محتويات
الرسول
محمد بن عبد الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الهاشمي من قريش، خاتم الأنبياء والمرسلين، بُعث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو في الأربعين من عمره، أي ما يوافق سنة 610 ميلادية، وبدأت دعوة الإسلام بشكل سرِّيٍّ ثمَّ جاهر المسلمون بإسلامهم فتعرضوا للأذى والاضطهاد والتعذيب من قِبل المشركين، فواسى رسول الله أصحابه وتحمَّل معهم ما حلَّ بهم، وأمرهم أولًا بالهجرة إلى الحبشة ثمَّ إلى الحبشة مرة أخرى، قبل أن يأتي الأمر بالهجرة إلى يثرب لكلِّ المسلمين، فهاجر رسول الله ومن معه من المسلمين إلى يثرب، وهذا المقال سيتحدث عن مراحل هجرة الرسول إلى المدينة المنورة.
نبذة عن الهجرة النبوية
تعتبر الهجرة النبوية الشريفة حدثًا تاريخيًا عظيمًا وبداية للتأريخ الإسلامي الهجري، وهي حادثة تاريخية وعلامة فارقة في تاريخ الإسلام والمسلمين، فقد انتقل المسلمون مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من مكة المكرمة حيث قاسوا كلَّ أنواع العذاب والمعاناة إلى المدينة المنورة التي بدأ فيها المسلمون بإنشاء دولة إسلامية مستقلة بذاتها قادرة على الدفاع عن نفسها ضد المشركين الذين يترصدون بالمسلمين من كلِّ حدب وصوب، جدير بالذكر إنَّ عام 1 للهجرة يوافق عام 622 ميلادية، وقد استمرَّت الهجرة حتَّى فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة فكلُّ من هاجر في هذه الفترة سُمِّي مهاجرًا، والله تعالى أعلم.[١]
أسباب هجرة الرسول إلى المدينة
لم يكن قرار الهجرة إلى المدينة المنورة قرارًا عشوائيًا، فالنبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا ينطق عن الهوى، وإنَّما أوامره وحي من الله تعالى العليم الحكيم، ولذلك كانت أسباب هجرة الرسول إلى المدينة المنورة مع أصحابه كثيرة ومنطقية، ومن أبرز هذه الأسباب:[٢]
- عدم تقبُّل قريش للإسلام: لقد عارضت قريش الدين الجديد وحاربته ودعت الناس إلى مقاطعة المسلمين تمامًا، مع أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان شديد الحرص على دخول قومه في الإسلام إلَّا أن قريش أصرَّت على حرب المسلمين فلم تترك لهم خيارًا سوى الهجرة إلى المدينة.
- استعداد المدينة المنورة: لقي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عند العقبة في موسم الحج جماعة من الأنصار فدعاهم إلى الإسلام، وكانوا قد سمعوا بنبي آخر الزمان عند يهود المدينة فأسلموا، وفي العام التالي جاء إلى مكة اثنا عشر رجلًا من الأنصار، بعضهم ممن أسلم في العام السبق، فبايع هؤلاء رسول الله -صلَى الله عليه وسلَّم-، ثم وفي وسط أيام التشريق بايع عدد من الأنصار رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأخبروه أنَّ المدينة مهيّأة تمامًا لاستقبال المسلمين.
- الأذى الذي تعرض إليه رسول الله: لقد تعرَّض رسول الله لأنواع من الأذى والعذاب في الكلام وفي الأفعال، روى عبد بن الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: "بيْنَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي بفِنَاءِ الكَعْبَةِ، إذْ أقْبَلَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ فأخَذَ بمَنْكِبِ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، ولَوَى ثَوْبَهُ في عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ به خَنْقًا شَدِيدًا، فأقْبَلَ أبو بَكْرٍ فأخَذَ بمَنْكِبِهِ ودَفَعَ عن رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وقالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وقدْ جَاءَكُمْ بالبَيِّنَاتِ مِن رَبِّكُمْ}[٣]"[٤].
- العذاب الذي تعرض إليه المسلمون: عذَّبت قريش كلَّ من أسلم مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وخاصة المستضعفين منهم، فآل ياسر الذي تعرضوا للتعذيب الشديد والقتل، فكان سميَّة أم عمار بن ياسر -رضي الله عنها- أول شهيدة في الإسلام، وقد قتلها المشركون أثناء تعذيبها وتعذيب زوجها وولدها عمار.
مراحل هجرة الرسول إلى المدينة
هاجر رسول الله -صلَى الله عليه وسلَّم- رفقة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- إلى المدينة المنورة، وقد مرَّ أثناء هجرته بمراحل تُقسم بحسب المناطق التي سار فيها وتوقف عندها وبات لياليه فيها، وبناءً على هذا يمكن تقسيم مراحل هجرة الرسول إلى المدينة على الشكل الآتي:[٥]
- من مكة إلى غار ثور: في ليلة السابع والعشرين من شهر صفر في السنة الرابعة عشر للبعثة، اجتمع رسول الله -عليه الصَّلاة والسَلام- مع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وخرجا سرًا من مكة المكرمة باتجاه المدينة المنورة، ولكنَّ رسول الله تنبَّه إلى أنَّ المشركين سيسلكون الطريق الرئيس المتجه نحو المدينة وهو الطريق الشمالي، فسلك مع صاحبه الطريق الجنوبي وصولًا إلى جبل ثور وهناك أقاما في غار ثور.
- الإقامة في غار ثور: أثناء إقامة رسول الله وصاحبه في غار ثور، لحقت جماعة من قريش بهما ووصلتْ إلى جبل، وفي هذه الحادثة روى أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: "قُلتُ للنبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وأَنَا في الغَارِ: لو أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: ما ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا"[٦].
- وصول الرسول إلى المدينة: بعد أن نجا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأبو بكر الصديق -رضي الله عنه- من خطر المشركين في غار ثور، وصل رسول الله وصاحبه إلى خيمة أم معبد، فنزلا بها وسألا عن شيء من الطعام يأكلانه، فلم يجدا عند أم معبد إلَّا شاة هزيلة نحيفة لا لبن فيها، فمسح رسول الله بيده على ضرع الشاة فبارك الله فيها فحلبت وشرب الجميع منها، وبعد عذاب الطريق ومعاناة المسير وصل رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- وصاحبه إلى المدينة المنورة بإذن الله تعالى.
نتائج هجرة الرسول إلى المدينة
تعتبر هجرة الرسول إلى المدينة المنورة علامة فارقة في تاريخ الإسلام والمسلمين، فقد نتجت عنها نتائج عظيمة وكان لها آثار إيجابية كبيرة على المسلمين بشكل عام، وكانت بداية إنشاء الدولة الإسلامية الكبيرة التي حكمت الشرق كلَّه فيما بعد، ومن أهم نتائج هجرة الرسول إلى المدينة المنورة ما يأتي:[٢]
- إقامة دولة إسلامية عظيمة تضم المسلمين ويحكم فيها بين الناس بشرع الله تعالى.
- من نتائج الهجرة النجاة من بطش المشركين والإقامة في بيئة آمنة على المسلمين جميعًا.
- رسَّخت الهجرة النبوية مبدأ الإخاء بين المسلمين من خلال الأخوة العظيمة التي كانت بين المهاجرين والأنصار.
- أدت الهجرة إلى اجتماع المسلمين في بلد واحد دون أحقاد ولا أضغان، بل كان اجتماعًا صافيًا بقلوب صافية وتحت راية واحدة وهي راية التوحيد.
المراجع
- ↑ "الهجرة النبوية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 04-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أسباب ونتائج الهجرة النبوية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة غافر، آية: 28.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 4815، صحيح.
- ↑ "الهجرة النبوية الشريفة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 3653، صحيح.