الخط الفارسي
يعدّ الخط الفارسي من أبرز الخطوط العربية التي شاع استخدامها لدى الخطاطين في شرق العالم الإسلامي في القرن الثامن الهجري، وقد تعدّدت استخداماته في شتى مجالات الكتابة فاستعمل في رسم المصاحف والمكاتبات الرسمية والشخصية، وامتاز هذا الخط بجماله النابع من توازن حروفه وانسياب امتداداته والوضوح في كتاباته، ومزايا الخط الفارسي تجمع بين مزايا خط النسخ وخط التعليق، وقد سمي بالخط الفارسي لمّا ساد الاعتقاد بأن هذا الخط قد نشأ في بلاد فارس[١]، لدى انتقال الحروف العربية إليهم بعد الفتوحات الإسلامية، وإن كانت له جذور عربية تربطه بأنواع الخطوط الأخرى حيث استخلصه الخطاط حسن الفارسي من خطوط النسخ والرقاع والثلث[٢].
أنواع الخط الفارسي
تعدّدت أنواع الخط الفارسي تبعًا لطريقة رسم الحروف واختلاف مزايا الخط الفارسي بين كل نوع وآخر، وهذه الأنواع وإن بدت فارسية الأصل في تسمياتها، إلّا أنها تتصل اتصالًا وثيقًا بجذور عربية من خلال توافقها مع أنواع الخطوط الأخرى، ومن أنواع الخط الفارسي:[٣]
- خط الشكستة: وتجمع مزايا الخط الفارسي في هذا النوع بين خط التعليق والخط الديواني، وقد أقلع الخطاطون العرب عن استخدام هذا النوع نظرًا لصعوبة قراءة الكلمات المكتوبة فيه، وظل استخدامه محصورًا بين الخطاطين الإيرانيين.
- الخط الفارسي المتناظر: وهو خط استخدم بكثرة في كتابة الأيات القرآنية والأشعار والحكم المتناظرة في الكتابة، ويسمى خط المرآة الفارسي؛ لأن الخطاطين كانوا يطبقون آخر حرف في الكلمة الأولى مع آخر حرف في الكلمة الأخيرة.
- الخط الفارسي المختزل: وقد كتب به الخطاطون لوحاتهم التي تتشابه حروف كلماتها بحيث يقرأ الحرف الواحد بأكثر من كلمة ويقوم بأكثر من دوره في كتابة الحروف الأخرى وقد يكتب عوضًا عنها، ويوصف هذا الخط بصعوبته لكل من القارئ والكاتب.
- خط النستعليق: وهو عبارة عن مزيج بين خطي التعليق والفارسي ويعد وجهًا من وجوه تطور الخط الفارسي ومظهرًا من مظاهر الحضارة الفارسية، ومن أبرز الخطاطين الذين أبدعوا في رسم هذا الخط: هاشم الخطاط البغدادي، ومحمد بدوي الديراني.
مزايا الخط الفارسي
جعلت أنواع الخطوط وألوانها من الكتابة فنًا إبداعيًا يتجاوز قيمة محتواه المعرفي إلى قيم شكلية جمالية، حيث تجعل من النص المكتوب ما يشبه اللوحة التصويرية الفنية، وإن ابرز ما يميز أنواع الخطوط، المزايا التي يتمتع بها كل نوع منها، فمن مزايا الخط الفارسي:[٤]
- ميل الحروف من اليمين إلى اليسار في اتجاهها من الأعلى إلى الأسفل، وهي من أبرز مزايا الخط الفارسي وأشهرها.
- اختلاف عرض حروفه وبعض الحروف فيه تكتب بثلث عرض القطة.
- عدم تداخل الحروف وتشابكها في بعض أنواعه، بحيث تسهل قراءة الحروف في كثير من أنواعه.
- الجمالية الفنية النابعة من انسياب حروفه وامتداد كلماته.
- إمكانية تآلفه مع الخطوط الأخرى كخط النسخ والخط الديواني وخط الرقعة، حيث تتشابه مزايا الخط الفارسي في أكثرها مع أنواع الخط العربي المختلفة.
- قابليته للتشكيل والتحريك، حيث إن امتداد حروفه وانبساطها يتيح له إمكانية التشكيل دون أن يثير ذلك فيه التعقيد.
- سرعة انتشاره حيث استعمل لكتابة الرسائل الإخوانية و الرسمية بالإضافة إلى العناوين الرئيسة للكتب والشواهد القرآنية والشعرية.
- الدقة والأناقة وحسن التوزيع في رسم الحروف.
- الخطوط اللينة والمدورة فيه تمنحه جمالية إضافية نظرًا لقابليتها للرسم والزخرفة.
المراجع
- ↑ نصار محمد منصور، رائد الشرع، وائل منير الرشدان (18-04-2013)، "خط النستعليق الجذور التاريخية والخصائص الفنية"، المجلة الأردنية للفنون، العدد 1، المجلد 6، صفحة 260. بتصرّف.
- ↑ حسن حسن طه (2002)، قابلية التحوير كخاصية فنية في الخط العربي وكمدخل لإثراء التصميمات الزخرفية (الطبعة د.ط)، مصر: جامعة حلوان، صفحة 43. بتصرّف.
- ↑ "خط فارسي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-12-2019. بتصرّف.
- ↑ أحمد شوحان (2001)، رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث (الطبعة د.ط)، دمشق: اتحاد الكتاب العرب، صفحة 58. بتصرّف.