي:[٧]

  • مراتب التعديل: وهي ستة:
    • ما دلّ على المبالغة في التوثيق: أو أن يكون على وزن أفعل، وهذه أعلى درجات التعديل، ومن ألفاظها: فلانٌ إليه المنتهى في التّثبُّت، أو فلانٌ أثبت الناس.
    • ما تأكّد بصفة أو صفتين من صفات التوثيق: ومن ألفاظها: ثقة ثقة، أو ثقة ثبُت.
    • ما عُبِّرَ عنه بصفة دالة على التوثيق من غير توكيد: ومن ألفاظها: ثقة أو حُجّة.
    • ما دل على التعديل من دون إشعار بالضبط: ومن ألفاظها: صدوق، أو محلّه الصّدق ونحوها.
    • ما ليس فيه دلالة على التوثيق أو التجريح: ومن ألفاظها: فلانٌ شيخ، أو قد روى عنه الناس ونحوها.
    • ما أشعَرَ بالقرب من التجريح: ومن ألفاظها: فلانٌ صالح الحديث، أو فلانٌ يُكتَب حديثه ونحوها.
    • المراتب الثلاث الأولى: يُحتجّ بأهلها وإن كان بعضهم أقوى من بعض.
    • المرتبة الرابعة والخامسة: لا يُحتجّ بأهلهما، ولكن يُكتب حديثهم ويُختَبَر.
    • المرتبة السادسة: لا يُحتجّ بأهلها، ولكن يُكتب حديثهم للاعتبار فقط دون الاختبار؛ وذلك لظهور أمرهم في عدم الضبط.
    • ما دلّ على التليين: وهي أسهل مراتب الجرح، ومن ألفاظها: فلانٌ ليّن الحديث، أو فلانٌ فيه مقال.
    • ما صُرِّحَ بعدم الاحتجاج به وشبهه: ومن ألفاظها: فلانٌ لا يُحتج به، أو فلانٌ ضعيف، أو فلانٌ له مناكير.
    • ما صرح بعدم كتابة حديثه ونحوه: ومن ألفاظها: فلانٌ لا يكتب حديثه، أو فلانٌ لا تحلّ الراوية عنه، أو فلانٌ ضعيفٌ جدًّا، أو فلانٌ واهٍ بِمَرَّةٍ.
    • ما فيه اتهام بالكذب ونحوه: ومن ألفاظها: فلانٌ متهم بالكذب، أو فلانٌ مُتّهمٌ بالوضع، أو فلانٌ يسرُق الحديث، أو فلانٌ ساقط الحديث، أو فلانٌ متروك الحديث، أو فلانٌ ليس بثقة.
    • ما دل على وصفه بالكذب ونحوه: ومن ألفاظها: فلانٌ كذاب، أو فلانٌ دجال، أو فلانٌ وضَّاع، أو فلانٌ يكذب، أو فلانٌ يضع الحديث.
    • ما دل على المبالغة في الكذب: وهي أسوأ مراتب الجرح، ومن ألفاظها: فلانٌ أكذب الناس، أو فلانٌ إليه المنتهى في الكذب، أو فلانٌ هو ركن الكذب.
  • حكم هذه المراتب:
    • أهل المرتبة الأولى والثانية: لا يُحتَجُّ بحديثهم، ولكن يُكتب حديثهم للاعتبار فقط.
    • أهل المراتب الأربع الأخيرة: لا يُكتب حديثهم، ولا يُحتَجُّ به ولا يُعتبر.

المراجع

  1. "تعريف ومعنى الجرح والتعديل في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  2. "علم الجرح والتعديل"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  3. سورة الحجرات، آية:6
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1156، حديث صحيح.
  5. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4792، سكت أبو داود عن هذا الحديث وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  6. "الكلام على الجرح والتعديل باختصار"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  7. محمود بن أحمد بن محمود طحان النعيمي، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة 10)، صفحة 189. بتصرّف.
4084 مشاهدة
للأعلى للسفل
×